بـ”أحزاب وعشائر” أشبه بأسلاكهم.. أصحاب المولدات يحكمون المواطنين بقوة الـ(الأمبير)

يبدو أن فصل الصيف المقبل لن يكون لاهباً في حرارته وإنما في أسعار “أمبيرات” تجهيز الكهرباء في مولدات بغداد الاهلية على وجه الخصوص، في ظل شكوى المواطنين من ارتفاع أسعار الامبير الواحد في بعض مناطق العاصمة لتصل الى حدود الـ(25) ألف دينار حالياً والمرشحة للوصول إلى (30) الف دينار.

فيما تقرره السلطات بمبلغ “معطل” يصل الى نصف السعر الحالي المعمول به، يبدو أن تشابك علاقات أصحاب المولدات مع جهات متنفذة في الدولة (أحزاب، وزارات، جهات داعمة أو تغض الطرف)، وآخرها التهديد العشائري، تكون أشبه بشبكة أسلاك المولدة التي يتحكم فيها شخص واحد وهو المشغل أو صاحب المولدة، ليكون المواطن تحت رحمته “تشغيلاً او انقطاعاً”، ومن يتخلف عن الدفع فبألتاكيد “ستضيق به الأرض بما رحبت” بفضل اتفاق أصحاب المولدات في منطقته، كعقاب له.

دولة وعشائر تسند صاحب المولدة ضد المواطن

يبدو محمد وهو أحد سكان منطقة الدورة، غربي بغداد، “ممتعضاً” من موضوع المولدات الأهلية وهو يسرد بعض التفاصيل الخاصة بهذا الموضوع قائلاً إن “سعر الامبير الواحد في المولدة الاهلية في منطقتي تقدر حالياً بـ(25) الف دينار، ومن المقرر أن ترتفع في الصيف لتصل إلى نحو (30) ألف دينار وفق رغبة صاحب المولدة وليس غيره، رغم ان محافظة بغداد حددت سعر الامبير الواحد بـ(12) ألف دينار للخط الذهبي المستمر على مدار اليوم”.

من جانبه يقول عمار رحيم الذي يعمل كاسباً بأجرة شهرية لا تتجاوز ال750 ألف دينار ويسكن بمنطقة بغداد الجديدة “قدمنا قبل مدة شكوىً رسمية لقيادة شرطة بغداد، بشأن أسعار تجهيز الكهرباء والأمبيرات في المولدات الأهلية وتحديداً، ورغم استجابة القيادة وإرسالها دورية أغلقت المولدة واعتقلوا مشغليها، لكنه لم يكن اجراءً عملياً، لأنه لم يحل المشكلة فهم اعتقلوا المشغلين البسطاء، وليس صاحب المولدة الذي يقرر السعر”.

ويبدي عمار رحيم شعوره بـالحزن” بالقول “صحيح انهم اعتقلوا المشغلين ولكن الجانب المحزن هو تجمع الأهالي عند المولدة فقد تضرروا بشكل مباشر من انقطاع الكهرباء عنهم فهم لا حول لهم ولا قوة، وهنا لا بد الى الإشارة الى ان المشغلين تم اطلاق سراحهم وعادت الأمور الى سابق عهدها وفق ترتيبات معينة”.

وعلى الصعيد نفسه، يسرد سكان في مناطق جنوب بغداد، بما يحيط منطقة الدورة، فصلاً من تسلط أصحاب المولدات الاهلية على المواطنين بالقول “إنهم شهدوا أكثر من مرة شكاوى انتهت باعتقال المشغلين فقط بينما لا أحد يدنو من أصحاب المولدات الذين يرتبطون بعلاقات واسعة مع مراكز شرطة وضباط مقابل دفع مادي ومدعومين أيضا من الأحزاب وحتى وزارة الكهرباء فضلاً عن العشائر، واحد أصحاب هذه المولدات أعلنها أمام الناس بعد خلاف وقع مع أحد المواطنين بأن من يشكوني الى الشرطة ويحرك دورياتها ضدي سأقاضيه عشائرياً!”.

