غزوة أوكرانيا 

غزوة  أوكرانيا 
 
سوف أتحدث معكم  هذه  المرة  عن حقيقة مُرة  ، عن  الغزو في هذا الظرف بالذات  كيف ولماذا  ؟ ؟  ، والواجب يتطلب الإعلان  وبوضوح  رفضنا لهذه  الحرب بكل متبنياتها  ، رفض  في المطلق  ورفض للمروجين   لها   والداعمين   ، لما تحمل من ألم ومعاناة ودمار يصيب الحياة  والمستقبل  ، ناهيك عن إنها  في نفسها  نزوع ضد الإنسانية  والحرية والعدل . 
ودعونا نوظف هذه المواقف   من أجل بيان  حقيقة  هذه الحرب الجديدة في أوكرانيا  ،   وهل هي تستهدف  أوكرانيا حقيقة أم أن لها بُعداً تالياً  ؟   ،  وهذا يتطلب الحرص  والتأني  قبل  التنديد   ،  وليس من الحكمة   الإتهام دونما قراءة  موضوعية  في سجل العلاقات الدولية   ،  وطموح جميع  الأطراف ذات الشأن في هذا الموضوع   ،   كذلك  يجب  أن نسجل للتاريخ :  إن الجميع هناك   مخطئون  في هذه الحرب   ،  وكان عليهم  تلافي  نشوبها   عبر الوسائل الصحيحة  الممكنة   ،   وذلك  لعلمنا  إن ما  يستتبع هذه  الحرب  من كوارث ستطال العالم بأجمعه ، إن أستمرت  وقتاً  من الزمن  طويل   . 
قد يقول قائل   :  ان هذه الحرب  هي  مستنقع  قذر   تم  التخطيط له بعناية ورفق  ،  وذلك  من خلال  إغراء  روسيا  وأستفزازها   للدخول فيها   ، من أجل تحطيمها  عسكرياً  ومادياً  وإقتصادياً  وإجتماعياً  وعلى المدى  القريب و البعيد  ،  وهذا الإمكان  لو  تخيلناه  على المستوى الذهني والنظري  فهو  واقع  بحسب المنطق السياسي   . وسؤالنا  هو  :  كيف  يمكن  أن  يكون  عليه  حال المجتمع الروسي والأوكراني  في ظل هذا  التصور  ؟  ،   والجواب  :  ببساطة  سيكون الحال متعب وممل  وأن  الضرر الذي سيلحق بهما  كبير وكبير جدا  ،  ولا أحد  سيكون راحماً  غير بضع كلمات من التعاطف  والتنديد والشجب  ،  هذا من جهة  ومن جهة أخرى   . 
وقد يقول قائل :  إن لهذه الحرب بُعداً أخر  غير هذا   ،  هو هناك  حيث  يتعلق بتنامي دور الصين  التجاري والإقتصادي  وحضورها العلمي والتكنولوجي ، وإنها أي الحرب هي المقدمة لعزل الصين وتحديد قوتها   ،  من خلال إلهاء روسيا في متاعبها ومشاغلها الداخلية ، ومنعها من أن تكون داعماً لها  أو مؤيد لها   ،  فاليوم  وبحسب منطق العقوبات الدولية  يُمنع التجار ورجال الأعمال الصينيين من التعامل مع روسيا  الآن   ومن لم يلتزم بذلك تطاله يد العقوبات الصارمة  و المتعددة  ،  ومن جانب أخر  الصين  كدولة  لم يكن لها مواقف  جريئة فيما يخص  الجانب الدولي  ،  وهي لم تتدخل في الكثير من القضايا وذلك حفاظاً على مصالحها وخوفها من يد العقوبات   . 
هذا  الرأي يمكننا تصويبه   من جهة   في ظل ما يُحكى وما يُقال منذ  زمان في هذا الصدد ،  ولعلنا لا ننسى تلك التحذيرات المتكررة من السيد هنري كيسنجر ، الذي خص في مقالات ولقاءات خطر الصين المستقبلي على العالم الغربي . 
أذن فغزوة  أوكرانيا  يجب ان نضع تحتها مليون علامة أستفهام ، حول طبيعتها والترويج لها ، ولماذا هي الآن  ولم يتخلص بعد العالم من جائحة كورونا ؟  وما سببته للإقتصاد الدولي والعالمي ؟  ومدى معاناة الشعوب منها وزيادة التضخم والبطالة ومنسوب الفقر حتى في الدول الأوربية ؟  ، في ظل هذا نقول هل الوقت والزمان مناسبين للحرب ؟  إنها غزوة ستكلف العالم الكثير الكثير وسيطال ذلك نظام السياسة والأمن والمجتمع والإقتصاد ، وهناك خوفا متزايد من تنامي النزعات القومية في ظل إنعدام القانون وسيادة لغة الغاب . 
 
راغب الركابي  

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here