اسلوب الإدارة وردود الفعل السلبية تجاه المبادرات في العمل الوظيفي

اسلوب الإدارة وردود الفعل السلبية تجاه المبادرات في العمل الوظيفي
فارس حامد عبد الكريم
من طبيعتي الشخصية اني أحب عملي واندفع فيه مخلصاً وبنية صادقة، وأُبادر لتطويره كلما سنحت الفرصة وسمحت القوانين والأنظمة المرعية بذلك، فضلاً عن اني أحب ان يكون وضع من يعمل معي مريحاً غير مثقل بما يزيد عن طاقتهم وأكون سعيداً لو رأيتهم سعداء في عملهم، والعقوبة أخر ما افكر فيه، هذا ان عاقبت فعلاً فلسبب قوي يستدعي ذلك وفقاً للقوانين المرعية التي لا اتهاون في تطبيقها عادة مادام ليس بيدي خيار غيرها … هذا النظرة المتفتحة في العمل الإداري لاتعجب الكثيرون من المدراء ويرون ان تطبيقه على ارض الواقع صعباً وقد يتسبب في تسيب الموظفين وعدم انضباطهم، ولذلك يرون ان عليهم ان (يذبحوا القطة من اول يوم مياشرتهم في العمل) كما يذهب المثل الدارج، ولذلك فان الجولات الاولى في مقر العمل لابد ان تتضمن عقوبات إدارية لعدد من الموظفين قدر لهم ان يكونوا كبش الفداء.
نعم انا اعرف انه أسلوب إداري صعب وليس بمقدور اياً كان ان يدير عمله الإداري بهذا الأسلوب المتفتح المرن فهو يتطلب إمكانيات وقدرات ذاتية خاصة، ولذلك ترى اغلب المدراء يظهرون التجهم والوجه العابس بوجه مرؤسيهم ولايجاملونهم ولاحتى يجالسونهم …
طريقتي في الإدارة لم يفهما البعض كما يجب، ويعود ذلك لسبب يرجع اليهم شخصياً لا الى الأسلوب الذي اتبعه… فقد أعتاد الكثير من الموظفين على المدير العابس الصارم وهذا ربما يكون امتداد لما كانوا معتادين عليه في مدارسهم من المدراء والمعلمين والمدرسين من المدرسة الابتدائية حتى تخرجهم من الجامعة. اضف الى ذلك بعض العقد النفسية المرضية التي قد ترجع بنشأتها الى الطفولة والتربية الأسرية، ومن ثم يتصورالبعض ان هذا ضعفاً في الإدارة، ويتصرفون وفقاً لهذا التصور!!!
ومن ثم فإن على المدير المتفتح ان ينتبه لذلك ولايسمح أو يتهاون مع هكذا نماذج من الأشخاص بشكل خاص ومن صور التعرف عليهم انك ترى انهم في ظل مدراء قاسيين يكونوا في غاية الالتزام الوظيفي وفي ظل الإدارة المتفتحة تراهم غالباً مايعملون المشاكل مع زملائهم.
نتيجة؛ مع الإقرار بنسبية الحقائق دائماً، يمكن القول أن؛
الإدارة المتفتحة تفجر الطاقات الإبداعية لدى الموظفين، وهناك دائماً افكار جديدة.
الإدارة المغلقة تبقى الامور على حالها من السكون دون تجديد او مبادرات خشية الخطأ ثم العقوبة المؤكدة.
خصوم الإدارة المتفتحة هم الجهلة والإنتهازيين.
خصوم الإدارة المغلقة هم المثقفون الاحرار.
هذا من جانب الإدارة.
اما من جانب المبادرات في العمل الوظيفي فقد يبدو الأمر أكثر تعقيداً
فقد تنقلب المبادرة الى تقوم بها في عملك الى مشكلة قد تهدد وضعك الوظيفي،بل ان الكثيرين يبادرون ويتطوعون مقدماً الى نقد اقتراحاتك ومبادراتك والتشكيك فيها وتوقع فشلها سلفاً، هذا اذا لم تكن انت المدير طبعاً، فإن نجحت صمتوا!! وان فشلت فإن الحديث عن فشلها وعن توقعهم الفشل لها سلفاً بسبب ذكائهم المفرط يستمر لسنوات!!!
فقد حصلت لي الكثير من المشاكل في عملي بسبب مبادرات تمت لخدمة الجهة التي اعمل بها بل وضعتني في موضع الدفاع عن نفسي وعن مبادرتي بدلاً من ان تكون سبباً للتكريم والتقدير سواء أتت المبادرة ثمرتها ام لم تأت لأن ليس كل مبادرة او تجربة او اقتراح لابد ان ينجح ويأتي بثماره حتماً وكما هو مأمول فلو كان الامر كذلك فما اسهل الحياة اذاً، وصدق من قال “قد تجري الرياح بما لاتشتهي السفن”
.. وهذه الوقائع المضادة للأخلاص والعمل تحصل في محيط الجهل في اي مكان من العالم المتخلف وتحصل في العراق في كثير من الحالات ولذلك فهم الكثير من الناس هذا الوضع !!! ولذلك قال لي أحد الأصدقاء المقربين ذات مرة ناصحاً مانصه؛
– استاذ، اذا اردت ان تعيش بأطمئنان وتحافظ على مكانك ومركزك اتبع المبدأ الذهبي ( لاتحرك ساكن ولاتسكن متحرك) فتعيش بسلام دون ان يلتفت اليك أحد!!!…
– لكن المشكلة ان طبيعتي الشخصية لاتتفق مع هكذا مبدأ؟؟؟ ولا أنصح به لأني كنت اراه على الدوام من نتائج اسلوب الإدارة المغلقة وإثارها على اسلوب عمل الموظفين، وما كتبته وما أشرت اليه ليس دعوة للكسل على الإطلاق بل دعوة للإستمرار وتحذير وتنبيه لكل المخلصين لوطنهم وعملهم من انكم قد تواجهون مشاكل وخصوم بسبب اخلاصكم فاستمروا في عملكم وأخلاصكم ولاتنكسر نفسياتكم بسبب الجهلة المحيطين بكم، فإن هذا يحصل في ومع (أحسن العوائل).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here