الحرب بين روسيا و اوكرانيا ، هي ليست مباراة ريال مدريد مع برشلونة

الحرب بين روسيا و اوكرانيا ، هي ليست مباراة ريال مدريد مع برشلونة

علي المسعود

انقسم العرب حول الحرب الدائرة الان بين معسكرين روسي وأخر اوكراني ، للاسف هم يتصورون انها لعبة كرة قدم بين فريقي ريال مديريد وبرشلونة ، فأنقسم المشجعين بين هذا وذالك ، في البداية ، حسب رأي في ألحرب ، انها .. الشرُّ المطلق ، الانتصار فيها انكسار مؤجل ، وبلا فجر ، لان الظلام يتغلب عليه .. ودماء الضحايا تكون لعنةً تجّثمُ فى صدر الجنرالات والجنود ، ولن يتخلصوا منها إلا بالموت . أريد هنا أن أتحدث عن الاعلام الغربي الاعور ، أمرأة أوكرانية مسنة تقول منذ 8 سنوات ونحن نقصف وفي حرب يومية في دونباس وشرقي اوكرانيا ولم اية تتواجد صحافة أو أعلام اجنبي .

للعلم اوكرانيا كانت لغاية التسعينات جزء من روسيا ، الجزء الغربي من اوكرانيا كاثوليكي الى حد كبير، فيما الجزء الشرقي يدين بالأرثوذكسية الروسية الى . الجزء الغربي يتكلم الاوكرانية، والشرقي يتحدث اغلبه الروسية. بالاضافة الى اننا نتحدث عن اكبر مصدر للحبوب في العالم ، اوكرانيا وروسيا يشكلان 40% من صادرات الحبوب في العالم ، واكرانيا يمر بها ما لايقل 7 انابيب من الغاز الروسي الى اوروبا ، أوكرانيا من الثورة البرتقالية في عام 2004 ولحد ألان تتلون فيها الانقلابات ، في اخر اسبوع قبل الغزو الروسي ، اوكرانيا طلبت الانضمام لحلف الناتو وتريد ان تننج السلاح النووي، وحول هذه النقطة ، في تسعينيات القرن الماضي جلس جيمس بيكر وغورباتشوف على مائدة المفاوضات وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، أتفقوا على أن الدول التي كانت تحت خيمة الاتحاد السوفيتي تنسحب منها روسيا بشرط أن لا تدخل في حلف الناتو ، وهذا اتفاق معروف ، ولهذا السبب الكثير من دول الحزام لم يطلبوا الانضمام الى حلف الناتو ، وهذا خلل في الاتفاق ، الامر الثاني هو اسلحة الدمار الشامل ، وحول هذا الموضوع نستذكر غزوة جورج بوش الابن في عام 2003 للعراق التي تبعد الالاف الاميال عن امريكا حين قطع البحار والمحيطات واجتاح العراق بحجة اسلحة الدمار الشامل هذه مشروعة ، ولكن اسلحة الدمار الشامل التي تهدد العاصمة الروسية موسكو التي تبعد مسافة قريبة عن مرمى موسكو ، وترسانة الاسلحة التي تستطيع اسقاط موسكو . وهي من العواصم الوحيدة التي لم تسقط مع لندن خلال فترة الحروب العالمية هذه كارثة . اما بخصوص التهديد بالعقوبات ، على الولايات المتحدة وأوروبا عليهم أيجاد البدائل ، للعلم ايضا 180 مليار دولار هي قيمة مشتريات امريكا من الغاز والنفط الروسي في السنة ، 40% من غاز اوربا مصدره روسي ، وعبر الاراضي الاوكرانية ، فاذا ارادوا ان يوقفوا التعامل المالي عن روسيا ، أن تعمل على تامين البديل ، الجانب الامريكي سبق وان سأل القطري عن تعويضه حصة روسيا وكانت الاجابة القطرية أنها تستطيع ان تأمن اقصى حد 10% . الخاسر الكبير من هذه الحرب ليس امريكا ولا روسيا ، بل هي اوكرانيا ، والدول الاوربية ، لان يتم دفعها للمواجهة مع روسيا ، الاعلام الغربي الاعور لم يتحدث عن النازيون الجدد و الاسلحة الامريكية والاوروبية والمرتزقة يتوافدون للقتال في اوكرانيا ، متى كانت امريكا وحلفاءها تدعم النازية وهي عصابات نازية تقاتل على ارض اوكرانيا ، ولماذا الاعلام لا يكشف ذالك؟ . ونحن لانحب الحرب لان الشعب الاوكراني شعب مغرر به ، ولكني أستغرب من دول عربية سنين لم نسمع لها صوت او موقف حيال قتل الابرياء والمذابح التي حدثت في سوريا والعراق او في اليمن واليوم هي تستنكر وتدين الغزو الروسي . ما شهده العالم مؤخرا من أعمال عدائية ضد روسيا في مختلف الميادين بما في ذلك الأدب والرياضة والموسيقى وشمل حتى القطط الروسية ، تلك العقوبات تعكس الوجه الحقيقي لما يقال لها حضارة غربية قائمة على العنصرية ومعاداة الإنسانية ، صدق الاديب الروسي تشيخوف حين قال ( الكراهية هي ما يوحد العالم و ليس الحب !!! ) . لكاتب الروسي الشهير يفغيني فودولازكين وهو مؤلف “كييف ١٩٦٤” من أهمّ الكتاب المعاصرين في روسيا، وهو يوصف في الوسط الثقافي الروسي بـ “أمبرتو إيكو” ، سُئل فودولازكين عما جرى في أوكرانيا، وكيف كان انطباعه عن الحرب التي بدأتها بلاده روسيا، فأجاب:” أنا ضدّ الحرب بشكلٍ قاطع، وأطالب بوقفها، لكنْ دائما ما تكون لأميركا وروسيا خطوات محفوفةٌ بالمخاطر. ثمّة مجالٌ ومناخٌ مهيّآن للحرب، لا جيوسياسيا ومحليا فحسب، بل وعالميّا. لا أظنّ أنّ الصراع سينتهي، لكن هذا الأمر لن يحدث عن طريق الصدفة. أنا أنتمي للقوة المؤيّدة لأوروبا في الداخل الروسي، وقبل أن يصبح الكثير مثلي، كانت أحضان الروس مفتوحة في التسعينيات للأوروبيين، لكننا واجهنا احتقارا وازدراء ، وأضاف قائلاً :” لقد شيطن الغرب بوتين، حيث تعتبره وسائل الإعلام الأوروبيّة كائناً أسطورياً ولكنه براغماتي بطبيعة الحال، وله القدرة على توقيع الاتفاقيات. أسهلُ شيءٍ هو أن يتحمّل شخصٌ بعينه المشكلة، لكنّ الزعماء يعبّرون عن مشاعر البلد .

أراد بوتين أن يتوصّل لأربع اتفاقيات مع أوروبا، حتى قال إنه على استعداد للانضمام لحلف الناتو، هو تلميذ سوبتشاك، وهو ديمقراطي ليبرالي متطرف. أعتقد ان الغرب فقد صداقته. كان على هذه الدولة المنبوذة أن تسلك طريقا بقوتها الخاصة فقط. إذا كانت مخاوف الروس مفهومة، فسيتخذون خطوة كبيرة إلى الأمام حتى يتوصلوا لتسويات مهما أرغد وأزبد السياسيّون .

علي المسعود

المملكة المتحدة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here