العدد 818 جريدة العراقية الأسترالية:

تحايا متجددة للجميع القارئات والقراء الفاضلات والأفاضل
وبين أياديكنّ وأياديكم جريدة غنية ثرة بمحتواها الثقافي الفكري السياسي  يكن الوصول إليها عبر رابطها في ألواح سومرية معاصرة الذي تجدونه في أسفل هذه الرسالة
تجدون ضمنا بمناسبة اليوم العالمي للمسرح  الرسالة السنوية التي تتقدم بمضامين تطلعاتها لحركتنا المسرحية
شكرا لتفضلكم بالاطلاع و\أو النشر للإعلان عن الصدور ولمادة الرسالة السنوية في اليوم العالمي للمسرح وهذا نصها
******************************

رسالتي السنوية من وحي مسرحنا العراقي في اليوم العالمي للمسرح 2022

هذه الكلمات أكتبها سنوياً في اليوم العالمي للمسرح من وحي أوضاع مسرحنا العراقي واندماجه في خطاب الثقافة التنويري بمسيرته لكنه المسرح الذي يجابه اليوم أعتى فظاعات قوى الظلام والتخلف وإفشاء منطق الخرافة .. إنها كلمات تحكي جماليات الأنسنة  والعمل في زمن الهزيمة والانكسار من أجل استعادة بهاء العطاء الثقافي الأسمى بكل مضامين قيم الجمال والمحبة والتسامح والإخاء وتحرير العقل من عتمة أظلمت فظلمت ولكن المسرح بجمالياته يأبى التخلي عن منظومة القيم السامية وها نحن نجدد تصفح ما كتبنا معا وما خُطَّ في ضوء حواراتنا بمدار الأعوام والسنوات فمرحى بمسرحيي العالم يلقون نظرة تضامن مع مسرحيي العراق أبناء سومر الحضارة والتمدن، مهد التراث الإنساني

رسالتي السنوية من وحي مسرحنا العراقي في اليوم العالمي للمسرح 2022

تدور طواحين الهمجية، وهي تسحق أشكال الإبداع ومحاولات إعادة إنتاجه فيما يجري تعطيل عجلات إنتاج ثقافة التنوير والتمدن والتحرر بمختلف أشكال المصادرة والإلغاء واغتيال الطاقات ومشاغلتها بتفاصيل لا علاقة لها بمنظومة جماليات العمل المسرحي وما تتطلبه! تلك المنظومة القيمية التي بقيت منذ أزمنة مهد التراث الإنساني ومسرحه السومري (أكيتو) وحتى عتبات مباني النور وليس انتهاءً بالعمارة المسرحية لصالات الحراك الإبداعي طوال قرن ونصف القرن، بقيت مصدر إشعاع وتنوير تنتصر للإنسان والأنسنة.

لم تكن أعمال الآباء الدومينكان ولا كثير من كتّاب ومبدعي المسرح إلا توكيداً للمتغيرات العاصفة لعصرنا وشمولها الميدان العراقي مع ولادة دولته الحديثة المعاصرة. فلقد نضجت أرضية مجتمعية ومنظومة قيمية للتمدن لتزرع بذور التغيير الأولى لبناء الشخصية العراقية المعاصرة على أسس الانعتاق والتحرر وحركة التنمية البشرية الأنجع تلك التي تؤكد احترام الإنسان وحقوقه وحرياته..

وفي ضوء ذلك شهد المسرح العراقي الجديد تحوله إلى منصة نوعية ليس لمساهمة ثقافية جمالية عابرة، بل للتحول إلى نافذة لسطوع شموس تعبيرية عن النضال الوطني التحرري لا السياسي المحدود، بل القائم على امتلاك مفاتيح بناء الشخصية الوطنية والسعي نحو تشكيل وعيها المتكامل..

من هنا وجدنا مسرحية النشأة تنطلق من أبعاد تجمع بين الوطني السياسي بالمعنى العام الأشمل وبين منظومات قيمية تربوية سلوكية بديلة لما أزف موعده بالإشارة إلى مسرحية لطيف وخوشابا بكل أبعاد قراءتها سوسيوسياسيا بعمق الاشتغال على البنى الطبقية من جهة وعلى الانعكاسات الجمالية وقدراتها التعبيرية على بساطتها..

