الحاجة الى القادة الأقوياء

الحاجة الى القادة الأقوياء :
بقلم ( كامل سلمان )
جميع الأمم والشعوب تبحث عن القادة الأقوياء لمواصلة مسيرتها بشكل ناجح ولدخول حلبة المنافسة على الرقي مع المجتمعات الاخرى .
مفهوم القائد القوي يختلف عند الامم والشعوب ، فمثلا شعب سلطنة بروناي اختاروا الاقوى ماليا وهو ملياردير يعيش في بريطانيا ليكون سلطانا عليهم و ليقود مجتمعهم بشكل ناجح ، مجتمعات شبه القارة الهندية يختارون قادتهم من المفكرين ويعتبرونهم الاقوى والاجدر بقيادة البلد ، الشعب الروسي وشعوب اسيا الوسطى دائما يختارون الاصلب على المبدأ ليكون قائدا لهم ، شعوب اوربا وامريكا تختار الإنسان الأنجح ليكون قائدا لهم وشعوب امريكا الجنوبية تختار الاكثر ثورية وتفاعلا مع الفقراء ليكون قائدا لهم ، وهذه ليست دراسة او تحليل ولكن بنظرة عابرة الى اوضاع الامم والشعوب خلال المائة سنة الأخيرة نستطيع ان نخلص الى هذه النتيجة ، وكل هذه الشعوب والامم كانت محقة في اختيارها و تفكيرها أتت اكلها لإنها إختارت الأنسب لها ، حتى وان كان القائد يأتي عن طريق الثورة او الانقلاب او الوراثة او الوصاية فهو يلبي الحاجة الفعلية لشعبه كي يكون القائد القوي الناجح . اي ان مفهوم القوة عند القائد تختلف من شعب الى أخر .
نحن لا نختلف عن سكان الارض ، فتاريخنا منذ الاف السنين يشهد بإننا نبارك و نعاضد ونخضع لنوع واحد من القادة الاقوياء الا وهو القائد القوي دمويا لا ماليا ولا فكريا ولا عقليا ، نختاره و نناصره ثم نشتكي منه ونخضع له و نجعل سيفه على اعناقنا ونجعل منه إلها ، والقائد الدموي القوي يصعد نجمه عندنا بشكل سريع كالنار في الهشيم فتجد الملايين يتبعونه و يتكيفون بنفس دمويته او أسوأ من هذا القائد القوي ، منذ القدم وحتى يومنا هذا لم نقرأ ولم نسمع ولم نرى قائدا ناجحا قويا يذكر في تأريخنا غير القادة الدمويين . وهذا لا يعني بإننا شعوب سيئة نختار من هو دموي عنيف قاسي ولكن يمكن تفسيره بشكل أخر وهو إننا نبحث عن الأمان ، فالخوف أرهقنا ، تأريخنا كله خوف فنجد ضالتنا بالقائد القوي القاسي الدموي نخضع له مقابل توفير الأمان لنا ، وهذا ما يحصل واقعا تجد الأمان في فترات حكم القائد الدموي ، وبمجرد ان يغيب هذا القائد نتحسر على غيابه بسبب الفوضى التي تعصف بمجتمعاتنا وأولها فقدان الأمان وتسلط شراذم المجتمع واستباحة الدم ، وعيبنا إننا لا ننظر الى القوة من خلال القانون القوي والدستور القوي بل ننظر للقوة من خلال القائد القوي وهذا هو سبب ابتعادنا زمنيا عن التطور الحضاري البشري .
عندما يكون القانون قوي و يتسيد على الجميع بدون استثناء عندها سنشعر بالأمان و تلاشي الخوف وبها لم نعد بحاجة الى القائد القوي العنيف الدموي ولم نعد بحاجة الى الالتفاف حول هذا او ذاك او حول العشيرة ، او الحزب او اي تجمع ، وانا أجزم بأننا مع وجود القانون القوي سنكون قوة كبيرة لها ثقلها بين الامم ولكن متى ؟ متى نبحث عن القائد الاكفأ ، متى نبحث عن القائد الانجح ، الأعدل ، الأقوى شخصية وخلقا وجهدا ، ام سنبقى تحت وصاية القائد الأعنف !!
مع ابتعاد الطبقات المثقفة عن الساحة و إنزواءها سيبقى المجتمع تحت تأثير هذه المعادلة ولا يدري بإن الدنيا تغيرت وأن بلدان العالم اصبحت عندها قوانين ودساتير تحكم وليس افراد . فالأعلام عندنا يصور للناس حكم القادة في دول العالم مع ذكر عيوبهم وكأن القرارات بيدهم و كأنما حياة المجتمعات الاخرى خاضعة لمزاجية فرد او مجموعة افراد في اساليب اعلامية رخيصة هدفها الغاء قوة القانون في هذه المجتمعات لكي نقارنها بأنفسنا في كل شيء غير مبالين لقوانينهم . الرحمة والمغفرة للعقل عندنا الذي وافته المنية والعزاء لشعبنا بفقدانهم الحقيقة بسبب تصديقهم لكل شيء غير معقول على الرغم من توفر كل السبل الاعلامية صورة وصوت لتبيان الحقيقة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here