ماذا سيكون تأثير مباحثات الاتفاق النووي على ايران ومن كل المجالات؟؟؟

ماذا سيكون تأثير مباحثات الاتفاق النووي على ايران ومن كل المجالات؟؟؟

د. كرار حيدر الموسوي

ورغم التقدم في المفاوضات النووية بين القوى الكبرى وإيران، بات مستقبل المباحثات على المحك بعد ربط روسيا بين التوصل لاتفاق مع طهران والعقوبات التي فرضها الغرب عليها ردا على غزوها أوكرانيا. فهل تنسف موسكو ما تحقق حتى الآن؟

بعد أحد عشر شهرا من المفاوضات الماراثونية بين القوى الكبرى وإيران لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذى أسفر في حينه عن رفع العقوبات الغربية التي فرضت على طهران مقابل وضع قيود على برنامجها النووي المثير للجدل.

بيد أن مسار التفاوض في فيينا تعقد إثر تقديم روسيا طلبا في اللحظة الأخيرة تدعو فيه الولايات المتحدة إلى تقديم “ضمانات مكتوبة” بأن العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو بعد غزوها أوكرانيا لن تضرّ بالتعاون بين موسكو وطهران بموجب الاتفاق النووي الذي يُعرف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”.

وجاء الطلب على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أكد أن بلاده تريد “ضمانات مكتوبة” بأن العقوبات لن تؤثر “على حقنا في التعاون الحر والكامل التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري مع إيران”.

ولم تقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي إزاء الطلب الروسي حيث جاء الرفض الأمريكي سريعا، بنفي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وجود “رابط” بين العقوبات ودور روسيا في إطار إحياء الاتفاق النووي.

وقال الوزير الأمريكي إن المطالب الروسية “خارج السياق”، مضيفا أن “من مصلحة روسيا أن تكون إيران غير قادرة على امتلاك سلاح نووي. وسوف يبقى ذلك ساريا بغض النظر عن علاقتنا بروسيا منذ غزوها لأوكرانيا”.

أما إيران، فأعلنت أنها تنتظر الاطلاع على “تفاصيل” الطلب الروسي، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده “سمعنا ورأينا تصريحات السيد لافروف عبر وسائل الإعلام وننتظر التفاصيل عبر القنوات الدبلوماسية”.

في المقابل، حذرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي الدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي بالإضافة إلى روسيا والصين، موسكو من مغبة أي محاولة لإفساد الاتفاق الذي اقتربت الولايات المتحدة وإيران من التوصل إليه خاصة بعد أن بلغت المباحثات غير المباشرة بين البلدين مرحلة متقدمة.وفي بيان مشترك لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قالت الدول الثلاث إن “نافذة الفرصة ستغلق، لذا ندعو كافة الأطراف إلى اتخاذ القرارات اللازمة لإنجاز الاتفاق في الوقت الحالي. وفي هذا الصدد، ندعو روسيا إلى عدم إضافة شروط غريبة”.

بدوره، أشار حميد رضا عزيزي، الخبير في الشأن الإيراني بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية “SWP”، إلى أن هناك مخاوف من أن تلقي الأزمة في أوكرانيا بظلالها على المفاوضات النووية مع إيران. وقال في مقابلة مع DW “منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أثيرت مخاوف من أن التطورات الجديدة خاصة التصادم بين روسيا والدول الغربية سوف تؤثر سلبا على مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني”. وأضاف “جوهر هذه المخاوف، هو أن روسيا قد تسعى إلى استخدام مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة كورقة مساومة في إطار التوصل إلى اتفاق مع الغرب بشأن أوكرانيا”.

وأشار الباحث إلى أن روسيا “تتعرض في الوقت الحالي لضغوط دولية متنامية وغير مسبوقة بشأن مغامرتها في أوكرانيا”، مرجحا أن يكون الطلب الروسي للحصول على ضمانات من أمريكا مجرد “مناورة سياسية لتذكير واشنطن والعواصم الأوروبية بأنها ما زالت بحاجة إلى التعاون مع موسكو لحل بعض القضايا العالقة”.

وفي هذا السياق، أوضح عزيزي: “في إطار هذا السيناريو، قد تُقدم موسكو على المناورة لبعض الوقت ما يؤخر التوصل إلى اتفاق نووي نهائي مع إيران. لكن في نهاية المطاف ستدرك أن تحقيق مصالحها الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية سيدفعها إلى المساهمة في وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي”.