إن منجز المسرح العراقي طوال ما ناهز العقدين الأخيرين، قدَّم بفخر طابعاً من تحدي المحن والمواجع مخترقاً كل ما أُحيط به من أسوار وأشكال حصار ليعرض بجمالياته، معالجات حاولت نشر ثقافة السلم الأهلي ومنظوماته القيمية وطنية الهوية أولا وإنسانية الطابع ثانيا؛ تأسيساً بمدنية الفعل ومنطقه الفلسفي العميق صوب خلق جمالياته

وفي اليوم العالمي للمسرح، نجدّد النداء لمسرحيينا من فنانات مبدعات وفنانين مبدعين كي يواصلوا منجز المسرح العراقي بذياك الألق والتميز، فبهن وبهم يليق الفخر وتتعزز فرص الوعي الشعبي بكل ما يحيط به من أوبئة وأمراض بيولوجية تُنهك أجساد الفقراء المتعبة أم اجتماعية نفسية تمزق الشخصية المضغوطة.

ونحن نجدد التحية والتقدير بانحناءة لضحايا ارتقت وهي تدافع عن المسرح مثلما التحية لمن غادرنا ولمن يتعرض اليوم لضغوط، بل لجرائم ابتزاز ومصادرة وتشويه استثنائية بأعمق معاني الكلمات التي اخترناها هنا. كما نشيد برائع مسار حراكنا المسرحي الجمالي ووحدة منتجيه وبرائع المنجز الفني البهي لهن ولهم.

نحيي مسرحيي العالم في الظرف الدولي الإنساني المنكوب سواء بالوباء وجائحته أم لمنطق تخندق القوى خلف متاريس الاختلاف فيما رد مسارحنا وإبداعاتها تظل فاعلة خالقة لكل ما يمكن أن يعيد التوازن ويشد أزر مسيرة التحدي والتغيير واستعادة الاستقرار والسلام.

إن رسائلي السنوية أكدت ومازالت تؤكد على مطالب مسرحنا العراقي ليس بحدود صالات عروضه ولا بميدان جغرافيا الوطن بكل تعدديته وغنى تنوعه  بل باتساع فضاء التمدن وقيم السلام والتقدم والتنمية بهوية إنسانية نضعها هذا العام باستقلالية صياغتها كما وردت في أعوام خلت بسبب من تلكؤ تلبيتها وتراكم مشكلات وتحديات جديدة أضافت إليها مطالب أخرى.. ونحن نثق في أن رسالة مسرح عريق بات عمره الحديث المعاصر يناهز القرن ونصف القرن ستكون الأبهى فيما تحمله أفئدة المبدعات والمبدعين في مسرحنا يتألقون على الرغم مما يحيط بهم ويواصل عرقلة مساراتهم محاولاً متوهماً إمكان وقف منجزهم أو تشويهه وإنهاء أزمنة سلامته ورائع أدواره..

نجدد عهد مطالب تحمل مهمة تبنيها وتنفيذها إبداعاً وخلقاً لجماليات الأنسنة بما يليق بعراق الحضارة والتمدن ويليق بعراقياتنا وعراقيينا صانعي المدنية عبر مسيرتهم ونسجل من تلك المطالب هنا، الآتي:

