الربط السككي ينعش اقتصاد العراق ويحيي آمال “طريق الحرير”

يأمل العراق ان يكون له دورا محوريا في تجارة طريق الحرير بالنظر إلى موقعه الجغرافي الرابط بين آسيا وأوروبا مما سيفتح نافذة جديدة له لتوسيع قاعدته الاقتصادية، وتحقيق التنوع الاقتصادي فيه، وهنا يبرز اهمية مشروع ميناء الفاو الكبير والربط السككي.

وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قد اكد في عام 2015 أن المبادرة التي أطلقتها الصين بما تعرف باسم “استراتيجية الحزام والطريق تتضمن نحو ألف مشروع، منها ربط الدول الأوروآسيوية بنحو سبعين دولة مطلة على هذا الخط، وفي مقدمتها دول الشرق الأوسط التي يمر بها الطريق بشبكة من الطرق البرية والحديدية وخطوط الطيران، فضلا عن الأنابيب وشبكات الإنترنت، وهو ما يهيئ الظروف اللازمة للتنمية الاقتصادية.

ومع بدء العراق بأنشاء ميناء الفاو الذي سيكون نقطة الربط بين شرق آسيا وأوروبا بدأت الدول تتحرك نحو إنشاء ربط سككي مع العراق، ليتحول العراق إلى ممر للبضائع، وهو ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع، مما أثار تخوف بعض المختصين بالاقتصاد من هذه المطالبات لتأثير ذلك على ميناء الفاو .

اضرار الربط 

ويقول الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث ؛ ان “الربط السككي مع دول الجوار له خاصتين سلبيتين، اولهما انها ستقضي على ما تبقى من الصناعة الوطنية والزراعة لأن دول الجوار تنتج بتكاليف منخفضة جدا لا يستطيع الصناعي والزراعي العراقي ان ينتج بهذه التكاليف، كما أنه سيقضي على مشروع ميناء الفاو الكبير لأنه سيصبح عديم الفائدة” .

ويوضح المشهداني؛ ان “وجود موانئ تجارية كبيرة لبعض الدول على الخليج العربي كميناء جبل علي وبندر تقلل من أهمية ميناء الفاو”، مؤكدا ان “العائدات التي سنحصل عليها من ميناء الفاو في حال الانتهاء منها بشكل مباشر أو غير مباشر ليست بالكبيرة جدا على الرغم من حاجتنا الماسة إليه”.

طموح دول الجوار 

وظهرت طموح لدول الجوار بالربط السككي مع العراق سواء كانت للكويت او لإيران وآخرها كانت السعودية، إلا أن بعض هذه الطموحات تصطدم بمخاوف عراقية وخاصة الكويتية منها لا سيما مع قيام الأخيرة بإنشاء ميناء مبارك، والذي من الممكن أن يكون بديلاً عن ميناء الفاو العراقي، فيما أثارت الطموحات الايرانية مخاوف بعض المختصين أيضا وظهرت مؤخرًا نوايا جادة من الحكومة الإيرانية، للمباشرة بمشروع الربط السككي مع سوريا عبر الأراضي العراقية، وما اسمته وزارة النقل الإيرانية بـ”ربط الترانزيت”.

وبهذا الصدد أشار وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار إلى أن “الربط السككي بين العراق وإيران يشكل ضرراً كبيراً على الموانئ العراقية، مبينا ان الربط السككي سيفيد بشكل كبير الجانبين الإيراني والسوري، وسيتضرر العراق به”.

واضاف ان “السكك داخل ايران موجودة ما تحتاجه إيران فقط 32 كم ما بين خطوط السكك الحديد داخل أراضيها وصولاً إلى السكك الحديد العراقية (الشلامجة – بصرة)”.

بالمقابل، هناك دراسة للربط السككي بين العراق وتركيا، حيث لتكون بذلك الدولة الأولى التي ترتبط بالعراق من ناحية ربيعة التابعة لمحافظة نينوى إلى بلدة فيشخابور التابعة لمحافظة دهوك، وبطول 45 كيلومترًا.

ربط سككي لـ 10 مدن سعودية

وكشفت وزارة النقل السعودية قبل أيام عن مشروع يربط 10 مدن سعودية مع العراق، تربط الرياض والقصيم داخل المملكة، وتربط الشرق بالغرب، وتمر بينبع وميناء الملك عبد الله ومدينة جدة والرياض والدمام والجبيل ورأس الخير.

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني في حديث  ان “الربط السككي مع السعودية لا يثير المخاوف ويكون خطرها أقل من باقي دول الجوار خاصة أنه سيربط المناطق الغربية (مكة والمدينة) بالعراق وبالتالي فإنه من الممكن يكون تجاري وايضا للسياحة الدينية”، مستدركا بالوقت نفسه انها “بكل الأحوال هو المشكلة سيكون هناك تهديد للصناعة والزراعة العراقية”.

