يجب عدم الخلط بين شعوب مسالمة و أنظمة حكم بلطجية

يجب عدم الخلط بين شعوب مسالمة و أنظمة حكم بلطجية

بقلم مهدي قاسم

في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا أخذنا نسمع تصريحات ونقرأ منشورات مسيئة لروسيا ، وكل واحد يفعل ذلك لغاية في نفس يعقوب، أو تعبيرا عن احتجاجه ضد الحرب ..
ولكن المثير في الأمر أن بعضا من هؤلاء ( و هنا لا أقصد شخصا محددا بعينه ) وصل به أمر الاستخفاف والاستهانة و الاحتقار المبطن بروسيا إلى حد أخذ يتساءل ما معناه ما الذي قدمته روسيا للبشرية ؟!..
وهو سؤال مضحك فعلا ، وأن كان ينمّ كاشفا عن مستويات ذهنية سطحية مقعرة و مثيرة للشفقة حقا ، فأننا سنقول لهؤلاء و أولئك و مع بعض تفاصيل أنه ماذا قدمت روسيا للبشرية :
ـــ على المستوى الروحي والإبداعي العام قدمت روسيا للعالم كتّابا عظاما من أمثال بوشكين ، تورغنيف ، غوغول ــ( بالمناسبة أنه من أصل أوكراني كان روائيا يكتب باللغة الروسية ـ) و كذلك تشيخوف ، دستويفسكي، غوركي ، ليف تولستوي ، شولوخوف ، بونين ، بسترناك ، نابكوف و الخ ( دون ذكر عشرات من كتاب و روائيي العهد السوفياتي الجيدين أيضا ، يوري بوندراييف صاحب رواية” الشاطئ ، البديعة ، مثلا و ليس حصرا ) ومن شعراء بارزين : لير منتوف ، بوشكين ــ أنه كان شاعرا أيضا بل و يُعد أمير شعراء روسيا بامتياز وكان دستويفسكي يقدره لحد التبجيل ــ و كذلك سيرغي يسنين ، مايكوفسكي ، يوسب مندلستام ، الشاعرة آنا أخماتوفا ، والخ من شعراء عديدين ، هذا دون أن نذكر ــ لضيق الوقت وطول القائمة ــ نقادا كبارا ــ كبلنسكي مثلا ــ وفلاسفة ومخرجين مسرحيين وسينمائيين وفنانين وفنانات و راقصات في مسرح بولشوي ــ مثلا ــ ورسامين ومؤلفي موسيقى كبارا ..
ــــ و على المستويات أو الألعاب الرياضية المختلفة فقد كانت روسيا بارزة دوما و حتى الآن بالحصول على أكثر المدليات الذهبية والفضية. عددا !..
أما في مجال العلوم فأن لروسيا كان ولا زال دورا مميزا و سبّاقا في الأبحاث الفضائية المتقدمة وغيرها ، وكانت سبّاقة كذلك في الآونة الأخيرة من ناحية كشف حقنة ” سبوتنيك ” ضد كورونا التي أثبتت فعاليتها الصحية ..
و كذلك الأمر بالنسبة للصناعات الثقيلة و الخفيفة : مركبات فضائية وبناء محطات فضائية لهبوط المركبات ، سيارات النقل العام والخاص ، قطارات المترو ، المعدات الزراعية المختلفة و غيرها ..
ــــ دون ذكر الصواريخ والرؤوس النووية الجبارة والفتاكة ..
ـــــ تزويد بلدان عديدة بكميات هائلة من قمح و غاز ، بالطبع مقابل عملات صعبة ..
و الآن……………………..
يأتي بعض من هؤلاء ( و هنا لا أقصد شخصا معينا ) وهو الذي ربما يكون بلده العربي فاشلا إلى حد قد يستورد حتى آبرة خياطة !، ليسأل بكل استخفاف واحتقار بهدف التسقيط والإساءة أنه : من هي روسيا ؟ أو ماذا قدمت روسيا للبشرية ؟!!..

المهم و… البيت القصيد هنا .. يا هواة شوربة أو عصيد الفيس الوفير :
ـــــ لا يجوز الحكم على شعوب من خلال سلوك أنظمة حكم استبدادية أو متهورة بلطجية ،إذ أن هذه الأنظمة آفلة وزائلة وبينما شعوب باقية وراسخة ..
و إلا …..
فماذا سيكون موقفنا نحن العراقيين ـــ مثلا ــ لو بصمّونا ، معتبرين إيانا بهواة حروب ، لا لشيء فقط ، لأن صداما كان قد خاض حروبا هنا وغزوات هناك ؟..
دون أن نسى أن نضيف إلى إن بوش الأبن البلطجي قد احتل أفغانستان و العراق دون أن ترف أجفانه ، و أثناء ذلك كان يتسلى و يضحك أمام التلفزيون على تصريحات محمد الصحاف كأنه جالس في مسرح للسيرك، بينما طائراته كانت تقصف أحياء أهلة ومزدحمة بالسكان فضلا عن مبان ومواقع ومؤسسات خدمية وحيوية في العاصمة بغداد ..
مع التأكيد على أن للحرب فظائع تتحملها عامة الشعب من كلا الطرفين وليس مفجريها ، ومن هنا ضرورة رفض الحروب و إدانتها وخاصة من قبل من يعمل في مجال الإبداع الأدبي والفني ولكن دون توجيه إساءات بحق الشعوب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here