قضية إختطاف الأطفال في السويد: جنة مُشتهي الأطفال

Image preview
إيهاب مقبل

عندما ينحرف رجال الدولة تسعى السلطات والقوى القانونية بجهد لإصلاح هذا الإنحراف وإعادة الثقة وتحقيق العدالة. ولكن عندما تكون هناك رغبة في شرعنة هذا الإنحراف، حينها يختل ميزان العدالة وتُكرس الأفكار المُنحرفة في المجتمع.

 بلغَ عدد حالات إنتزاع الأطفال من أسرهم الأصلية في السويد عام 2020 نحو 27 ألف طفل بحسب إحصائية صادرة في السابع عشر من أغسطس آب عام 2021 عن هيئة المجلس الوطني للصحة والرعاية السويدية المعروفة بإسم «سوسيال ستيريلسين»، وهي مؤسسة حكومية تتبع وزارة الشؤون الإجتماعية.

 وتُشير الإحصائية إلى إن نحو 71% من هؤلاء الأطفال المُنتزعين من آبائهم البيولوجيين وضعوا في منازل أسر بديلة، بينما وضعَ العدد المتبقي في منازل رعاية تديرها شركات خاصة.

 وعدد الأطفال المُنتزعين سنويًا في السويد كبير جدًا، إذا ما تم مقارنته مع عدد الأطفال المولودين حديثًا في البلاد، والذي لا يزيد عن 120 ألف طفل كل عام.

 وفي السنوات الأخيرة، أصبحَ إساءة استخدام دائرة الشؤون الإجتماعية السويدية، والمعروفة بإسم «سوسيال شينستن»، لسلطاتها في الرعاية القسرية للأطفال أكثر فسادًا، إذ يتم وضع الأطفال المُنتزعين من أسرهم الأصلية مع «المتحرشين جنسيًا بالأطفال» بحسب «كوني أندرسون»، الضابط السابق في جهاز الشرطة السويدية.

ويتهم «كوني أندرسون»، في لقاء أجراه معه المحامي السويدي الألماني «هينينج ويت» على اليوتوب في التاسع والعشرين من أبريل نيسان عام 2019 كل من الشرطة ودائرة الشؤون الإجتماعية بالتعاون معًا على حماية «مُشتهي الأطفال»، واصفًا عملية إنتزاع الأطفال من أسرهم الأصلية بـ«الإختطاف».

 وكانَ «أوفه سفيدين»، النائب السابق عن حزب الوسط في البرلمان السويدي، قدْ أشارَ بوضوح في كتابه «الإتجار المربح بالبشر في البلديات»، والصادر عام 2013، إلى أن بعض «الأطفال المُختطفين» من أسرهم الأصلية يوضعون في منازل يديرها «مُشتهي الأطفال»، إذ يقول في الصفحة السابعة من كتابه: «بدعم من المحاكم الإدارية، تسمح دائرة الشؤون الإجتماعية لخدمة النقل البوليسية بإختطاف الأطفال مباشرة من المدرسة، وبدون علم الوالدين، ويوضعون في منزل تحقيق أو منزل رعاية بعيدًا عن منزل الطفل.. ومع الضمير الواسع للوالدين بالتبني، ودون إذن الوالدين البيولوجيين، يمكن فيما بعد إستخدام الطفل المختطف كعامل غير مدفوع الأجر في مزرعة، أو يتم تبنيه بعيدًا، أو يتم بيعه لمدمنــــــــي الجنــــــــس، أو لمشتهــــــي الأطفــــــال من الأثرياء، أو يتم إستخدامهم كأرانب تجارب في صناعة المستحضرات الصيدلانية».

 ويضيف سفيدين في الصفحة الثالثة عشر من كتابه: «الآن أي شخص يجرؤ على تخمين أسوأ ما يمكن أن يدفعه مُشتهي الأطفال، والذين يحصلون على رواتب جيدة، هم مستعدون لدفع أعلى سعر للحصول على طفل قاصر. تحمي أنظمة السرية والمحاسبة الإبداعية في البلديات أبشع الصيادين في الإتجار الأسود بالبشر».