  1. معالجة ظاهرة إغلاق صالات المسارح وإعادة افتتاحها اليوم قبل الغد بالصيغ التي تتلاءم والظرف القائم بخاصة بالإشارة إلى كل من وباء الكورونا أو وباء التجهيل ومصادرة العقل ووعيه.. والعمل على التصدي لجريمة تخريب تلك الصالات التي تتسم بقيمتها التاريخية: الآثارية القديمة والتراثية.. ومن أجل ذلك لابد من العمل على وقف عمليات الهدم والنهب لمسرح أكيتو وللشواخص التاريخية المهمة عبر تفعيل حملات وطنية ودولية ضد مختلف جرائم الهدم والتخريب المرتكبة علناً وأمام أنظار العالم.. ونحن المسرحيين العراقيين، ندعو اليونسكو والمنظمات الأممية المعنية جميعاً للمساهمة معنا في هذي المهمة النوعية الكبرى، سواء بما يتعلق بترميم المسارح وبنائها أم بالحفاظ على التراث الإنساني وسلامته؛ مثلما حدث مع مسرح نينوى وجامعتها…
  2. تعزيز جهود مسرحيينا ودعمها في تفعيل حراك فلسفي جمالي يساهم في التصدي لجرائم التجهيل ومحاولات إشاعة الأمية والتخلف، ولعلّ أبرز الخطى تكمن في تفعيل دور المسرح في بناء القيم الروحية الثقافية المعاصرة التي يمكن بوساطتها إعادة إعمار الروح الوطني وتفعيل مبادئ الوطنية والمواطنة في إطار الدولة المدنية لا الطائفية المنكوبة بخطاب التضليل والمزاعم الواهية الدعيّة! منبهين لمخاطر انتهاج بعض الادعاءات والوسائل التي قد تنطق لفظيا بمفردات الحرية والانعتاق والثورة ولكنها تكرّس شكليات تنميط العقل وتحنيطه بقوانين اجترارها.
  3. ومثلما غنى القيم الروحية في مجتمعات التمدن المعاصرة يلتزم المسرحيون العراقيون بمواصلة الجهود بأشكالها من أجل تحقيق حرية الإبداع ووقف جرائم المصادرة والاستلاب والتصفيات الهمجية البشعة بكل مفرداتها الخبيثة؛ سواء منها تصفية مسرحيينا جسدياً أم محاصرتهم وتصفية منجزاتهم واتلافها ومنعها من وصول جمهورها…
  4. وبالضد من جرائم قوى الطائفية والإرهاب التي تعتمد فلسفة التطهير العرقي والديني، نتطلع إلى مهمة نوعية للمنجز المسرحي العراقي الحديث بتعميق صلاته بطابع التعددية والتنوع في إطار وحدة وجودنا الوطني والإنساني عبر تجسيدهما في البنى الدرامية الجديدة بالبعدين الجمالي والفلسفي. وسيكون في هذا الإطار توجه لتعميد المنجز المسرحي العراقي بلغات الوطن ومكونات شعبه: العربية والكوردية والسريانية والتركمانية والأرمنية وبخطاب مسرحي تنويري معرّف لدى جمهوره المتنوع.
  5. ومما يتطلع إليه مسرحيونا، برامج إقامة الاحتفاليات ومهرجانات الإبداع ومناسباته، احتفاء، وتكريما وعناية بروادنا ومجددينا.. وأول ذلك الالتزام بإعلاء مكان ومكانة التقليد السنوي للاحتفال باليوم العراقي للمسرح وبأيام مسرحية أخرى تشكل تقليداً في المدارس والمؤسسات وتعبر عن المكونات القومية ولغاتها؛ مؤكدين هنا بأن أوسمة بأسماء مبدعات ومبدعي مسرحنا كما: زينب وناهدة الرماح والشبلي وجلال والعبودي والعاني وعبد الحميد وطه سالم وغيرهم كُثُر ستطوق رقاب مبدعي المسرح ليس بعيداً.. مع اكتمال الجهود لمرسوم تلك الأوسمة المهمة وطنيا وكذلك ينبغي أن نترسم ذات الهدف السامي إقليميا وعالميا بما يعرف بقامات مسرحنا ويلبي أهدافها في دعم الحركة المسرحية إقليميا عالميا…
  6. ونحن مسرحيي العراق نتعهد بمواصلة المشوار من أجل استعادة (المركز العراقي للمسرح) فاعليته ووجوده الميداني، وطنيا وإقليميا ودوليا. وسيتنامى الجهد عبر ((اتحاد مسرحي فاعل وروابط تخصصية للممثل ولنقاد المسرح)) ولكل بُناة العملية المسرحية إبداعاً جمالياً حقيقياً… بالتأكيد في فضاء الحريات والحقوق التي يناضل الشعب لتكريسها…
  7. لقد تأخرنا عملياً وربما فشلنا حتى الآن في تأسيس الهيآت الأكاديمية المتخصصة الوطنية والمحلية والإقليمية، إلا أنّنا نجدد برسالة هذا العام النداء (الأكاديمي) من أجل الإسراع بهذا التوجه الملزم بغاية تطوير الأداء والارتقاء به وتحويل الموجود من مشروعات إلى وجود فاعل بانعقاد مؤتمرات متخصصة مستثمرين الوسائل المناسبة لهذا التوجه وتفعيله وعدم انتظار غودو الرعاية التي قد لا تأتي في المدى المنظور لا من وزارة الثقافة ولا من وزارة التعليم بموازناتهما الضئيلة وببرامجهما البخيلة التي يلزم تغيير أولوياتها في إطار الظرف القائم.
  8. كما يتطلع مسرحيو العراق ويعملون من أجل استنهاض همم جميع الجهات الأكاديمية والقطاعية المتخصصة لتأسيس صحافة ورقية وإلكترونية مسرحية ودوريات بحثية علمية متخصصة في الجامعات والمعاهد العلمية مع تعزيز أعمال التوثيق والنشر بسلاسل لمسرحياتنا التراثية والحديثة والمنتخبة أو سلاسل بحسب تبويبات مناسبة معروفة..
  9. وفي ظروف تنامي ظواهر الفقر والبطالة والسحق الوحشي لطاقات الإنسان واستلاب حقوقه المادية والروحية يجب مواصلة البحث في وسائل مناسبة يمكنها الارتقاء بفرص العيش الكريم لمسرحيينا والعناية بأوضاعهم وبتفاصيل يومهم العادي وما فيها من أشكال الأوصاب والمعاناة؛ وقيمياً ينبغي على قوى المسرح العراقي النضال لإلغاء النظرة الدونية وإزالتها سواء من بعض ما يشاع مستغلاً أحوال الجهل والتخلف أو ما بقي من ممارسات على المستوى الرسمي كما بتلك المصطلحات ومعانيها في جوازات السفر الخاصة بالفنان..
  10. لقد اضطر مئات بل آلاف المسرحيين العراقيين للهجرة القسرية الاضطرارية، وهم بعد كل تلك العقود ما زالوا يعانون من الإهمال في غربة المهاجر والمنافي، لذا وجب الانتباه على أهمية تعزيز رعاية مؤملة لتخصيص ((يوم للمسرح العراقي المهجري)) مثلما احتفلوا بيوم عراقي للمسرح بمحاولة لفرض ممارسته وأداء طقوسه ذاك الذي جرى ويجري سنويا يوم 24 شباط فبراير، على أن يدعى إليه مسرحيونا للاحتفال في أروقة مسارحنا في بغداد وأربيل والبصرة وبقية محافظات الوطن البهية، مثلما يلزم دعمهم في بيئاتهم المهجرية لمزيد من التفاعل وتبادل التأثير الإبداعي بهوية إنسانية متفتحة..
  11. العناية المستقلة المخصوصة بمسرح الطفل والمدرسي ومسارح الضواحي والمدن والقرى والتأسيس لاحتفاليات محلية وإقليمية تنتشر في كرنفالات شعبية حاشدة مدعومة شعبيا رسميا.

