أُسُسُ بناءِ الذَّات

أُسُسُ بناءِ الذَّات

نــــــــــــــــــــــــــزار حيدر

أ/ ثلاثةُ نصُوصٍ ترسِمُ لنا حالةَ حركةِ الإِنسانِ في الحياةِ، وهيَ؛

قولُ الله عزَّ وجلَّ {يَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَٰقِيهِ}.

وقولُ رسولُ الله (ص) {إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا}.

وقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {مَن تَساوى يَوماهُ فهُوَ مغبُونٌ، ومَن كانَ أَمسُهُ أَفضَلَ مِن يَومهِ فهُوَ ملعُونٌ، ومَن لَم يرَ الزِّيادةَ في نفسِهِ فهُوَ إِلى النُّقصانِ، ومَن كانَ إِلىالنُّقصانِ فالمَوتُ خَيرٌ لهُ}.

ومِنها نستنتجُ ما يلي؛

*الأَصل هو الحركَة والعمَل والجِد والإِجتهاد وقَبُول التحدِّي، وهيَ حركةٌ مُستمرَّة بلا توقُّف {لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ فِى كَبَدٍ}.

*وكُلُّ ذلكَ لتكُون الحركة نحوَ الزِّيادة لتحقيقِ التقدُّم والتطوُّر، وإِلَّا فهيَ عبثٌ.

*ولا يتحقَّق ذلكَ إِلَّا بالإِستقامةِ والصَّبر، كما في قَولِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) {الْعَمَلَ الْعَمَلَ ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ وَالِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ وَالْوَرَعَ الْوَرَعَ إِنَّ لَكُمْنِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ}.

ب/ والنَّاجح هو الذي يعتمدُ على عملهِ ولا يعتمدُ على نسبهِ مثلاً أَو إِنتمائهِ كما يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ} وكذلك قولهُ (ع) {قِيمَةُ كُلِّامْرِئٍ مَا يُحْسِنُهُ}.

فلا يكتفي بأَن يفتخِرَ المرءُ بالإِنتماءِ إِلى هذا الدِّين أَو ذاكَ المذهب أَو ذلكَ الحِزب أَو تلكَ العشيرة أَو أُولئكَ الجماعة من دونِ أَن يبني قيمةً لنفسهِ وموقِعاً لذاتهِ وأَهميَّةًلوجُودهِ بالعملِ والإِنجازِ وبما يُحسِنُ.

ج/ الحركةُ التي تنفعُ رصيدَ الإِنسان هيَ التي تعتمِدُ الزِّيادة دائماً فلا تتَّكئ على القناعةِ فتتوقَّف.

فالقراءةُ والمُشاهدةُ والإِصغاءُ والمُتابعةُ التي لا تُزيدُكَ شيئاً يُؤثِّر في حركتِكَ الإِيجابيَّة فهي عبثٌ لأَنَّها مضيعةٌ للوقتِ وهي نُقصانٌ.

يَقُولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى}.

د/ وكُلَّ ذلكَ يحتاجُ إِلى ثلاثةِ أَسُس، هي التي أَوصى بها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) ولدهُ مُحمَّد بن الحنفيَّة عندما سلَّمهُ الرَّاية في يومِ الجمَل بقولهِ {تِدْ في الاَْرْضِ قَدَمَكَ، ارْمِبِبَصَرِكَ أَقْصَى القَوْمِ، وَغُضَّ بَصَرَكَ}.

١/ أَن تكونَ الشخصيَّة ثابِتة غَير مهزُوزة، واثقةٌ غَير شاكَّة فـ {نَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ فِي شَكٍّ} كما يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) وقولُهُ (ع) {فَهُوَ مِنَ الْيَقِينِ عَلَى مِثْلِضَوْءِ الشَّمْسِ} فلا تتلاقفها الأَهواء يميناً وشمالاً، ولا يُغيِّر قناعاتَها كُلَّ مَن هبَّ ودبَّ، ولا تُبدِّل إِتِّجاهاتها لأَتفه الأَسبابِ وأَفضحِ الأَكاذيبِ والفبركاتِ!.

ويتحقَّقُ ذلكَ بالعلمِ والمعرفةِ والثَّقافةِ وتراكُمِ التَّجربة وقوَّة الذَّاكرة واستحضارِ الدُّروس وبالبحثِ والتعقُّل والتفكُّر والتَّدبير.

٢/ أَن تمتلكَ رُؤيةً إِستراتيجيَّةً تدعمُها شبكةً واسعةً من التَّكتيكات السَّليمة والصَّحيحة المدرُوسة بدقَّة والتي تأخُذ الواقِع والظُّروف والتطوُّرات والحاجاتِ وقاعدةِ [المنافعوالمَفاسد] بنظرِ الإِعتبار لتحقيقِ الصَّالح العام، وهو ما يسمُّونهُ بالتَّوازن بينَ الثَّابت والمُتغِّير، فلا تكونُ الشَّخصيَّة جامِدة على الثَّوابت، كما لا تكُونُ في مهبِّ الرِّيحتستسلِم للمُتغيِّرات جُملةً وتفصيلاً، ولعلَّ في قولِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) {لا تكُن ليِّناً فتُعصر ولا تكُن صلِباً فتُكسَر} إِشارةً إِلى هذا المَعنى.

٣/ غضِّ الطَّرف عن وتجاهُل كُلَّ ما يُثبِّطكَ ويُحوِّل طاقتكَ الإِيجابيَّة إِلى سلبيَّة أَو يُعرقِل عندكَ مساعي الزِّيادة ويضعَ العصي في عجلةِ حركتِكَ في الحياةِ.

لا تُصغِ إِلى مَن يقولُ لكَ [مَيفيد] {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أَو [وهل هيَ بقِيَتعليَّ] {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أَو [حشرٌ معَ النَّاس عيدٌ] {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰشَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا} أَو [اليدُ التي لا تقدر على قطعِها قبِّلها] أَو مَن يحثُّك ليقنعكَ أَن تكونَ ذيلاً أَو إِمَّعة أَو مَن يُقنِّطك ويزرع في نفسكِ اليأس.

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ}.

إِبتعد عن كُلِّ مَن يُضعِف شخصيَّتك ولا يُساعِدكَ على أَن تبقى ثابتةً غَير مهزُوزة.

ولقد أَوصى أَميرُ المُؤمنينَ (ع) ولدهُ الحسَن السِّبط (ع) بأَن يتجنَّب النَّماذج التَّالية لأَنَّها تُعرقلُ حركتهُ نحوَ الكمالِ والنَّجاح.

يقولُ (ع) {إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِوَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ}.

وكُلُّ نموذجٍ آخر يُشابهَها.

٢٥ آذار ٢٠٢٢

لِلتَّواصُل؛

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar5

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here