العابر والمستورد

ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث  ان “نوع الربط سلعي أو لنقل المشتقات النفطية او للمسافرين ومن أين يبدأ واين ينتهي وهل العراق محطته النهائية ام ان العراق محطة ترانزيت كل هذه التفاصيل ونوع التسهيلات التي يقدمها للحمولات السككية هي التي تحدد اذا كان الربط سيؤثر على الموانئ العراقية وقناته الجافة المزمع إنشاؤها”.

ويضيف ان “معاملة السلع الواردة معاملة المستورد وليس العابر سيكون محددا ومقللا لتأثيره على الموانئ العراقية اما اذا تم معاملتها على أنها سلع عابره يؤخذ عليها ترانزيت فقط فهي قطعا ستؤثر على موانئ العراق”.

ويوضح أن المشروع  الربط السككي التي أعلنت عنها السعودية والعراق بشكل عام لا يؤثر على القناة الجافة حيث انه سيكون التبادل التجاري بين البلدين وبالتالي سيقلل كلف النقل للبضائع بين البلدين ويشجع زيادة حجم التبادل التجاري ويزيد فرص إنشاء قطار مسافرين يعزز الفرص الاقتصادية ومن الممكن أن يكون هناك مستقبلا خط سككي سريع لأداء مناسك الحج والعمرة يقلل الكلفة ويختصر الطريق البري”، مستدركا في الوقت نفسه “عدم توسيعه ليشمل بلدانا اخرى حتى لا يصبح بديلا أو منافسا للقناة الجافة المقترحة”.

ويؤكد الخبراء حاجة العراق إلى عملية تطوير شاملة لشبكات النقل البري والسكك الحديد لكي يستطيع المنافسة والتحول إلى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر برياً عبر خطوط حديثة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.

النقل: تطوير السكك

من جهتها أكدت وزارة النقل أنها باشرت بتطوير السكك الحديد بالتزامن مع إنشاء ميناء الفاو، نظرا لأهمية الربط السككي مع دول الجوار من الناحية الاقتصادية.

ويقول مدير عام الشركة العامة للسكك الحديد العراقية طالب جواد الحسيني في حديث ؛ ان “الربط السككي الدولي يعتبر من الاهمية الاقتصادية حيث أن أي ربط سككي مع أي دولة مع دول الجوار سوف يحقق تنمية اقتصادية ويحقق إيرادات كثيرة للبلد سواء كان العراق أو الدولة التي تريد الربط السككي”.

واضاف الحسيني؛ ان “الربط السككي ويمثل ركيزة اساسية من ركائز لتطور البلدان وانتعاش الاقتصادي لما يمتاز بمزايا عديدة أول المزايا هو السرعة والأمان وثانيا ان الكميات التي تنقل عبر القطارات تكون كبيرة مقارنة بوسائط النقل الاخرى، اضافة الى ان الاسعار تكون تنافسية وبذلك تحقق الهدف المنشود سواء كان للجهة المستفيدة من البضائع أو الجهات الناقلة فضلا عن تشغيل أيدي عاملة كبيرة وإنشاء ساحات لتبادل البضائع على الحدود”.

وأكد الحسيني؛ أن “الشركة بدأت بتطوير شبكة السكك الحديدية بالعراق مع انشاء ميناء الفاو الكبير من خلال التعاقد مع إحدى الشركات العالمية لتطوير شبكة سكك الحديد بالكامل لايصالها لاوربا عن طريق تركيا”، لافتا الى ان “الدراسات تشير الى نجاح ميناء الفاو يتوقف بنسبة 33 بالمئة على تطوير شبكة السكك الحديدية”.

وأوضح ان “الدراسات والتصاميم والتنفيذ لتطوير شبكة السكك الحديدية تحتاج إلى أموال كبيرة لكون سكك الحديد هي بنى تحتية وتحتاج إلى فترة زمنية طويلة لتطويرها”.

وكان رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، قد أكد استقباله، المدير التنفيذي لشركة خطوط السكك الحديدية الألمانية “دويتشه بان” في أوروبا والشرق الأدنى والأوسط فينسنت فان هوتن على أهمية على أهمية المشروع الاستراتيجي للربط السككي بين محافظات الإقليم والعراق والدول المجاورة.

وشدد بارزاني خلال اللقاء على أهمية تنفيذ هذا المشروع الحيوي والاستراتيجي لبناء بنية تحتية اقتصادية متينة لإقليم كوردستان، وربط المدن والبلدات مع بعضها، وتعزيز التبادلات التجارية بين إقليم كوردستان وباقي مناطق العراق ودول الجوار والعالم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here