إنّ مسرحيينا العراقيين إذ يحيون اليوم العالمي للمسرح ويوجهون التحايا لمسرحيي العالم ليؤكدون في رسالة هذا العام، على مطلب كتابة مشروعات قوانين تعالج أوضاعهم وعرضها بأقرب سقف زمني متاح وبشكل استثنائي على الجهات الحكومية الاختصاص لتداولها في برلمان منتخب من الشعب بتمام الحرية والنزاهة، بقصد تشريعها واستصدارها والعمل بها حلاً لكثير من تفاصيل واقع المسرح العراق.

وبهذا اليوم نجدد تهنئة عامنا مثلما وجهناها قبل أيام بمناسبة اليوم العراقي للمسرح إلى جميع مبدعاتنا ومبدعينا لتصل ناشطات ونشطاء مسرحنا بهدير جمهور الفرجة المسرحية بهويته المسرحية المتأصلة فيه وجمهور الفرجة المسرحية يضم ملايين العراقيات والعراقيين يصافحون اليوم بهذا العيد وكرنفالاته مسرحاً يحمل بين جدران منصاته كل ما يُفتخر به ويجعلنا بشموخ المنجز نتبادل تهاني انتصار لا انكسار من أجل متابعة المسيرة وكل عام وحركة الابداع والعطاء منتصرة للخير والسلام في مهد الحضارة وتراثها الإنساني وموئله العراق وفي فضاء وجودنا في عالمنا بأكمله

أستاذ الأدب المسرحي الدكتور تيسير عبد الجبار الآلوسي

***************************

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here