لماذا يعشق العوام الخزعبلات ..عيد الزكريا وشم النسيم أنموذجا ؟!

لماذا يعشق العوام الخزعبلات ..عيد الزكريا وشم النسيم أنموذجا ؟!

احمد الحاج

يتفرد العراقيون بعيد شعبي يقيمونه أول يوم أحد من شهر شعبان لا أصل له في الدين الحنيف لا من بعيد ولا من قريب ، يسميه العوام بـ “عيد الزكريا “، تماما كتفرد أشقائنا المصريين بعيد ” شم النسيم” والأخير هو عيد فرعوني بحت كان يطلق عليه عيد “شمو أنسم ” وتعني بلغتهم الهيروغليفية “حصاد النبات ” ، والاكلة الرئيسة في هذا العيد هي السمك المملح والمجفف “الفسيخ ” ،يقابلها ” الدولمة” كوجبة رئيسة في عيد الزكريا العراقي ..وكما ان غاية العيد الفرعوني الاساسية عند المصريين هي النذر واستجابة الدعوات وتحقيق الامنيات التي تكتب على البيض الملون وتعلق عاليا بعد وضعها في سلال خاصة كذلك عيد الزكريا غايته تحقيق الامنيات واستجابة الدعوات ولاسيما الانجاب لمن حرم منه تماما ، أو لمن حرم من انجاب الذكور تحديدا ، ويقال ان أصل عيد الزكريا ” صابئي ” قديم جدا ، كما ان اصل عيد ” شم النسيم ” فرعوني قديم جدا جدا !
بالامس خرجت في جولة طويلة سيرا على اﻷقدام تارة ، وركوبا بالستوتة الشعبية أخرى ، وصعودا بالتك تك ثالثة ، نزولا من الباص اﻷحمر ذي الطابقين والذي اخذت قيلولة قصيرة داخله ودفعت ثمنها – عن الحلال والحرام – اذ ان الباص لم يتحرك سنتمترا واحدا بسبب زخم الشورجة والإختناقات المرورية الحادة وقد إعتدت أن أجلس في الطابق الثاني من الباص الجميل متسمرا أمام النافذة كطفل صغير وأرقب بصمت مطبق بغدااااااد التي أحبها لأكتب كل ما آراه وأدونه أولا بأول ولو صادفتني أثناء الرحلة عربة خشبية يجرها – حمار – مخصص لنقل الغاز والنفط البلدي والسمنت والطابوق اﻷجنبي في بلاد النفط – عااااتي – فكل شيء وارد هاهنا في بلاد مابين النهرين وباﻷخص حين ينقطع ماء الوضوء كليا في الجامع الملاصق لنهر دجلة !!! – لركبتها من دون أدنى خجل وقد فعلتها مرة فكانت المعلومات التي حصلت عليها عن – عالم الحمير والإستحمار – أثناء الرحلة من الكم والنوع ما لم أكن ﻷحصل عليها حتى في كتب الجاحظ وعلي الوردي وابو قتيبة الدينوري أهمها أن سعر الحمار – 500 الف دينار – وأن تزاوجه يكون بسعر محدد وكذلك مبيته بسعر آخر يومي كفندق في الهواء الطلق قرب الإعدادية المركزية للبنات على بعد أمتار من ساحة زبيدة ، وإن نفق الحمار أو مرض وخرج على التقاعد – فكبل- الى مطاعم الباب الشرقي والميدان ليتحول الى تكة وكباب ومعلاك وتشريب أحمر وأبيض أما عن الكبة الشعبية فأقطع جازما بأنها لاتصنع إلا من لحومها وهكذا قضيت يومي رحالا من سوق مغرق في الشعبية الى آخر ﻷتابع عن كثب هل مازالت جموع الناس هناك تهتم بما يسمى بعيد الزكريا وصيامه الذي ما أنزل الله به من سلطان وإذا به أقوى من اﻷعوام السابقة ، مع علمي اليقيني ان التجار هم من يخترعون في العادة البدع في كل زمان ومكان وهم أنفسهم من يمنعون أي واعظ أو داعية أو مفكر يحاول أن يصحح تلكم المفاهيم الساذجة – ﻷن الخبزة المليارية ستطير – وأنا بصدد تأليف كتاب بإذنه تعالى سأثبت من خلاله أن 90 % من اﻷباطيل التي ظهرت بيننا قد إخترعها التجار أول مرة وألبسوها ثوبا دينيا وعقلوها برأس بسطاء الناس ثم أدخلوها في أذهانهم مقابل صمت “الاصنام ” عنها بل وتشجيعها ودعمها لها أيضا كونها واحدة من أساليب – تدجين القطيع وتخديره وإستحماره – لصالح بقائهم في السلطة و من دون منافسة تذكر كما أشار الى ذلك ميكافيلي في كتابه( اﻷمير) بشأن الإكثار من الاحتفالات الابتهاجية والمناسبات الوطنية والدينية لتخدير -القطيع – وصرف أنظاره عن واقع الحال المأساوي البائس الى حد اللعنة الذي يعيشه ويدمنه ويدافع عنه احيانا ، وكذلك الدكتور علي شريعتي في كتابه ( التشيع العلوي والتشيع الصفوي ) ، علما أن كل بدعة تظهر بين الناس فإنها تلغي فرضا أو سنة حسنة وهذه قاعدة ثابتة بمرور اﻷزمان .. !!
