بعض المثقفين و مشكلة الحداثة

 بعض المثقفين من مشكلةٍ هائلةٍ فيما يخص الظواهر التجديدية،إذ إنّهم يحسبون ما إستجد لا قيمة له و هم في هذا يقلدون إبن الإعرابي حين وصف شعر ابي تمام و ابي نؤاس  بإنه” مثل الريحان يشم يوماً ويذوي ، ثم يرمى به ، وأشعار القدماء مثل المسك والعنبر ، كلما حركته أزداد طيبا.”

و المثير  إن هؤلاء الناس يبحثون عن أصالة مثالية تنبع جذورها من الماضي،و تقبع أسسها فيه , ناسين أو متناسين إن لكل مرحلة و فنها و ناسها و لا يمكن أن يكون هناك تماثل أو تقارب مرحلي البتة ؛ نتيجة لإختلاف الظروف السياسية و الإجتماعية بالمجمل في كل مرحلة.

هذه الفئة متناقضة ذاتيا، إذ إنها تدعي التجديد في مجال ما و ترفضه في مجال آخر،وفقا لذائقتها و مزاجها.و هذا إن دل على شيء فأزعم نظريا إنه يدل على إن المجال الذي يرفضون التجديد فيه،هم أنفسهم لديهم مشاكل معينة في التأقلم معه و بهذا فالأمر لا يتعلق بالمنتقَد بل بسلوك المنتقِد من أوجهٍ ما.

و يصدق على آرائهم هذه ما قاله أبو الشمقمقالصِدقُ في أَفواهِهِم عَلقَموَالإِفكُ مِثلَ العَسَلِ الماذي

وَكُلُّهُم في بُخلِهِ صادِقٌوَفي النَدى لَيسَ بِأَستاذِ

و بالتالي يمكن أن تُعد آرائهم حول التجديد صادقة و لكنها عمليا بلا جدوى.إذ إنّ جُل تركيزهم هو نقد ما يسمى بالشعر الهابط،و الأغنية الهابطة،مقارنين شعر أُنسي مثلا بشعر المتنبي و أغنية سيف نبيل ب أغنية عبدالحليم و هلم جرا.و هنا المقارنة بلا دراسة مفصلية للمزاج الاجتماعي هي مقارنة فارغة،و ليس لها أي قيمة.

كمال أنمار

بابل / العراق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here