لايمكن ردع دولة من اللاعبين الخمسة الكبار،

 نعيم الهاشمي الخفاجي

بما أنا عربي وأتكلم اللغة العربية وانتمائي عربي لذلك ملزم أن أتابع الإعلام العربي البائس الذي ينقل أخبار مبالغ بها حول الأحداث العالمية، محطات اعلامية عربية ومنصات إلكترونية يستضيفون كتاب وصحفيين ومحللين سذج، يحللون بطرق بائسة، يحللون عن أحداث أوكرانيا وكأن الحرب قد وقعت، وفي الواقع الحرب لم ولن تقع وحتى أن وقعت فهي حرب محدودة ولا تصل إلى الصدام والقتال مابين روسيا النووية العظمى ومع الناتو، نعم  أنظار العالم تتجه نحو أوكرانيا، بسبب التضخيم والتهويل العالمي، الذي جعل من الرئيس الأوكراني نفسه يقول أن الأخبار مبالغ بها وسببت رعب للمواطنين في بلاده، وأنه لا توجد مؤشرات لوقوع حرب.

العالم يشهد صراع ما بين الدول العظمى لإعادة رسم العالم وصياغة وإيجاد نظام عالمي جديد يضمن مصالح الدول الكبرى الخمسة العظمى أسياد العالم في تقاسم مناطق النفوذ.

التهويل والتضخيم الاعلامي جعل العالم في انتظار ما يقرره  القيصر الروسي فلاديمير بوتين إزاء جارة روسيا الغربية أوكرانيا، والتي تربط روسيا بها روابط قومية وثقافية ودينية قوية، مواقف روسيا المتشددة لا تريد انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو لأنها تعتبر ذلك خطرا عليها، وفي التأكيد بنهاية المطاف يتم اخذ الاعتبار بالمطالب الروسية من قبل دول الناتو.

أغرب نكتة مستكتب بدوي ربط تشدد روسيا بسبب خروج مظاهرات في كبريات الدول الغربية  لمناهضة للتلقيح ضد الفيروسات وفي طليعتها «كوفيد – 19».

يقول هذا المحلل فلتة زمانه، في دول لم تكن في قلب المعمعة مع الفيروس قبل أشهر قليلة، مثل كندا ونيوزيلندا، يقطع المتظاهرون المناهضون للتلقيح الطرق ويشلون الحياة الطبيعية ويدفعون الساسة إلى زاوية خيارين: إما الاستسلام لشعبوية متطرفة معادية للعلم… أو ممارسة الحكومات واجبها بالحفاظ على صحة المجتمع والأمن العام وسيادة القانون.

يبدو لي كمراقب، أن ثمة صلة وثيقة بين عرض «سيد الكرملين» عضلاته على الحدود الروسية الأوكرانية وتزايد الضغط الشعبَوي في الغرب ضد التلقيح.

شر البلية ما يضحك، وما علاقة المظاهرات، من حق هذا الغبي الجاهل أن يبني تحليلات ساذجة لأنها نتاج بيئة جاهلة تعيش في العبودية والخنوع والذل ليومنا هذا، يعتبر حق التظاهر جريمة، ويعتبر التظاهر ضد العلم والمعرفة وهو لازال يعيش أشبه بمعيشة البهائم لايهمها سوى علفها فقط.

القيصر بوتين أعاد هيبة روسيا  بعد مهانة سقوط الاتحاد السوفياتي، مواقف بوتين وخطاباته  وتهديداته ليس لكي يشعل حرب عالمية نووية وإنما يريد حصة روسيا كقوة عظمى من العالم، عبر تاريخ البشرية الأمة الروسية تحطمت على حدودها جيوش امبراطوريات وآخرها سحق قوات الدكتاتور الألماني النازي هتلر وكسر شوكته لكن دول الغرب تسابقوا الزمن معه للسيطرة على أوروبا الغربية وإلا ستالين كاد يحكم كل القارة الأوروبية بعد ان حطم قوات هتلر وانفتحت له كل ابواب دول أوروبا الغربية.

القيصر بوتين، لم يكن شخصية ساذجة بل هو سياسي وضابط مخابرات سوفياتية مخضرم ، نتاج تنشئة مجتمعية كانت تقود العالم والقطب الشرقي السوفياتي، بوتين ابن افضل  مدينة روسية وهي مدينة بطرسبرغ، المدينة التي أسسها بطرس الأكبر عظيم القياصرة الروس ونافذة روسيا الحدودية على الغرب الأوروبي.

 هي المدينة التي جلب لها مؤسسها خيرة المهندسين والمصممين الأوروبيين وجلّهم من إيطاليا كي ينافس بجمالها وفخامتها أعظم الحواضر الأوروبية. من هذه المدينة انطلقت الثورة البلشفية، من نفس هذه المدينة ولد الزعيم الشيوعي لينين وسميت المدينة في اسمه تيمن به  فسميت  لينينغراد.