الزكريا بإختصار هي عيد شعبي إخترعه العراقيون وتفردوا به في أول يوم أحد من شهر شعبان في كل عام ووضعوا له طقوسا ومراسم أطلقها التجار بداية تتضمن شراء الصواني ، اﻷباريق الفخارية للذكور ، والجرار الفخارية للاناث، الدنابك ، الكرزات ، نبات اﻵس ، الحلويات القديمة – يعني مو كيك ونستلة وكريم باف ونزاكة وماشاكل – لا ، وإنما حلاوة ساهون ، زردة وحليب ، سمسم بالسكر أو مايعرف باللهوم ، زبيب ، خضروات ، مصقول ، حلقوم ، قمر الدين ،شموع مزينة بكل اﻷحجام واﻷلوان ثم تبدأ النذور بغرز الابر في الشموع وابقائها الى اليوم التالي على حالها مغروزة في شموعها ، وأبرز النذور طلب الذرية للنساء العقيمات وماهي إلا نذور لاتصل الى – المروحة السقفية – فيما اﻷطفال يقلبون المحلة عاليها واطيها بصخبهم – طقطقط طااااق طقطقط طااق – من بعد المغرب حيث تبدأ الطقوس وحتى ساعة متأخرة من الليل ليضيف لها التجار الصعادات واﻷلعاب النارية فأصبحت عرفا ﻻ يجرؤ أحد على شطبها من قاموس اﻷعراف والتقاليد البالية التي يحلو لبعض الباحثين تسميتها فلكلورا – عمي بلا فلكلور بلا بطيخ والكل يهتف” يا زكريا عودي عليه ، كل سنة وكل عام، أنصب صينية ” وبعضهم يصوم هذا اليوم اما عن الطعام والشراب ، بصوم ما يسمى الاخرس حيث لايتكلم فيه ، مع إن الاخ الصائم بشحمه ولحمه لايصوم شهر رمضان وهو فريضة وركن من اركان الاسلام وﻻ شأن له ببقية الصيام التطوعي كالإثنين والخميس ، اﻷيام البيض من كل شهر قمري ، ستة شوال ، يوم عرفة ، العاشر والتاسع من المحرم مع عظم أجرها وجزيل عطائها وبركتها تشبها بصيام زكريا – على حد زعمه – مع إن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا ومع إن القضية كلها ليست شرعا أساسا ، اﻷمر اﻵخر أن صيام زكريا كان عن الكلام فيما الغيبة والنميمة والشتم والكعن واللعن أثناء صوم الناذر بهذا اليوم فحدث ولا حرج ، عمي بطلوا سوالفكم التعبانة ..هو دين لو طين ؟!
وأقول لجميع المحتفلين بالمناسبة الوهمية التي إخترعها التجااااااار أن ماستنفقونه من أموال طائلة بهذا اليوم باطل ، وان أحتفالكم باطل ، وأن نذركم باطل ، وأن صيامكم باطل ..وزواج عتريس من فؤادة أيضا …باطل !!
سيقول بعضهم أو بعضهن دعوهم يرفهوا عن انفسهم – انتوووو ليش معقدين ؟! – وأقول فدوة أروحلج خاله لو أنكم ذهبتم بملايين ما تنفقون على الباطل الى دور اﻷيتام ، الى دور المسنين ، الى ذوي الإحتياجات الخاصة ، الى خيام النازحين ، الى سكنة العشوائيات ، الى المهجرين ، الى المشردين وتصدقتم بملايينكم تلك حسبة لله تعالى وشعاركم ” إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منك جزاءا ولاشكورا ” لتحققت أمانيكم واستجيبت دعواتكم ، لو انكم أقمتم الليل وتهجدتم ودعوتم في الاسحار، وسهام الاسحار لاتخطئ لتحققت أمانيكم ، بدلا من – خريط – أول يوم أحد من كل شعبان بكل مفرقعاته التجارية التي أصبحت بنظر العوام دينا وماهي بدين …وﻻ طين حتى ….ولو بيتكم قريب كان جبنالكم ..دنبك وصورة مرشح تعبان تصلح كفرشة ملونة لتناول الطعام ووووزبيب !! اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here