في الذكرى السنوية الأولى لوفاة حجة الإسلام والمسلمين السيد علي عبد الحكيم الصافي (قد)

Image preview

                                     الكاتب فؤاد المازني

اليوم وبعد عام على رحيلك إيماناً وإحتساباً بقضاء الله وقدره  لازلت هنا ولازلنا في حضرتكتجليات روحك الطاهرة تحوم في الأرجاء وطيف خيالك مرسوم في كل مكان وصدى صوتك لازال يناغم الأسماع وشعاع بصرك يتابع الأحداث وكأنك هنا فروحك تبحر معنا في مجريات حياتنا التي وضعت بصماتك التربوية في جوانبها وإرشاداتك لم تبارح عقولنا ومسيرتك الغراء لازالت تؤتي أكلها وذكرك العطر تلهج به الألسن وأنفاسك الأبوية ورعايتك تملئ الأفكار وتعبد خطى المحبين والمريدين .لازلت سيدي أبا حسنين بيننا رغم مرور عام على غياب شخصك المادي التي قدر الباري جل في علاه ليرحل إلى الأجل الذي لابد منه  ، وبالرغم من الفراغ المادي الذي تركه مكانك في محرابك وديوانك ومسجدك ولكن روحك لازالت ترفرف باجنحة الحب والود والرعاية وتظلل بعنايتها المعهودة على كل من عرفك وجالسك وشنف أسماعه بتوجيهاتك السديدة وتبنى إرشاداتك القيمة حتى يخيل إليه في عوالم المعرفة والإدراك والبصيرة أنك موجود وحاضر كما بالأمس القريب وماهي إلا فسحة قليلة من الغياب لتعود من بعدها  وربما ينتاب أحدهم الشك الباطني والسؤال المحير والحقيقة المغيبة والقناعة بالحدث أنك رحلت إلى عالم الآخرة .مولاي أبا حسنين شعور لا إرادي وإحساس مرهف يقبع في أعماق الفؤاد ماأن يغيب حيناً إلا ويعود أدراجه على عجالة بأننا لازلنا في حضرتك تجالسنا وتتحدث إلينا وتنظر حواليك على من حضر وتتفقد من لم يكن بين الحضور وتسأل عن هذا  وأحوال ذاك وصحة من غاب وسلامة من عاد ودعواتك المستدامة على من مسه الضر وإنتابه المرض وإسراعك في زيارة هذا ومشاركة ذاك في أفراحه وأتراحه .بين الفينة والأخرى يتخيل لمحبيك أنهم ينتظرون حضورك وستأتي لتدخل محراب صلاتك لتؤم المصلين ،  ومنهم من يجلس في ديوانك آملاً بعودتك فأي شعور هذا وأي إحساس يختلج صدور مريديك ومحبيك وأتباعك ؟ وأي علاقة جسرتها وتبنيتها وأنشأتها وعكفت على ترسيخها  ؟  سيدي لقد كرست جل حياتك في تأديب وتعذيب النفوس وتشذيب الأفكار ونشرت أصدق المعاني في الأخاء والمودة والتعاون والعدالة وحب الخير للآخرين على إختلاف مشاربهم  وجسدت بمسيرتك النيرة الأخلاق الرفيعة وأنبل المواقف في التواضع والإحترام وشيدت أسس العمل الحوزوي وحلقات التدريس والمشورة في البصرة الفيحاء ، وكنت السراج المضيء طيلة سنين عمرك المحفوفة بالعطاء والملاذ الأول لكل طارق وديوانك محط رحال كل شاردة وواردة وملتقى أطياف المجتمع  ينهلون من حكمتك وموعظتك وخلال العقدين الأخيرين بان شعاع فنارك في الإرشاد والتوجيه لكل قاصي وداني في المجالات كافة وعلى جميع الأصعدة ثقافياً وإجتماعياً وسياسياً وكنت قطب الرحى في كل مجريات الأحداث لتعيد بوصلتها نحو الصواب والرشاد .سيدي أبا حسنين نستذكرك اليوم لا عن نسيان أو غياب بل نخط كلمات نؤرخ فيها مرور عام على فقدك كأنه يوم او بعض يوم . جاء عن الإمام الكاظم (عليه السلام) عن آباءه الطاهرين آنه قال : إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد بأعماله فيها ( ميزان الحكمة – محمد الريشهري – الجزء الثاني – صفحة ١٦٧٥)  وبرحيلك نشاطر الملائكة البكاء ومواضع الأرض التي كنت عليها وأبواب السماء التي عرجت أعمالك وروحك الطاهرة إليها وبكتك القلوب قبل العيون طيلة عام مر كلمح البصر وإن كانت راضية بقضاء الله وقدره لكن فراق الأحبة صعب  أعاننا الله وأمدنا بالصبر والسلوان  وإنا لله وإنا إليه راجعون ، إن كانت الدنيا ممنهجة على الفراق فإنا مؤمنون بأن الجنة ممنهجة على اللقاء  رحمك الله سيدي ورحمنا معك وجمعنا الله وإياك سيدي في جنة الخلد مع أجدادك الميامين ومع إخواننا المؤمنين .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here