قصة الاسراء وسورتها والبراق

الدكتور فاضل حسن شريف
ان أكثر المفسرين يعتقدون ان الإسراء حصل بروح وجسد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام في مكة الى المسجد الاقصى في بيت المقدس كما قال الله تبارك وتعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء 1). ونزلت سورة باسم الإسراء. وكانت قد نزلت معظم آياتها في مكة وهي من أشد الفترات صعوبة على الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومنها عام الحزن، الا القليل منها في المدينة. ومن تسمياتها سورة بني إسرائيل لكثرة ما ورد عنهم من آيات في هذه السورة. وكذلك تسمى بسورة سبحان لأن أول السورة ابتدأ بكلمة سبحان. ورقم السورة في تسلسل سور القرآن الكريم 17. وعدد آياتها 111 آية كريمة، وهي تعتبر من السور الطويلة. وتهتم آيات هذه السورة بالعقيدة ووحدانية الله تبارك وتعالى. وسميت بالإسراء لان في بعض آياتها رحلة الإسراء. وسبحان اشارة الى اطلاق التسبيح لله وحده “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بعبده” (اسراء 1) والعبد المقصود الذي أسري به هو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فاتوحيد يقابله عبودية الخلق للخالق الواحد الأحد. وأسرى مشتقة من المسير. والاسراء حصل ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى “لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى” (الإسراء 1). والمسجد الاقصى مبارك بنفسه وحوله ” الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ” (الإسراء 1).
والغاية من الإسراء حتى يرى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم آيات ومعاجز الله تعالى “لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا” (الإسراء 1). فليلة الإسراء والمعراج من الليالي المباركة. المسجد الحرام يقع في مكة والمسجد الاقصى في القدس. ورحلة الإسراء والمعراج كانت ايضا تنفيس للرسول من الضيق الذي جابهه مع قريش اصحاب حمية الجاهلية “إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِم الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ” (الفتح 26)، والرحلة تكريم له “وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ” (الشرح 4). بالإضافة إلى تبيان قداسة المسجد الحرام والمسجد الأقصى. وفي سنة الإسراء والمعراج فرضت الصلاة “إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” (الاسراء 103).
وفي الإسراء حصلت الرحلة من الأرض إلى الارض بينما المعراج من الارض الى السماء بواسطة البراق. ومن الروايات ان الاسراء حصل قبل الهجرة الى المدينة بنحو سنة، واختلف في يومه من السنة واغلب المذاهب الاسلامية تعتبر الاسراء حصل ليلة 27 من رجب.
البراق دابة بيضاء نزلت من السماء لنقل النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم في رحلتي الإسراء من مكة الى القدس والمعراج إلى السماء. والبراق مشتق من البرق فلونه ناصع كالبرق و سرعته كسرعة البرق. ان النبي صلى المغرب في المسجد الحرام ثم أسري به الى المسجد الاقصى. والبراق ترجع قصته إلى قصة النبي ابراهيم عليه السلام. عن الإمام الصادق عليه السلام قال:‏ إنّ إبراهيم عليه السلام كان نازلاً في بادية الشّام فلمّا وُلِد لهُ من هاجر إسماعيل اغتمّت سارة من ذلك غمّاً شديداً لأنّه لم يكن له منها ولدٌ، فشَكا إبراهيم ذلكَ إلى اللّه عزّ وجلّ، فأمرَه اللّه أن يُخرِج إسماعيل وأُمّهُ، فقال: يا ربِّ إلى أيِّ مكانٍ، قال: إلى حرمِي وأمنِي وأوّل بُقعَةٍ خَلقتُها من الأرض وهي مكّة، فأنزَل اللّه عليهِ جبرائيل بالبُرَاق، فحَمَل هاجر وإسمَاعيل حتى وصل مكّة موضِع البيت. جاءَ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: ثمّ ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس، فربطت البُرَاق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربطه بها، فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي، فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله عليهم السلام. قال صلى الله عليه واله وسلم حتى أتينا بيت المقدس، فلما انتهينا إلى باب المسجد أنزلني جبريل، وربط البُرَاق بالحلقة التي كان يربط بها الأنبياء. سمى الجدار الغربي للحرم القدسي بجدار البُرَاق عند المسلمين، ويُسمّى بحائط المبكى عند اليهود.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here