مفارقة: مسؤول يحدد سعر الامبير ويدفع ضعفه

وعلى غرار، غربيها، فإن مناطق أخرى وباتجاهات مختلفة في بغداد تشهد هذا “الارتفاع الملحوظ”، في أسعار أمبيرات المولدات الاهلية، ومنها مناطق في شرق بغداد.

ويقول رسول وهو من أهالي منطقة شارع فلسطين، إن “هناك نقطة مهمة في العلاقة مع أصحاب المولدات وهي في حال دفع سعر الأمبير المقرر لدى صاحب المولدة بـ(25) ألف فأن صاحب المولدة لا يقدم لك وصل استلام مقابل الدفع ويكتفي بتأشير الاسم ضمن دفتر الدفع الذي لا يسجل فيه المبلغ وإنما مدون فيه فقط الاسم وأمامها علامة (الصح) في إشارة للدفع من قبل المواطن، وحينما ترفع دعوى ضدهم فان حقك يسقط لان لا دليل على ما ندعّي به أمام السلطات”.

وينقل رسول “مفارقة” أبطالها أحد أصدقائه ومسؤولين في محافظة بغداد بالقول إن “هذا الصديق لديه معرفة بمسؤولين في محافظة بغداد، وحينما حددت المحافظة سعر الامبير بمبلغ معين حاول صديقي معرفة من أصدقائه المسؤولين هل التزمت المولدات الاهلية في مناطقهم بهذه التسعيرة فتفاجأ ان هؤلاء المسؤولين دفعوا المبالغ وفق ما يحدده أصحاب المولدات وليس ما تحدده المحافظة”.

ويتساءل رسول “لماذا هنالك تفاوت في الأسعار بين مناطق وأخرى، فهناك من يضع سعر 12 ويصل في اعلى حالاته الى 20 الف دينار للامبير بينما نحن 25 الف دينار للامبير ويرتفع، وفق مزاجية صاحب المولدة، الى حدود 30 الف دينار للامبير من دون التفكير بنا كمواطنين في ظل المستوى المعيشي الصعب الذي نعيشه والأزمات التي تحاصرنا من كل الاتجاهات”.

نصب واحتيال

“يبدو ان الخطوات ذاتها في محاسبة صاحب المولدة او المواطنين”، هكذا يبدأ علي الذي يعمل كاسباً في أحد الأسواق ببغداد كلامه.

ويقول وعلي وتبدو عليه علامات “الاستسلام” إنه “لا توجد فائدة من الشكوى الرسمية ضد أصحاب المولدات، فشكوانا لله فقط، فأقصى ما يمكن فعله هو وجود دورية شرطة بالقرب من المولدة، وان يكتب صاحب المولدة تعهداً بعدم الرجوع على ما أقدم عليه من مخالفة، ولكن بعد أيام أو شهر، على اقصى حد، يهمل الموضوع ويرجع السعر الى وضعه السابق بعملية نصب واحتيال رسمية”.

وأضاف علي “نحن كمواطنين لا حول لنا ولا قوة، ومقبلون على موسم الصيف الساخن، وفي حال اعتراضنا وتقديم شكوى فإنك لا تستطيع ان تغير المولدة التي تسحب منها الكهرباء (الجوزة)، لأن هناك اتفاقا بين أصحاب المولدات وسيمنعونك من سحب أي خط من أي مولدة ضمن منطقتك، وهو ما يجبر المواطن على البقاء ضمن التسعيرة المحددة منهم، وهذا له يجري بعلم المسؤولين جميعاً، واتحدى أي جهة رسمية تفند كلامي أو تنفيه”.

ويبين علي أن “70- 80% من أصحاب المولدات الاهلية لا يلتزمون بأي قرار حكومي، بينما لا توجد جهة تحمينا من بطشهم ان أرادوا ذلك”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here