منذ أشهر، تجري إيران والقوى الكبرى مباحثات نووية في فيينا تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، فيما تزامن الطلب الروسي معتأكيد إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية الاتفاقعلى النهج الرامي إلى حل القضايا العالقة لإحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وفي حالة نجاح المفاوضات النووية في فيينا، فإن من شأن هذا أن يعيد الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال للاتفاق النووي المبرم عام 2015 وهو الأمر الذي سوف يمهد الطريق أمام تحقيق طهران مكاسب اقتصادية كبيرة عبر السماح لها ببيع النفط والغاز بحرية والعودة إلى النظام المالي العالمي، مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها النووي. بيد أن الطلب الروسي الذي طُرح في اللحظة الأخيرة من شأنه أن يعقد مسار المفاوضات والتوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والقوى الكبرى

وفي هذا السياق، يقول حميد رضا عزيزي، الخبير في الشأن الإيراني بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التطورات الأخيرة وضعت إيران في “موقف معقد للغاية”. ويضيف “حاولت الحكومات الإيرانية على مدى عقود تصوير روسيا خاصة أمام الشعب الإيراني كحليف أو على الأقل كشريك استراتيجي. وفي حالة اعترافهم الآن بأن روسيا قد تلاعبت بهم، فإن هذا من شأنه أن يثير رد فعل شعبي غاضب”.

ويأتي هذا الأمر في وقت تسعى فيه طهران جاهدة إلى “إبرام الاتفاق النووي أكثر من أي وقت مضى، لأن أسعار النفط المتزايدة قد تساهم بشكل كبير في تعافي الاقتصاد الإيراني الذي تضرر كثيرا جراء العقوبات الغربية” يقول عزيزي.

أنابيب النفط في ميناء خرج الإيراني

تأمل إيران في التوصل إلى اتفاق ورفع العقوبات المفروضة عليها بأسرع وقت لزيادة انتاحها من النفط والاستفادة من ارتفاع الأسعار

أما بالنسبة لروسيا، فقد أضرت حزمة العقوبات الغربية القاسية بالاقتصاد الروسي، لكنها أدت في الوقت نفسه إلى ارتفاع أسعار المواد الخامة لا سيما النفط والغاز وأيضا أسعار القمح على مستوى العالم.

وفي حال نجاح المفاوضات مع إيران في إحياء الاتفاق النووي، فإن هذا سيمكن طهران من تصدير المزيد من النفط والاستفادة بشكل كبير من ارتفاع الأسعار خاصة وأن النفط يعد شريان الحياة الاقتصادية في إيران.

وقد أدت العقوبات الأمريكية إلى انكماش صادرات النفط الإيرانية من 2,8 مليون برميل يوميا عام 2018 إلى 700 ألف برميل يوميا عام 2020.

وفي هذا الصدد، يعتقد خبير الطاقة دلغا خاتين أوغلو أنه حتى في حالة رفع العقوبات الأمريكية، فلن تتمكن طهران من استعادة مكانتها في سوق النفط بين ليلة وضحاها. ويرجع خاتين أوغلو ذلك إلى أن “عملاء إيران الرئيسيين في آسيا مثل كوريا الجنوبية أو اليابان أو الهند قد تحولوا إلى استيراد النفط من بلدان أخرى. قبل ستة أعوام وعقب التوصل إلى الاتفاق النووي، استغرق عودة صادرات إيران النفطية إلى المعدلات السابقة عدة أشهر”.

وفيما يتعلق بالمستوى الرسمي، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عقب اتصال هاتفي مع نظيره الروسي على أن طهران “تريد إبرام اتفاق جيد ولن تسمح لأي عامل خارجي بالتأثير على مصالحها خلال محادثات فيينا”. من دون أن يخوض في تفاصيل مباحثاته مع سيرغي لافروف.

بدوره، يؤكد عزيزي على أنه في حالة تزايد شعور روسيا باليأس حيال الوضع في أوكرانيا، فإن هذا سيقلل احتمالية أن تذعن موسكو لطلب إيران بعدم الربط بين المفاوضات النووية والأزمة الأوكرانية.