وبعد بلوغ بوتين سن الشباب انتقل

بوتين الى مدينة موسكو التي كانت  عاصمة الأتحاد السوفيتي،  موسكو رمز الثنائية القطبية التي هيمنت على العالم بين 1945 و1990، وقاعدة تصدير تجربة الصراع العقائدي بين الشرق والغرب… والشمال والجنوب، التي أسهمت بصورة أو بأخرى في انهيار نمط الاستعمار التقليدي و ساعدت في تحرير العديد من كيانات ما بات العالم الثالث.

بكل الأحوال بوتين كان ضابط مخابرات سوفياتي في ألمانيا وشاهد سقوط الاتحاد السوفياتي لم يصيبه الخنوع، بل جعل من كارثة سقوط السوفيت قاعدة لكي ينطلق إلى جعل روسيا الاتحادية أقوى من روسيا السوفياتية، كانت خيرات روسيا تصرف بشكل مجاني لدول الاتحاد السوفياتي والمعسكر الأوروبي الشرقي، أما الآن خيرات روسيا للشعب الروسي فقط.

العالم تحكمه المصالح، الديمقراطيات تطبق في أوروبا ونفس الزعماء الديمقراطيين الليبراليين لايتحرجون في دعم أنظمة بدوية فاشية متخلفة تنشر الإرهاب والتطرف والكراهية والقتل في دول الشرق الاوسط، عالم تحكمه مصالح، في الانتخابات الأخيرة رأينا كيف ترامب حاول ضرب المفاهيم الديمقراطية التي كان يتشدق بها وحرض جماهيره لرفض نتائج الانتخابات وبنفس عقليات ساسة دول شرق أوسطية تجرى بها انتخابات برلمانية، ايضا صرخ ترامب مثلهم في القول بتزوير نتائج الانتخابات ………الخ.

 

تم استخدام وسائط التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني في اضلال شعوب وخاصة الشعوب الفقيرة التي تعيش تحت ظل أنظمة متخلفة نصبها الاستعمار وتحاول الخروج من الوضع البائس من خلال المطالبة في العدالة والمساواة والحياة الديمقراطية، ومن المؤسف السيطرة على الإعلام بالعالم العربي بات لأنصاف مثقفين وجهلة، وجماعات محترفة في التدليس والخداع وللأسف المصلحي، رؤوس عفنة  تحرّكها استخبارات محلية واقليمية ودولية، تم تخصيص ميزانيات ضخمة ومن خلال  المصالح المالية تم دعم فئات عميلة أصبح لها  نفوذ قوي لقلب الحقائق، من مصلحة البشرية وجود قوى عظمى متعددة للخلاص من سيطرة وجشع واجرام القطب الواحد الذي فقد الإنسانية والأخلاق واستهدف تدمير وقتل شعوب لا تسير في فلكهم.

أن المعركة  التي يخوضها  القيصر بوتين في إسقاط  الأحادية القطبية بالتأكيد يحظى بدعم الكثير من الدول المتضررة من انفراد قطب واحد جشع ظالم فاقد للأخلاق بتعامله مع كل الشعوب التي ترفض الذل والانبطاح والتطبيع …..الخ.

وضع العرب بائس ليس لهم مكان في خارطة رسم الصراعات العالمية بل هناك حقيقة، يمكن وصفها بشكل مختصر، ‏الفرق بين المسؤول العربي والأوروبي كالفرق بين الحمام العربي والأوروبي.

إذا أردت أن تغير المرحاض الغربي تقوم بفك 4 براغي فقط، أما إذا أردت تغيير المرحاض العربي لابد أن تقوم بتكسير الحمام والارضية والسيراميك يعني لازم تدمر البلاد كلها حتى تغير المسؤول العربي أقصد المرحاض العربي.

في الختام أسلوب الردع والتأديب تستخدم مع حكام شعوب العالم العربي وبعض الدول الإسلامية حيث رأينا قيام دول كبرى في احتلال بلدان عربية وتأديب رؤساء عرب بطرق مذلة، منهم صدام الجرذ فارس الأمة العربية، استخرجوه من عرينه الواقع بالقرب من تكريت وجنوب بيجي من حفرة الجرذان، استخرجوه وهو متسخ قذر نتن جسمه مليء في القمل، وضربا بالقنادر والبساطيل، لكن هذا النموذج لا يمكن استخدامه ضد دول كبرى نووية، في نهاية المطاف تجتمع الدول الكبرى ويتم تقاسم العالم فيما بينهم بعيدا عن إشعال حرب عالمية ثالثة.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

15/2/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here