الرياضة كوسيلة لتحقيق الإدماج الاجتماعي وتعزيز الحوار بين الأديان

 بقلم سكينة الخرديوي، منسقة ميدانية-برنامج ذاكرة
أصبحت الرياضة أداة مهمة لتعزيز التضامن والتفاهم المشترك، فهي لغة عالمية تتعدى كل الحواجز الاجتماعية-السياسية وتمتاز بالقدرة على توحيد الناس من مختلف الخلفيات الدينية والثقافية والاجتماعية، بحيث يمكن من خلالها نشر رسائل التآزر الاجتماعي.وقد تم التأكيد على الدور الحيوي الذي تلعبه الرياضة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد القرار 70/1 الصادر في 25 سبتمبر 2015، والذي ينص على ما يلي: “الرياضة هي أيضاً من العناصر التمكينية المهمة للتنمية المستدامة. ونعترف بالمساهمة المتعاظمة التي تضطلع بها الرياضة في تحقيق التنمية والسلام بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام ومساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات وفي بلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي.”

فريق ملاح فاس يستلم الجائزة. فبراير 2022. الصورة بعدسة: سكينة الخرديوي/ HAF
وعيا منها بالدور الحيوي للرياضة في تعزيز التفاهم بين الأديان، نظمت جمعية ميمونة في 3 فبراير بطولة الملاح لكرة القدم بمدينة الرباط. ومن خلال المشاركة في هذا النشاط الرياضي، أتيحت الفرصة لأربعة فرق من ملاح فاس، والرباط، ومراكش والصويرة لاستكشاف غنى وتنوع التراث الثقافي المغربي.اعتمدت الفرق الأربعة نفس أسماء فرق كرة القدم المغربية اليهودية القديمة من خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بما فيها اتحاد مراكش (ألينس مراكش) واتحاد الرباط (ألينس الرباط)  واتحاد الصويرة (ألينس الصويرة) ونجمة فاس (إتوال دو فاس).ولم يكن ملعب كرة القدم مجرد مساحة ترفيهية، بل بات منصة للحوار والتعلم والاكتشاف والتآزر. إضافة إلى ذلك، كرم الحدث شخصيتين مغربيتين بارزتين في مجال كرة القدم: محمد عروبة وجاكو أزافراني الذي وافته المنية أسبوعين قبل احتضان البطولة.
كما تضمن البرنامج زيارة إلى كنيس تلمود توراة تحدث خلالها عبد الحق الكوكبي، الأمين العام لجمعية ميمونة وعضو الطائفة اليهودية، عن المعتقدات والعادات والتقاليد اليهودية. وقد أبان المشاركون عن اهتمام خاص بأوجه التشابه والاختلاف بين الديانتين اليهودية والإسلامية، بحيث طرحوا أسئلة مختلفة وانغمسوا في المحادثة مما يعكس انفتاحهم واستعدادهم لتقبل الاختلاف.عند مغادرتنا الكنيس، اقترح أحد المشاركين قراءة الفاتحة على روح الفقيد جاكو أزافراني، لاعب كرة قدم يهودي مغربي بارز، والذي توفي في 16 يناير 2022 أسبوعين قبل تنظيم البطولة التي تحمل اسمه.

المشاركون يقرؤون سورة الفاتحة على روح الفقيد جاكو أزافراني خلال زيارة لكنيس تلمود توراة. فبراير 2022.الصورة بعدسة: سكينة الخرديوي/ HAF
شكلت الفرق دائرة وسط الكنيس وشرعوا في تلاوة الفاتحة ترحما على روح الفقيد ثم انصرفوا في صمت. وقد شكلت تلاوة الفاتحة داخل الكنيس بحضور عضو من الطائفة اليهودية مشهدا مهيبا وتجسيدا حقيقيا للوحدة والتكامل وكانت دليلا على أن الإنسانية هي القاسم المشترك بين مختلف الأديان.اختتم الحدث بجولة قصيرة في ملاح مدينة الرباط أتيحت خلالها للفريقين فرصة استكشاف أزقة الملاح الضيقة ومقارنة مميزاتها بتلك التي تميز أحياء ملاح مدنهم.
سكينة الخرديوي هي منسقة ميدانية لبرنامج ذاكرة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمدينة الرباط. يهدف برنامج ذاكرة، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير وشركاؤها، إلى تعزيز التضامن بين الأديان وبين الأعراق من خلال الجهود المجتمعية التي تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي في المغرب.تم إنجاز هذا المقال بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تعتبر مؤسسة الأطلس الكبير المسؤولة الوحيدة عن محتواه والذي لا يعكس بالضرورة وجهات نظر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو حكومة الولايات المتحدة.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here