أستفاق ( الدب الروسي ) من سباته

أستفاق ( الدب الروسي ) من سباته

لم تكن التحركات و التحشدات العسكرية الروسية و التلويح بالتدخل العسكري المباشر في ( اوكرانيا ) المجاورة في محاولة أثبات روسية على المكانة العالمية للقوة العظمى و التي ورثته روسيا ألأتحادية من ( ألأتحاد السوفييتي ) و بعد ذلك التراجع و فقدان ألأصدقاء و رحيل الحلفاء و انتزاع أغلب النفوذ المهمة للأتحاد السوفييتي و خصوصآ في اوربا الشرقية و دول الشرق ألأوسط حيث اقترب كثيرآ الغرب ألأوربي و بقيادة أمريكية من الحدود الروسية في تهديد مباشر للأمن القومي الروسي و في ( اوكرانيا ) الخاصرة الرخوة للأتحاد الروسي جعل القيادة الروسية تستنفر قواها العسكرية و التي لا يمكن ألأستهانة بها مطلقآ و مهما كانت الدولة الروسية من ضعف ألأمكانات ألأقتصادية الا انها تبقى قوة نووية ذات قدرات عسكرية هائلة يحسب لها اكثر من الف حساب .

استفاقة ( الدب الروسي ) الجريح و التي تنذر و تبشر بعصر جديد بين القوى العظمى المتحالفة و التي كان حلف ( الناتو ) و مازال يشكل التحالف الغربي القوي و المتماسك و الذي استقطب العديد من دول اوربا الشرقية حين انفرط عقد ( ألأتحاد السوفييتي ) و الكتلة الشرقية المتحالفة معه في مقابل تحالف جديد تتشكل ملامحه و تتوضح اكثر بين ألأتحاد الروسي و الصين الشعبية القوة ألأقتصادية و العسكرية الصاعدة و الواعدة و التي تتنافس مع الغرب و امريكا بشكل قوي و مؤثر في مجالات التصنيع و التكنولوجيا المتطورة و الرخيصة نسبيآ حيث غزت البضائع و المنتوجات الصينية اغلب بلدان العالم و من ضمنها امريكا و اوربا .

ألأستهانة بالوريث الشرعي للأتحاد السوفييتي ( روسيا ألأتحادية ) لا يمكن ان يستمر طويلآ فبعد ( ألأستيلاء ) على مناطق نفوذ ( ألأتحاد السوفييتي ) في العراق و ألأحتلال ألأمريكي الذي اطاح بالنظام العراقي السابق الحليف المتذبذب للسوفييت و كذلك كان لحلف الناتو الدور البارز في اسقاط نظام ( معمر القذافي ) في ليبيا و الذي كان بدوره حليفآ للأتحاد السوفييتي على شاكلة النظام العراقي السابق و كان التدخل ألأمريكي القوي و دعم المعارضة السورية المسلحة في محاولة جادة في العمل على اسقاط حكومة الرئيس السوري ( بشار ألأسد ) الحليف الثابت للأتحاد السوفييتي السابق و للأتحاد الروسي اللأحق قرع ناقوس الخطر و دق جرس ألأنذار .

كانت قاعدة ( حميم ) الجوية الروسية و كذلك القاعدة البحرية في ( طرطوس ) رسالة الى الغرب و امريكا في ان ( سوريا ) هي خط احمر لا يمكن المساس به بالنسبة للمصالح الروسية في المنطقة و اذا كان ( الروس ) قد تنازلوا طوعآ او ضعفآ في مراحل و فترات زمنية سابقة عن مناطق نفوذ كانت تحسب لهم الا ان وجودهم في ( سوريا ) هو وجود استراتيجي لا يمكن التنازل عنه و لعشرات من السنين القادمة مدة العقد الموقع بين الحكومتين الروسية و السورية و القابل للتجديد و التمديد في ضمان للتواجد الروسي العسكري و حماية المصالح الروسية في البحر ألأبيض المتوسط و الذي يعج بدول حلف الناتو و كذلك بالقرب من الخليج العربي حيث دول النفط العربية المتحالفة مع امريكا .

التهديد بأجتياح ألأراضي ألأوكرانية و التحشيد الروسي العسكري الضخم على الحدود و ان وقعت الحرب و هذا ألأمر مستبعد فليس من الحكمة و الحنكة السياسية عند المسؤولين الروس ألأنجرار الى ألأستفزازات ألأوكرانية و الدخول في مغامرة عسكرية غير محسوبة العواقب و النتائج و قد تكون كارثية على المجتمع الروسي اقتصاديآ و سياسيآ و حتى عسكريآ اذا ما تدخلت امريكا و حلف الناتو في الحرب المحتملة و مازال عناد و تعنت الرئيس العراقي السابق ( صدام حسين ) و عدم انسحابه من الكويت ماثلآ و ما ادى ذلك ألأجتياح و من ثم عدم ألأنسحاب و التراجع من مآسي و كوارث على الشعب العراقي وما زالت آثاره تجثم و تثقل على صدور العراقيين مع الفارق الكبير و الواسع بين القدرات و ألأمكانيات العراقية و الروسية .

استدار العالم كله فجأءة نحو ( روسيا ) و بالتحديد الى الحدود الروسية ألأوكرانية حيث المواجهة المحتملة و هذا هو المهم في هذه ألأزمة ألأنتباه الى وجود قوة نووية عظمى من مقولة ( نحن هنا ) لها مصالح و منافع و علاقات في مختلف بقاع العالم و بالأخص تلك القريبة من الأراضي الروسية حيث لا يمكن السكوت و التفرج على تهديدات دولة صغيرة و غير مؤثرة مثل ( اوكرانيا ) و التي تطال دولة هي وريثة ( ألأتحاد السوفييتي ) و تمس الكبرياء و الكرامة الروسية و كذلك هي رسالة واضحة للأمريكان بالتوقف عن التدخل العسكري السافر في الشأن السوري بأعتبار ان الحكومة السورية المعترف بها امميآ و هي حليف استراتيجي و مهم للأتحاد الروسي و ان ( سوريا ) تعتبر منطقة نفوذ روسي لا يمكن التنازل عنها و مزاحمة ألأمريكان هناك غير مبرر و غير شرعي بأعتبار ان القوات ألأمريكية لم تحصل على دعوة من الحكومة السورية للحضور و التواجد هناك على عكس القوات الروسية و التي جاءت تلبية لدعوة من الحكومة السورية و المنطق السياسي يقول ان هددتم مصالحنا هناك فأن مصالحكم هنا تحت التهديد فنحن قوة نووية ايضآ فلنقتسم العالم و كفى الله المؤمنين شر القتال .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here