وفي هذا السياق، يرى عزيزي أن “الخيار الوحيد القابل للتطبيق أمام إيران يتمثل في عقد محادثات ثنائية مع الولايات المتحدة. وهو الأمر الذي لا تزال ترفضه طهران حتى الآن. وفي نهاية الأمر يجب الإشارة إلى أن إيران تتفاوض على رفع العقوبات الأمريكية”. ويختم عزيزي كلامه بأن “المحادثات الثنائية مع واشنطن يمكن أن تحبط مساعي روسيا التخريبية في الوقت الحالي”.

كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن “الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية” تحت رعاية برنامج أيزنهاور “الذرة من أجل السلام”. وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.

الامور لم تقف عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك الى توجيه اصابع الاتهام الى الصين عبر توجيه الاتهام لها بالمشاركة والتنسيق مع روسيا في التأمر على ايران، معتبرة إنه لا ينبغي التقليل من دور الصين في توقف المفاوضات النووية، فهي الأخرى طالبت واشنطن بالحصول على ضمانات لها في حال العودة إلى الاتفاق النووي. ورأت

انشغل الاعلام الايراني اليوم بموضوع وقف المفاوضات، وتعليق التوصل لاتفاق نووي،حيث اهتمت معظم الصحف بهذا التطور الذي وصفته بالخطير بعد أيام من الحديث عن اقتراب الأطراف المشاركة في مفاوضات فيينا من التوقيع على الاتفاق النووي وإحيائه مجددا،حيث وجهت أصابع الاتهام الى “العوامل الخارجية” ودور روسيا والصين في ذلك، مشيرة اولا إلى تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قبل أيام، حين طلب حصول بلاده على ضمانات تكفل لها الحصول على مزايا الاتفاق النووي، وعدم سريان العقوبات المفروضة على موسكو حاليا، عندما يتقرر العودة إلى الاتفاق النووي،موجهة اصابع الاتهام الى أن الإعلان عن وقف المفاوضات النووية قد جاء بعد أيام قليلة من الشروط الروسية الجديدة في محادثات فيينا، وهو ما اعتبرته عرقلة متعمدة وسياسة مقصودة من موسكو تجاه الاتفاق النووي، وهو ما استدل عليه الاعلام الايراني من خلال تصريحات جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، الذي اشار الى إن هناك حاجة إلى وقفة في المحادثات بسبب “عوامل خارجية”، رافضًا الخوض في المزيد من التفاصيل بهذا الخصوص، مما اثار الاعلام الايراني، حيث شن حمله اعلامية غير مسبوقة على روسيا.

أن روسيا والصين تحاولان الحصول على كامل الثروات الإيرانية والاستفادة من ورقة إيران في مواجهة العقوبات المفروضة على روسيا والمحتملة على الصين التي تفكر في غزو جزيرة تايوان وضمها لها بالقوة، وربما قد تدفع موسكو والصين حليفتها كوريا الشمالية الى افتعال مواجهة مع كوريا الجنوبيةبهدف خلط الاوراق، وخلق حالة دوليه تصعيدية غير مسبوقة.

تعتبر طهران ان الوضع الأمثل للصين وروسيا حاليا هو عدم إحياء الاتفاق النووي وعرقلة نجاح المفاوضات في فيينا”، وان موسكو تحاول لفت الأنظار عن غزوها لأوكرانيا بإعادة ملف إيران النووي إلى واجهة الاهتمام الدولي

،محذرة من خطر الوقوع في فخ روسيا حول الاتفاق النووي، ومشيرة في الوقت نفسه أنه في حال استمرار العقوبات على إيران فإن روسيا سوف تستحوذ على حصة إيران في اسواق الصين والهند وشرق آسيا من النفط، وبالتالي ضياع الاتفاق النووي الذي سيحمل إيران خسائر أكبر من تلك التي تكبدتها أثناء الحرب العراقية الإيرانية، الامر الذي قد يهدد من انهيار الوضع الاقتصادي والامني في ايران، وانعكاس ذلك عبر اندلاع الاحتجاجات فيها بشكل عنيف ومختلف عما جرى في السابق، مطالبة صناع القرار الايراني بضرورة السعي لاحياء الاتفاق النووي مهما كلف الثمن، وتفويت الفرصة على روسيا والصين للتأمر على ايران.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here