المرأة في القرآن الكريم (الحلقة الثانية عشر) (الطلاق ابغض الحلال 2)

الدكتور فاضل حسن شريف
يقول الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم (أبغَضُ الحلالِ إلى اللهِ الطَّلاقُ، ما أحلَّ اللهُ شيئاً أبغضَ إليهِ من الطَّلاقِ)، و (تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش)، و (ما من شئ أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة، يعني الطلاق).
جاء في سورة الطلاق قوله تعالى “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ (6) لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)” (الطلاق 1-7).
ان احكام الطلاق توضحها سورة الطلاق وقد ابتدأت الايات بالنداء الى الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم لانه المرسل الى امته ليبين لها الاحكام “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ” (الطلاق 1). وللعدة مدة محددة شرعا حيث تقعد المرأة عن الزوج خلال هذه الفترة “إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ” (الطلاق 1) ويتطلب حساب فترة العدة التي خلالها على الزوج الإنفاق على زوجته وحق رجوع الزوج إلى زوجته كما ذكرنا في الحلقة السابقة عن سورة البقرة. وعدم إخراج الزوجة خلال هذه الفترة “لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ” (الطلاق 1) ولا يخرجن بأنفسهن أيضا إلا ان يأتين بفاحشة مبينة. وهذه حدود الله يجب الالتزام بأحكامها كما ورد أيضا في سورة البقرة. ولعل خلال هذه الفترة يرجع الزوج إلى زوجته “لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا” (الطلاق 1). والامساك والفراق تم التطرق إليهما في سورة البقرة في الحلقة السابقة “فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ” (الطلاق 1).
ويتطلب الطلاق وجود شهود عدول “وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ” (الطلاق 2). وهذه من شروط المؤمن “ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ” (الطلاق 2). فالذي لا يلتزم بالشروط له حساب أخروي ايضا. فالملتزم هو المتقي ويجعل الله له مخرجا ويرزقه “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ” (الطلاق 2-3).
وعند حصول شك في اليأس من المحيض بسبب الكبر أو المرض فعدتهن ثلاثة أشهر “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُر وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ” (الطلاق 4) الارتياب يعني الشك، واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر ثلاثة أشهر أيضا. واما الحامل فعتدتها حتى وضع الحمل “وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ” (الطلاق 4). واتباع أحكام الله تدخل في تقوى الله “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا” (الطلاق 4-5). والتقوى عكس الكبائر فلهذا فان خرق هذه الأحكام تعتبر من الكبائر.
واسكنوهن حسب مقدرتكم وتمكنكم “أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ” (الطلاق 6) الوجد يعني التمكن والوجدان يعني الامكانية والغنى، بحيث لا يحصل ضرر بسبب التضييق عليهن في السكن “وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ” (الطلاق 6). والنفقة تستمر حتى الحمل ثم أجور الرضاعة وذلك بالتشاور بالمعروف “وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ” (الطلاق 6) الائتمار يعني التشاور. وإذا كانت الأم لا تستطيع الرضاعة فترضع مرضعة أخرى “وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ ” (الطلاق 6). ويتطلب السعة في الإنفاق حسب الامكانية ” لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا” (الطلاق 7) والذي لديه امكانية فعليه ان لا يبخل لعل الله يجعل بعد العسر يسر.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here