إزدواجية بايدن وذكاء بوتين ، إلى أين ؟

إزدواجية بايدن وذكاء بوتين ، إلى أين ؟
رفضت اميركا نشر صواريخ روسية في كوبا في الستينيات ورأتها تهديداً لأمنها القومي ، وشجعت أوكرانيا للإنظمام للناتو ، ولكن كانت تعلم ردة الفعل الروسية مسبقاً ، ولما إجتاحتها روسيا تخلت عنها ، عدا تقديم المساعدات اللوجستية التحريضية المطمئنة لإوكرانيا بتزويدها بالمعدات
العسكرية ، وفرض العقوبات الإقتصادية على روسيا وجعل اوكرانيا مستنقعاً تغرق روسيا فيه ،وكذلك فعلت اوروبا وإزدهر سوق السلاح في اميركا وبريطانيا وفرنسا ، لزيادة التورط الروسي وكبح جماح بوتين في
إندفاعه وتقليم اضافره ، وكلما إقتربت المفاوضات الروسية الأوكرانية من الإتفاق ،سارعت اميركا ومعها بريطانيا لإرسال اسلحة نوعية لإطالة امد الحرب المجنونة لإضعاف روسيا كما فعلت اميركا والغرب عندما تورطت روسيا في افغانستان سابقاً .
عهد بايدن يشبه سلفه اوباما ، فهو خذلان الحلفاء والتودد لإعدائهم وهو قمة العبث السياسي وفقدان المصداقية وعدم الثقة ، ففي عهد اوباما وقع على الإتفاق النووي مع إيران ، ورفع الحجز عن الميليارات الإيرانية
مما ساعدها للمضي قدما في تصدير الثورة إلى دول الجوار وزعزعة السلم الإقليمي والدولي بواسطة ميليشياتها في العراق ولبنان واليمن وبقية دول المنطقة والعالم .
والآن اميركا لاهثة ومندفعة لإحياء الإتفاق الذي الغاه ترامب ، لكن روسيا أتت بشروط اوقفت الإتفاق ، و الموقف الأمريكي من الدول العربية عمليا ً هو لصالح إيران .

مسألة الطاقة هي في صدارة الأزمة الأوكرانية ، فاوروبا 40% من
وارداتها من النفط والغاز الروسي ، فكيف ستعوض هذا النقص ؟ ليس سوى اللجوء إلى الدول العربية ، وهذا يعني على الدول العربية أن تعي
اللعبة وتفرض شروطها وتبحث كل الملفات ، واهمها وقف المساعي الغربية لإنقاذ النظام الإيراني ومنها تقديم الملايين لنظام الملالي في سبيل إحياء الإتفاق النووي ، ودفعت بريطانيا وحدها ما يقارب نصف مليار دولار لإيران ، وبعد رفع ميليشيا الحوثي من قائمة الإرهاب يتم الحديث الآن رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب ، الذي حمى المجاميع الإرهابية ، وكانت إيران الممر الرابط بين افغانستان والشرق لضرب القوات الأمريكية في العراق ، وكانت تركيا الممر الآخر لدخول الإرهابيين
إلى سوريا والعراق ، فكانت القاعدة والزرقاوي وداعش والبغدادي ، لعبت
إيران اللعبة بإتقان ،وخسر العراق وسوريا مئات الألاف من العسكريين والمدنيين ، فمن هو المتضرر من هذه السياسة يا ترى ؟ إنها الدول العربية وإسرائيل ، والمستفيد الوحيد هو إيران بلا منازع ….
أنها سياسة اميركا الهدامة لكل المواثيق ، وعدم المصداقية ، كما حدث للإنسحاب الأمريكي المهين من افغانستان وتمكين طالبان من إستلام الحكم بعد عشرين سنة من القتال والتضحيات الجسام .
خلاصة القول : روسيا لا تأبه بالعقوبات وهي ماضية لتحقيق اهدافها في
إحتلال اوكرانيا ،وتغيير نظامها إلى نظام موالي لها ، وفي احسن الأحوال
فرض المزيد من العقوبات الإقتصادية وتقديم بعض الآسلحة النوعية للمقاومة الأوكرانية بغية إضعاف روسيا على كل الصعد ، وستكون هذه العقوبات قاسية جداً على روسيا ، ولكن لا يظهر بصيص أمل ، والكل سيتضرر ، ولكن ! أين لغة العقل والمنطق في كل هذا ؟ قساوة على روسيا وصعوبات على اوروبا لأنها لا تستطيع الإستغناء عن شريان الطاقة الروسي ، وروسيا تحاصر المدن وتحطم البنى التحتية وتقتل المدنيين ، كما
يحدث في مدينة ماريوبول وسكانها يدفنون موتاهم في قبور مؤقتة على جانب الطرق ،ووصف بوريل وزير خارجية الإتحاد الأوروبي عمليات القتل والتدمير بأنها ( جريمة حرب كبرى ) ، والأيام القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت .
منصور سناطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here