حول حركة تحرير المرأة في العراق، ح2

حول حركة تحرير المرأة في العراق، ح2 * د. رضا العطار

في الوقت الذي كانت الحملة لرفع مستوى المرأة العراقية وضمان حقوقها وحريتها تتصاعد باستمرار، شقت المرأة طريقها ايضا وعملت على تأسيس المنظمات النسوية ومؤسساتها المختلفة. وتدل الشواهد على ان اصبح هناك اكثر من امر يهدف الى دعم الحركة النسوية في العراق. وكان (نادي النهضة النسوية) الذي أنشيء في تشرين الثاني عام 1924 هو من بين تلك الطاقات الجديدة.

كانت الهيئة المؤلفة لهذا النادي مكونة من اسماء الزهاوي (شقيقة الشاعر جميل صدقي الزهاوي) رئيسة، ونعيمه السعيد نائبة الرئيسة، وماري عبد المسيح السكرتيرة، وفخرية العسكري (عقيلة المرحوم جعفر العسكري) أمينة الصندوق. واعلنت ادارة هذا النادي ان الغاية المقدسة التي ترمي اليها النهضة النسوية العراقية هي ارشاد النساء والفتيات الى الشعور بهويتهن الحقيقية ومعرفة مركزهن السامي والاندفاع الى التنوير والتهذيب لأصلاح احوالهن الادبية والاجتماعية – – – واما النادي النسائي المنوي فتحه فهو المعول عليه لتعزيز هذه الغاية والتوسل بجميع الوسائل الممكنة لبلوغها.

وقد قوبلت هذه الدعوة برد قوي، اذ انقسم الناس الى فريقين، قسم يؤيد الفكرة ويطلب تحرير المرأة العراقية وقسم اخر يعتبر ذلك مخالفا للدين والعقائد الاسلامية، حتى ان قسما منهم طلب من الحكومة التدخل لخنق هذه الدعوة متعللا بان السفور يغزو البلاد.

لكن النادي بدأ اعماله في التركيز على هذه النقاط:

1 – فتح دورة لتعليم الاميات 2 – القيام بتربية وتعليم عدد من اليتيمات.

وبهذا يكون النادي اول هيئة نسوية عراقية تشارك عضواته في خدمة بنات هذا البلد وتوجيههن التوجيه الصحيح. بيد ان الضغط والهجوم اخذا يزدادان يوما بعد يوم على النادي واعضاءه حتى اوصدت ابوابه.

لم يطرأ تحول على نشاط الجمعيات النسوية في العراق حتى الثلاثينيات من القرن العشرين حيث شهدت هذه الفترة وما تلتها ظهورعدد من الجمعيات التي اتخذت لنفسها اهدافا ومسارات مختلفة. ولعل الصفة البارزة لهذه الجمعيات هو اقتصارها في الاهتمام بالنواحي الاجتماعية اكثر من النواحي السياسية كانشاء المستشفيات والمياتم ومدارس التمريض وما شابهها – وكان من بين هذه الجمعيات الفرع النسائي لجمعية الهلال الاحمر الذي اسس عام 1933 وبقى حتى عام 1945 – وجمعية بيوت الامة التي اسست عام 1935 وجمعية مكافحة العلل الاجتماعية التي تاسست عام 1937 – وقد وجد عدد الجمعيات النسوية ذات الصلة الدينية كجمعية الاخت المسلمة ومثلها الجمعيات النسوية المسيحية.

واعقب ذلك بروز عدد من الجمعيات التي اصطبغت بطابع سياسي كجمعية مكافحة النازية والفاشستية التي انشأت عام 1943 وقد تحولت بعدئذ الى (جمعية الرابطة النسوية) التي اصدرت مجلة (تحرير المرأة) وكان هدفها رفع مستوى المراة الثقافي عن طريق المحاضرات العلمية والادبية وانشاء مراكز لمكافحة الامية، لكن جميع هذه الجمعيات ضعفت مع الزمن حتى انحلت.

على ان اكثر الجمعيات النسوية دواما ونشاطا هي (الاتحاد النسائي العربي ) التي انشأت في القاهرة. انحصرت اهدافها في المجالات التالية:

1 – توثيق الروابط التعاونية بين الجمعيات المختلفة في العراق

2 – توثيق الروابط الثقافية والاجتماعية بين الجمعيات النسوية في اقطار الوطن العربي

3 – توثيق جهود نساء العراق لرفع مستواها صحيا واجتماعيا ومدنيا.

وقد كان تاسيسه مبنيا على اشتراك ثلاث عضوات من كل جمعية تنتدبهن الهيئة الادارية لتمثل تلك الجمعية في الاتحاد النسائي ثم تنتخب من كل هؤلاء الهيئة الادارية للاتحاد المذكور – – – وقام الاتحاد النسائي بنشاطات ثقافية واسعة عن طريق اقامة المحاضرات والمواسم الثقافية التي تهدف الى توسيع افق المرأة ورفع مستواها الثقافي وعدا ذلك فقد بذل الاتحاد جهودا اخرى في حقول مختلفة مثل المطالبة بحقوق المرأة السياسية وتوفقت في كثير من تلك الامور.

وعلى اية حال فقد كان لهذه الجمعيات فضل لا ينكر على قضية المرأة العراقية سواء بما كانت تسديه من خدمات اجتماعية وثقافية او تطالب بحقوق المرأة العراقية على كل المستويات اسوة باختها في الدول المتقدمة.

*مقتبس من كتاب حضارة العراق ج 13 : د. طارق نافع الحمداني – جامعة بغداد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here