اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة آل عمران (ح 28)

الدكتور فاضل حسن شريف
في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: ان هؤلاء وهم اولاد الزوجة الاولى ليعقوب عليه السلام غدروا بأخيهم يوسف الذي هو من الزوجة الثانية. والمهم ان مثل هؤلاء الذين اضروا بأخويهما وبابيهما لا يمكن ان يتصفوا بالصفات الجليلة المذكورة في القرآن للأسباط قال تعالى”وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ” (ال عمران 84). وعلى أي حال فلابد ان يكون المراد بالأسباط في هذه الآيات غيرهم. نعم هناك دليلان محتملان مستفادان من القرآن الكريم يستدل به للمشهور وإن المراد بالأسباط هم هؤلاء من اولاد يعقوب: اولا: هذه الآيات التي قراناها قبل قليل. فيقرن بين أسماء هؤلاء والاسباط ولا نعرف ممن يقرب إلى هؤلاء الا اولاد يعقوب عليه السلام. الا ان هذا دليل ظني كما هو معلوم وليس هو قطعيا وليس هناك ظهور قرآني في ذلك. ثانيا: قوله تعالى: “وَقَطَّعْنَٰهُمُ ٱثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا” (الأعراف 160). والضمير في قطعناهم يعود إلى أولاد يعقوب الذين هم بنوا اسرائيل فيتعين ان يكون اولاده هم الاسباط. وجوابه: أولا: ما عرفناه من ان الاسباط هم اولاد البنت ولا يصدقون على اولاد الأولاد على الحقيقة إلا مجازا. ثانيا: انه قال في هذه الآية “أَسْبَاطًا أُمَمًا” (الاعراف 160) فالمراد من الاسباط هنا الذرية الكثيرة التي حصلت لهم خلال الاجيال حتى اصبحت كل مجموعة منهم امة من الناس وكان مجموعهم امم. وليس الملحوظ في هذه الآية مجرد الانتساب إلى يعقوب عليه السلام في انطباق معنى الاسباط. وعلى أية حال فسواء كانوا هؤلاء هم الأسباط ام لم يكونوا فإننا نجد للأسباط على واقعهم في علم الله، نجد مدحا وتعظيما في القرآن الكريم وقد ثبت بالحديث الشريف المروي لدى الفريقين ان الحسن والحسين من الأسباط فمن هذه الناحية يكونان سلام الله عليهما اوضح في هذه الصفة من اولاد يعقوب وكذلك هما أوضح من جهة كونهما سبطا رسول الله صلى الله عليه واله حقيقة ونسبا.
جاء في كتاب الصلاة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: سجود القرآن الكريم: إنَّ السجود لو تمَّ حقيقةً، لا يكون مبطلاً للصلاة, لأنَّ المبطل هو زيادة الواجب الصلاتيِّ عمداً, وهذا ليس منوياً أنه جزءٌ من الصلاة, وإنما منويٌّ أنه سجود القرآن, فهو واجبٌ منجَّزٌ خلال الصلاة، كجواب التحية. وليس فعله من الفعل الزائد المبطل للصلاة كالقفزة ونحوها. أولاً: لأنه ليس بهذه المثابة من الكثرة. وثانياً: لأنه يحتوي على ذكرٍ وخشوع، وليس فعلاً دنيوياً. بل إنَّ إجزاء الإيماء بدل السجود الكامل، مع إمكانه، محلُّ إشكالٍ بل منع. والفرد متمكنٌ وجداناً من السجود الكامل حتى في الصلاة, بل ومتمكنٌ شرعاً أيضاً إذ لا دليل على المنع منه. وقد احتاط بعضهم احتياطاً استحبابياً بل أفتى بالإستحباب للسجود في كلِّ موردٍ  يرد فيه الأمر به في القرآن الكريم. ونحن إذا تجاوزنا السجدات الواجبة والمستحبة، لوضوح أنَّ المراد غيرها، بقي لنا من الأمر بالسجود أمران: أمرٌ خاصٌّ وأمرٌ عامّ. فالأمر الخاصُّ هو المتوجه إلى جماعة محددين أو في زمانٍ معين، غير شاملٍ للمكلف القارئ للقرآن, كالأمر للملائكة بالسجود لآدم  في أكثر من آية, ولا أحسب أنَّ الفقيه يلتزم باستحباب السجود عنده. يبقى عندنا القسم الآخر من الأمر وهو العامّ، وليس له في القرآن الكريم إلا مواردُ قليلةٌ لعلها لا تزيد على اثنين منها قوله تعالى”لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ” (ال عمران 113). إذا فهمنا منها الحثَّ على السجود مطلقاً.
