نيرة النعيمي
الفرات بديلا عن قناة السويس!!
ربما يبدو العنوان غريبًا؛ لكن هذا ما كان سيحدث قبل حوالي قرنين من الزمان، حين اجتمعت لجنة خاصة في مجلس العموم البريطاني عام 1831، ودرست الفروق بين طريقي الفرات والبحرين المتوسط والأحمر
اللجنة خلصت إلى أن الفرات ربما يكون الأفضل، لإنشاء طريق يصل بين البحر المتوسط والخليج العربي، وبالتالي اختصار آلاف الكيلومترات وشهور من الملاحة في أعماق البحار، للاستدارة من رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا للوصول إلى الهند
ولكن كيف ذلك؟
كانت الخطة البريطانية تقضي بمدّ خط سكة حديد من موانىء على المتوسط إلى الفرات، ثم عبر السفن إلى البصرة والخليج
لكن المحاولة الأولى لذلك فشلت؛ بعدما غرقت سفينة بريطانية قبالة مدينة عنة على الفرات، بسبب عوائق تمنع حركة السفن الكبيرة
تحولت الفكرة بعد ذلك إلى خط يصل إلى بغداد مباشرة ثم البصرة، لكن المشروع الجديد لم يحظ بالاهتمام الكافي
عاود البريطانيون بحث المشروع في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لكنه تعثر بسبب مشاكل مالية بين العثمانيين والإنكليز
ثم بُعث المشروع مرّة أخرى في مجلس العموم البريطاني؛ إلا أن الوقت كان قد فات؛ بعد شق قناة السويس وافتتاحها عام 1869
مثل هذا المشروع العملاق كان يمكن أن يخطو بالعراق نحو المستقبل بسرعة هائلة، ويحوّل هذه البقعة من الأرض إلى طريق تجاري عالمي لعقود من الزمن
لكنه أجهض بسبب خلافات مالية، وعقبات تنموية عانى العراق منها قرونا طوالا، تمثلت في انعدام الطرق الصالحة للتجارة، ومشاكل ملاحية في أنهاره
فضلا عن عدم قناعة الأنظمة السياسية بجدوى مثل هذه المشاريع؛ خضوعًا لسلطة الآيدلوجيا وغرقًا في وهم القوة، وسعيًا نحو الحلول السهلة والجاهزة
Read our Privacy Policy by clicking here