اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن سورة البقرة (ح 12)

الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب فقه الاخلاق للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن التفكر في الخلق: هو من الأمور التي حثَّ عليها القرآن الكريم كثيراً، وهو فقهياً من المستحبات المؤكدة، التي لها آثارٌ وضعيةٌ جليلةٌ ومحمودة، وحيث لم يعزل له الفقهاء مكاناً في فقههم، ناسب ذكره في مقدمة العبادات. وقد حثَّ عليه القرآن الكريم بأساليبَ مختلفةٍ عديدةٍ، نذكر منها: شجب الأعراض وهو عدم الالتفات إلى الآيات الكونية والتهاون في أمرها، كقوله تعالى في سورة البقرة 83 “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ”. وعن معنى التوحيد: من جملة الطاعات القلبية الداخلية: التوحيد، بل هو أعظم الطاعات على الإطلاق. ويقابله الشرك وهو أعظم المعاصي على الإطلاق. ومن تقسيمات التوحيد: التوحيد في الذات: ومؤداه أنَّ الوجود كلَّه راجعٌ إلى فيض وجود الله سبحانه ومن أنواره ومن ظلاله ومن آثار رحـمته. فالله سبحانه: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) (البقرة 117) إلى غير ذلك من الآيات الكريمات. وعن معنى عدم غفران الشرك: أنَّ الله يغفر للمشرك مع التوبة، بدرجةٍ قليلةٍ من المغفرة، ولكنه لا يغفر له بدرجةٍ عاليةٍ تبلغه درجة الرضوان. وهذا يشبه ما فهمه مشهور الإمامية من قوله تعالى: (لايَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة 124). من أنَّ من كان ظالماً ولو زماناً قليلاً في حياته، فإنه لا ينال عهد الله سبحانه، ولو مع حصول التوبة. لأنَّ الظلم خلال الحياة يجعل القلب والنفس بحالةٍ متدنيةٍ، بحيث لا تستحقُّ إنجازَ الوعد من الله سبحانه. فكذلك القول في الشرك، فإنَّ من أشرك بالله ولو قليلاً من الزمن، فإنه يجعل قلبه ونفسه في درجةٍ متدنيةٍ، بحيث لا يستحقُّ درجةَ الرضوان.و في كتاب فقه الاخلاق للسيد الشهيد قدس سره: أهداف التفكر: وإن قلنا إنَّ الفكرة تكون في الذهن كما هو المشهور أو المتعارف، إلا أنَّ الذهن لم يذكره القرآن الكريم إطلاقاً، وإنما نسب التفكير إلى العقل تارة ً (لِقَوْمٍ يَعْقِلُون) (البقرة 164)، وإلى اللبِّ أخرى (أُولِي الأَلْبَابِ) (البقرة 179)، وإلى القلب ثالثةً (لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) (الحج 46) او (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) (البقرة 93)، وإلى النفس رابعةً (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) (الروم 8)، وإلى الصدور خامسةً، كقوله تعالى: (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) (البقرة 284). والحثُّ على استعمال العقل: قال سبحانه (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون) (البقرة 164)، وما في مضمونه القريب حوالي ثماني مراتٍ في القرآن الكريم كما في سورة البقرة 164. كما شجب القرآن إهمال العقل وعدم استعماله في آياتٍ عديدةٍ، منها قوله تعالى: (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلون) (يونس 100). وقد ورد قوله: (أُولُو الأَلْبَابِ) ستَّ عشرة مرة. منها قوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة 179).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here