بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة العالمي اقدم سبعة حلقات حول حركة تحرير المرأة في العراق انشرها الخميس من كل اسبوع – ح1

بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة العالمي اقدم سبعة حلقات حول حركة تحرير المرأة في العراق انشرها الخميس من كل اسبوع – ح1 (*) د. رضا العطار

خطت الحركة النسوية في العراق حتى قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 خطوات كبيرة قياسا الى ما كانت عليه في بدايات القرن العشرين. ونعني بتلك الخطوات تقدم المرأة ونهوضها في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ذلك النهوض الذي اعطى للمرأة حقها الطبيعي عن طريق مساواتها مع الرجل ومشاركتها في بناء المجتمع العراقي الجديد.

ولا بد لنا من الاشارة الى هذه الحركة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بما كانت عليه حالة المرأة في العهود السابقة، وبالذات العصر العثماني الذي انتهى في العراق خلال الحرب العالمية الاولى. ومما لاريب فيه ان الحركة النسوية انذاك لم تكن قد ظهرت بعد الى حيز الوجود بسبب الظروف القاسية التي كانت مفروضة على المرأة العراقية ابان العصر العثماني الذي حرمها من كثير من حقوقها الاساسية في الحياة وبالتالي وقف حائلا دون تقدمها عن طريق عرقلة قدرتها على الاداء.

اما في النصف الاول من هذا القرن فلقد ظهر نموذج جديد للمرأة هو نموذج المرأة التي تطمح في الحصول على نصيب اوفر من الثقافة والتعليم، وتقف على قدم المساواة مع الرجل وتساهم مثله في النشاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، وعلى اكتاف هذه المرأة قامت الحركة النسوية المعاصرة في العراق.

ومهما يكن من امر فان هذه التطورات لا يمكن الالمام بها دون الرجوع الى معرفة مسبباتها وذلك ما يكمن في تطور التعليم النسوي في العراق الذي يعتبر الدعامة الاساسية التي استوت عليها نهضة المرأة الجديدة. فالتعليم يشكل جانبا وجانبا مهما في عملية نهوض المرأة وذلك لانه احدث تغيرا جذريا في وضع المرأة ومكانتها في المجتمع.

واذا ما القينا نظرة فاحصة على التعليم النسوي في العراق خلال العصر العثماني نجد بانه كان في غاية التأخر. فلقد كان الناس في هذه الفترة يعتقدون بان مجرد تعليم المرأة القراءة والكتابة يؤدي الى افسادها، ولذا فان تعليمها لم يكن شيئا يذكر. واذا استثنينا العدد القليل من المدارس والكتاتيب البسيطة التي كانت تعلم القراءة والكتابة الخاصة بالاقليات غير المسلمة. فان تعليم المرأة كاد ان يكون معدوما.

واذا ما كانت مسألة التعليم تشكل حجر الاساس في نهضة المرأة العراقية فانها كانت مسألة معقدة بسبب الظروف والتقاليد الصارمة التي اشرنا اليها اعلاه وبسبب ان العراق لم يكن شديد التأثر بالنهضة التعليمية الحديثة التي جرت في كل من مصر وسوريا ابان القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين اذ قادت تلك النهضة الى نشوء فكرة تحرير المرأة العربية واعطائها حقوقها الشرعية وحظها من التربية والتعليم. وكانت دعوة قاسم امين التي انطلقت عام 1898 في القاهرة خير من يمثل هذا الاتجاه، على ان هذه الدعوة لم تستطع الوقوف على قدمين ثابتتين الا بعد فترة طويلة من الزمن، لكنها بدأت تنعكس في اقطار الوطن العربي الاخرى ومن بينها العراق حيث تمثلت في قصائد الشاعرين الكبيرين الزهاوي والرصافي.

والذي لا يمكن نكرانه ان الدعوة لتعليم المرأة ونهوضها في العراق قد استندت الى تشجيع بعض المفكرين والكتاب العراقيين وكان على راس هؤلاء شاعر العراق المعروف جميل صدقي الزهاوي المولود عام 1863 وكان والحالة هذه معاصرا لقاسم امين. وقد سافر الى مصر واستقبله هناك صديقه الكاتب الاجتماعي سلامه موسى ضيفا مكرما، وخلال اقامته القصيرة اتصل بالاوساط الفكرية التي كانت تدعو الى تحرير المرأة، وراح الزهاوي فور عودته الى بغداد يحث واليها نامق باشا على اقامة مدرسة للبنات، وقد تم له الامر عام 1899 حيث مثّل ذلك بداية التعليم النسوي في العراق، ولم يعقبه انشاء مدرسة اخرى للبنات الا بعد 14 سنة – – – ولا تزال مدرسة البنات في الاعظمية قرب ساحة عنتر تحمل اسم الزهاوي.

وهذ مطلع لأحدى قصائده :

ان اراء الزهاوي حول تعليم المرأة العراقية قد ظهرت في عدد من المقالات التي نشرها في مطلع القرن العشرين وتناولت فيما تناولت تلك الاراء التي كانت تدعوا الى تحرير المرأة والدفاع عنها، ومما يهمنا في هذا المجال هو التأكيد على موقف الزهاوي المشرف من تعليم المرأة وتثقيفها حيث اكد بان هذا التعليم هو الاساس في رفع مستواها الثقافي كما يقول في قصيدته:

لا يقي عفة الفتاة حجاب * * * بل يقيها تثقيفها والعلوم

من كتاب حضارة العراق ج : 13 الدكتور طارق نافع الحمداني، جامعة بغداد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here