ويكشف سفيدين التجارة المُشتركة بين مُشتهي الأطفال ودائرة الشؤون الإجتماعية عبر منازل الرعاية التي تديرها الشركات الخاصة، والمعروفة إختصارًا بـ«أتش في بي»، إذ يقول في الصفحة السادسة والعشرين من كتابه: «يدعوا مالكي منازل الرعاية، مشتهي الأطفال للعب مع الأطفال، ومن ثم يدفعون الأفضل مباشرة، وتحت الطاولة، إلى مالكي منازل الرعاية».

 ويضيف في الصفحة السادسة والأربعين من كتابه: «نظمت البلديات السويدية بيوت الرعاية بطريقة تضمن مُشاركة مُلكيتها مع موظفي دائرة الشؤون الإجتماعية. وهكذا، يكسب موظفي دائرة الشؤون الإجتماعية حصة خفيفة من أرباح بيع الأطفال الفقراء إلى مدمني الجنس».

ويقول في الصفحة الثالثة والخمسين من كتابه: «يوفر النِظام السويدي عبيدًا للجنس. تُعد الآلاف من بيوت الرعاية رابطًا إجراميًا للمال الأسود الكبير. أن أبشع سمكة في هذا المجتمع هم الأطفال.. يعلم المتحرشين جنسيًا بالأطفال، ومالكي بيوت الرعاية، وموظفي دائرة الشؤون الإجتماعية، والمحامين الفاسدين، وضباط الشرطة رفيعي المستوى، والقضاة، والسياسيين أن الدولة/ البلديات تنتصر في المحاكمات الصورية للمحاكم الإدارية».

ويُعد كِتاب أوفه سفيدين من أهم الكُتب، وذلك لإنه كان شخصيًا شاهدًا في ثلاثين حالة إختطاف أطفال من ذويهم في سبع بلديات سويدية لمدة 17 عامًا، وبحوزته كذلك الوثائق والمُراسلات التي تدين السوسيال السويدي وجهاز الشرطة والقضاة والمحاميين والأطباء.

 وبثَ الراديو السويدي في الثامن عشر من مايو أيار عام 2016 تقريرًا بعنوان «لدى مُشتهي الأطفال المشتبه به واجبات مع الأطفال في عمله مع دائرة الشؤون الإجتماعية»، جاء فيه: «رجل في الستينيات من عمره، والذي يواجه الآن محاكمة بتهمة الإعتداء الجنسي وإغتصاب الأطفال، كُلف هو نفسه برعاية الأطفال من قبل دائرة الشؤون الإجتماعية في مدينة سوندسفال. ويُقال أن هذا الرجل المتحرش جنسيًا بالأطفال قدْ تورطَ خلال الأعوام 1998-2011 بالإتصال مع صبيين أثنين على الأقل. ومع ذلك، تلقى تعويضًا ماليًا عن هذه الأفعال من دائرة الشؤون الإجتماعية في مدينة سوندسفال».

 ويضيف تقرير الراديو السويدي: «الآن، وفي عام 2016، وُجهت تُهمًا للرجل بإرتكاب عدة إنتهاكات ضد الأطفال. استمر هذا الرجل بإساءة معاملة الأطفال المختلفين لفترة طويلة جدا. ويقول المدعي العام دانيال برودين إن هناك أربع قضايا حدثت منذ زمن بعيد، ولذلك أصبحت محظورة بموجب القانون!».

 وهذا يعني في القانون المدني السويدي أن الرجل لم يعد بالإمكان محاكمته على جرائمه الأربعة السابقة بحق الأطفال بسبب إنقضاء الفترة الزمنية!

