“طعنوني وألقوني في صندوق القمامة”.. مأساة العابرين والمثليين في العراق

جماعة حقوقية تدين العنف ضد مجتمع الميم في العراق

قالت متحولة جنسيا إن عدة رجال ضربوها وطعنوها وألقوها في صندوق قمامة وأضرموا النار فيها قبل أن ينقذها آخرون. وقال رجل مثلي إن صديقه قتل أمام عينيه.

وطعنت سيدة مثلية في ساقها، وقالت إنها تلقت تحذيرات لوقف “سلوكها غير الأخلاقي”.

هذه الروايات جاءت ضمن تقرير لمنظمة (هيومن رايتس ووتش) يتهم جماعات مسلحة في العراق باختطاف واغتصاب وتعذيب وقتل متحولين ومتحولات ومثليين ومثليات ومزدوجي الميول الجنسية (مجتمع الميم)، مع الإفلات من العقاب.

وقالت المنظمة إن الحكومة العراقية فشلت في محاسبة الجناة.

ونشرت هيومن رايتس ووتش التقرير، الأربعاء، بالتعاون مع منظمة (عراق كوير) العراقية لحقوق مجتمع الميم. ويتهم التقرير الشرطة وقوات الأمن العراقية بالتواطؤ في كثير من الأحيان لمضاعفة أعمال العنف ضد مجتمع الميم وباعتقال أفراد بسبب مظهرهم.

ويرسم التقرير صورة تفيد بأن أفراد مجتمع الميم محاصرون من عدة اتجاهات، من بينها العنف الشديد من أفراد الأسرة والمضايقات في الشوارع والاستهداف الرقمي والمضايقات من جانب جماعات مسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة بين المثليين.

وتقول رشا يونس، الباحثة في حقوق (مجتمع الميم) في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، ردا على أسئلة عبر البريد الإلكتروني: “أصبحت الهجمات ضد مجتمع الميم في العراق متعددة الأوجه، كما اتسعت أساليب الاستهداف”.

وذكرت يونس أن الأشخاص، والمنظمات المدافعة عن حقوق مجتمع الميم في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يواجهون العنف والتمييز، وهناك قوانين تجرم العلاقات المثلية في معظم دول المنطقة.

وأضافت أن بعض الدول التي لا تفعل ذلك، تستخدم قوانين أخرى لاستهداف المثليين.

“يعيش أفراد مجتمع الميم العراقيون خوفا دائما من مطاردتهم وقتلهم من قبل الجماعات المسلحة دون عقاب، فضلا عن الاعتقال والعنف من قبل الشرطة العراقية، ما يجعل حياتهم لا تطاق. لم تفعل الحكومة العراقية شيئا لوقف العنف أو محاسبة المنتهكين”، بحسب رشا يونس.

وجاء في التقرير أن الجماعات المسلحة – التي يشتبه في تورطها في انتهاكات ضد مجتمع الميم – تندرج في الغالب تحت مظلة قوات الحشد الشعبي، الميليشيات التي تقر الدولة بتواجدها.

من جانبه، نفى اللواء خالد المهنا، المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، وقوع اعتداء قوات الأمن على مجتمع الميم.  كما رفض قائد متوسط المستوى في الحشد الشعبي – اتصلت به الأسوشيتدبرس – هذه الاتهامات، قائلا إن أي عنف محتمل يكون من جانب عائلاتهم.

واحتفظ تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان يسيطر على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، بواحد من أكثر أساليب القتل وحشية لمن يشتبه في كونهم من مجتمع الميم، حيث ألقى ببعضهم من فوق أسطح بنايات.

ويستند التقرير جزئيا إلى 54 مقابلة مع عراقيين من مجتمع الميم.  وأجرت هيومن رايتس ووتش البحث بين يونيو ونوفمبر من العام الماضي.

وقال اثنان من مجتمع الميم، قابلتهما الأسوشيتدبرس في بغداد – أحدهما ثنائي الميل الجنسي والأخرى مثلية – إنهما يخافان من بث صورهما على تطبيقات المواعدة المثلية خشية استخدامها ضدهما.

وتحدثا بشرط عدم الكشف عن.  هويتهما خوفا من انتقام الجماعات المسلحة، وعائلتيهما.  وقالا إن الخوف من الابتزاز منتشر بين أفراد مجتمع الميم بالعراق.

ويقول ثنائي الميل الجنسي، وهو مخرج يعيش في بغداد، “عندما أختار أن أتحدث مع أحد عن ميولي، أتساءل: هل يمكنني الوثوق به؟ أم سيستخدم هذا الأمر ضدي؟”.

ويضيف “عشت في خوف طوال حياتي منذ أن أعلنت عن ميولي الجنسية”. وقالت المرأة المثلية، وهي موظفة في سفارة أجنبية، إنها وثقت فقط في عدد قليل من الأصدقاء المقربين.

وعندما سئلت عن أسوأ ما يمكن أن يحدث لها إذا أعلنت ميولها لأسرتها، قالت “سيقتلونني” .

وخلص التقرير إلى أن “قدرة واستعداد أفراد مجتمع الميم للإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضون لها إلى الشرطة أو تقديم شكاوى ضد موظفي إنفاذ القانون يعوقها مزيج من أحكام (الأخلاق) فضفاضة التعريف في قانون العقوبات العراقي، وغياب أنظمة وتشريعات الشكاوى الموثوقة لحمايتهم من التمييز”.

“خلق ذلك بيئة يمكن فيها للجهات الحكومية المسلحة، بمن فيهم الشرطة، أن تسيء إلى أفراد مجتمع الميم دون عقاب”، بحسب التقرير.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here