جاء في منتدى جامع الأئمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: نستمر الآن في شرح خطبة الحسين سلام الله عليه. قال عليه السلام: (لن تشذ عن رسول الله لحمته) ، عبر هنا بضمير الغائب ، لحمته ، ولم يقل لحمتي ، عبر هنا بضمير الغائب ، الا ان الظاهر انه يريد نفسه يريد ضمير المتكلم ، الا انه ابدله بضمير الغائب حتى لا يكون مدحا للنفس وثناءاً عليها ، فيكون المراد لن تشذ عن رسول الله لحمتنا كما قال: رضا الله رضانا اهل البيت واللُحمة من الالتحام وهو الاتصال ، والشذوذ هو الابتعاد ، إما التحم وإما شذَّ ، فاللحمة هي الالتحام ، والشذوذ هو الابتعاد ، والشاذ هو المبتعد ونعبر بالشاذَّ عن كل ما هو غير طبيعي ، لأنه مبتعد عن المستوى الطبيعي ، فيكون المراد أنه لن تبتعد عن رسول الله لحمته ، او قل لن يبتعد عن رسول الله قربه والتحامه ولصوقه. وقوله : لن تشذ للتأبيد ، لن يعني ، لن الى الأبد بهذا المعنى وانها ستبقى ملتحمة ولن تبتعد اطلاقا الى ما لا نهاية ، او يكون المراد الاشارة الى الشأنية يعني ليس من شأنها ان تبتعد وغير قابلة للابتعاد اصلا ، وما ليس من الشأن يكون مستحيلا أو بمنزلة المستحيل. وما البلاء الدنيوي الا شنو ، من قبيل اعطاء فرصة لعلهم يتفكرون ، لعلهم يتذكرون، لعلهم يتوبون، لعلهم يؤبون، لعلهم ينوبون، يواجه منا أذُنا غير صاغية ، أُذُنا صماء فهل هذا مما يحمد عقباه ،‍ انما كل واحد بحسابه وكتابه فـ “اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ” (ال عمران 105). ثم يقول سلام الله عليه: (بل هي مجموعة له في حضيرة القدس)، لن تشذ وانما هي مجموعة ومرتبة ومركبة له في حضيرة القدس ، قوله ، بل هي ، يعني اللحمة مجموعة له لأنه يجتمع برسول الله صلى الله عليه واله، وأمير المؤمنين وأمه فاطمة الزهراء عليهم افضل الصلاة والسلام ، يعني بأرواحهم العليا وليس بأجسامهم الدنيوية بطبيعة الحال ، يعني بأرواحهم العليا في حضيرة القدس كما قال في نفس الخطبة: (وما اولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف) ، وإنما الى تلك الارواح العليا والمقامات السامية وليس إلى الوجودات الدنيوية بطبيعة الحال على أنها مقدسة جدا وأقدس ما هو موجود على وجه الأرض، لكن طبعا تلك المقامات أقدس منها اكيدا بما لا يقاس وما لا يتناهى . وحضيرة القدس مرتبة من المراتب الالهية العالية جدا ، لا يمكن ، لاحظوا ، لا يمكن ان نتوصل الى تعريفها او معرفتها
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here