 وفي تقرير آخر للراديو السويدي في الحادي والعشرين من يونيو حزيران عام 2004 بعنوان «يمكن لمرتكبي الجرائم الجنسية المدانين إدارة المنازل العائلية»، جاء فيه: «أظهرت مراجعة الراديو أنه بإمكان المتحرشين جنسيًا بالأطفال المدانين البدء بأنشطة الوساطة للمنازل العائلية. يوضع الآلاف من الأطفال هناك كل عام. غالبًا ما تتم إجراءات وضع الأطفال فيها من خلال وكالات خاصة تفتقر إلى الشفافية».

 ويصف التقرير التجارة بين الوكالات الخاصة والأسر البديلة بالسمسرة، ويقول: «وجهت الإنتقادات في العام الماضي على مُهمة الوكالات الخاصة في دورها كوسيط للعثور على أماكن بمنازل العائلات. تقول دائرة الشؤون الإجتماعية إنه من الصعب العثور على منزل عائلي، وأن موظفي الدائرة ليس لديهم الوقت ولا الموارد الكافية للعثور على المنازل بأنفسهم، ولذلك هم يستخدمون وكالات خاصة. لقدْ نما هذا العمل بشكلٍ كبيرٍ في السنواتِ الأخيرةِ، إذ تبلغ أرباح الوكالات أكثر من عشرة ملايين كرون سويدي في السنة/ مليون دولار في السنة».

 ويشير التقرير إلى تعرض العديد من الأطفال المختطفين من أسرهم الأصلية إلى إعتداءات جنسية في منازل الأسر البديلة، إذ يقول: «في العام الماضي، وضعت فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات في منزل عائلي جنوب السويد من خلال وكالة وسيطة. وبعد فترة التقت الفتاة بجدتها، وتبين أن الفتاة ذات السبع سنوات قدْ تعرضت للاستغلال الجنسي في منزل الأسرة، وهو شيء أكده الأطباء. طالبت البلدية بنقل الفتاة بعيدًا عن منزل الأسرة على الفور، ولكن بعد أربعة أشهر وضعت البلدية طفل آخر في نفس منزل الأسرة!».

 تظهر الإحصائيات السويدية أن 89٪ من جميع الجناة في البلاد يعودون إلى عاداتهم الإجرامية بمجرد أن يخرجوا من إعادة تأهيلهم. إما النسبة المتبقية 11% فهي غامضة المصير، ولا يُعرف فيما إذا ارتدوا ملابس بيضاء أم إنهم غيروا أنشطتهم الإجرامية بثوبٍ جديدٍ. ولكن ما هو مؤكد أن العديد من ضحايا دائرة الشؤون الإجتماعية ينتمون إلى فئة الأطفال الصغار، أطفال يرتجفون في اليوم عشرات المرات خشية من عودة الجاني للتحرش بهم أو إغتصابهم.

 حدث هذا مرارًا وتكرارًا في السويد، «جنة مشتهي الأطفال»، طالما أن عقوبة إغتصاب الأطفال لا تزيد عن ست سنوات كحد أقصى، كما في قضية الإستغلال الجنسي للأطفال في مدينة مالمو لمشتهي الأطفال «كيفين أولسون» عام 2022، وقضية الإستغلال الجنسي للأطفال في منطقة رينكيبي لمشتهي الأطفال «يورغن ستراندبرغ» عام 2021، وقضية الإستغلال الجنسي للأطفال في مدينة أوبسالا لمشتهي الأطفال «إدفين آلام» عام 2021، وقضية الإستغلال الجنسي للأطفال في مدينة هلسنبوري لمشتهي الأطفال «جوهان أولسون» عام 2017، وقضية الإستغلال الجنسي للأطفال لرئيس الشرطة المُغتصب «غوران ليندبرج» عام 2010، وقضايا شبكات الإستغلال الجنسي للأطفال في ستوكهولم.. وأبعد من ذلك، قضية جيجر في نهاية سبعينيات القرن الماضي لمشتهي الأطفال وزير العدل السويدي «يوهان جيجر».

أنتهى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here