القلب ..أم الدماغ ..مركز المشاعر..والأحاسيس..والتوجهات!!

القلب ..أم الدماغ ..مركز المشاعر..والأحاسيس..والتوجهات!!

حامد شهاب

الحب هو أحد وظائف القلب المهمة ، وقيل : القلب يعشق كل جميل.. وقيل ايضا : القلب وما يعشق ، وكل مضامين الشعراء وكتاب الروايات والقصص كانت تؤكد على دور القلب الإيجابي والفاعل في السلوك الإنساني ، في أن يكون مركز التعبير الوجداني للأحاسيس والمشاعر والتوجهات، ومختلف أنماط السلوك لدى البشر!!

والمعروف للجميع منذ أن بزغ فجر البشرية أن القلب هو مركز المشاعر والأحاسيس والرؤى والتوجهات والانفعالات بمختلف أشكالها ، وهو ينسق مع الدماع في ترابط عضوي من أجل إيصال تلك المشاعر والأحاسيس الى إدارك البشر عموما والأفراد خصوصا، ، وليس كما يحاول البعض من العلماء مؤخرا ، تغافل دور القلب ، عندما يشير هؤلاء الى أن الدماغ هو مركز التفكير والمشاعر ، وهناك خلايا متخصصة يتكأ عليها الدماع لتحريك المشاعر والإنفعالات ، وينكرون دور القلب في بث تلك الأحاسيس والمشاعر والتوجهات والانفعالات، وهم بهذا يحاولون من خلال تجارب عبثية في الغالب لإجراء بحوث توصف بالعلمية، لإنكار دور القلب ووظائفه الرئيسية والمهمة في حياة الإنسان!!

وما هو معروف أن القلب يكون موقعه في منطقة الصدر في الجانب الأيسر ، لكن هناك حالات نادرة وجدت أن القلب يمكن ان يكون في الجانب الأيمن من القفص الصدري، وهو ليس موضوع نقاشنا اليوم.

وقد تم ذكر كلمة قلب في عدد كبير من ايات القرآن الكريم ، وقيل أن عددها بحدود 169 آية ، لكن من خلال تحليل مضامين تلك الآيات التي ورد فيها كلمة قلب أو قلوب نجد أن السلوك السلبي للقلب يكاد يكون هو الطاغي ، وهو من يحتل الأغلبية في تحذير البشر من مخاطر توجهات تلك القلوب ومن أفعالها ومن مشاعرها التي تكون في كثير منها لاتدل على الإنسان السوي ، عندما يتخذ منها مواقف أو توجهات أزاء الآخر، وبعضها يتعلق حتى من الموقف من رب السموات ، وكيف تكون بعض القلوب فضة غليضة، ليس فيها من الرحمة والإنسانية من شيء، حتى ينفر منها بنو البشر، وهنا يحذر رب العزة ممن تكون قلوبهم على تلك الشاكلة بقوله سبحانه في محكم كتابه: ”وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴿١٥٩ آل عمران﴾.

ومن الآيات التي تحذر من توجهات قلوب بعض البشر الآية رقم 46 من سورة الحج في قوله تعالى ” أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ” !!

وهناك الكثير من مضامين الآيات التي نوردها الان مايدل على المعنى السلبي للقلب في النظرة الى الخالق أو في علاقته مع بني البشر وضمن محيطه الذي يعيش فيه، فلنتابع مضامين ونصوص الآيات التالية:

كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴿٣٥ غافر﴾

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴿٣٧ ق﴾

خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴿٧ البقرة﴾

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴿١٠ البقرة﴾

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ ﴿٧٤ البقرة﴾

وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴿٨٨ البقرة﴾

قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴿٩٣ البقرة﴾

قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ ﴿٩٧ البقرة﴾

كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴿١١٨ البقرة﴾

إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ﴿١٤٣ البقرة﴾

قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ﴿١٤٤ البقرة﴾

وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴿٢٠٤ البقرة﴾

وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴿٢٢٥ البقرة﴾

قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴿٢٦٠ البقرة﴾

وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴿٢٨٣ البقرة﴾

فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴿٧ آل عمران﴾

رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ﴿٨ آل عمران﴾

وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴿١٠٣ آل عمران﴾

وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ﴿١٢٦ آل عمران﴾

لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ ﴿١٢٧ آل عمران﴾

أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ﴿١٤٤ آل عمران﴾

وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ﴿١٤٤ آل عمران﴾

يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴿١٤٩ آل عمران﴾

سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ﴿١٥١ آل عمران﴾

وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ﴿١٥٤ آل عمران﴾

وورود المعاني الضمنية المتعددة للقلب في القران الكريم هو لإثبات أن القلب ليس وظيفته الوحيدة ضخ الدم في جميع أجزاء جسم الانسان ، ولكن القلب أيضاً له وظيفة متصلة بعملية الإيمان بالخالق ، حيث أن القلب هو العضو الذي قد يوصف بأنه كالعين ، التي تبصر كل الأمور ، و الذي لا يكون لديه بصيرة ، لا يكون مبصراً ، وهو أسلوب بلاغي رائع للكناية عن وصف الأفراد الذين لديهم هذا النوع من القلوب المبصرة ، و أنهم يكونون لديهم حكمة ، يستخدمها الأفراد في الحكم على الأمور التي تكون غير ظاهرة للبعض ، كما أن القلب هو الموضع الذي يدفع الانسان إما الى عمل الخير ، أو إلى عمل الشر ، كما أن القلب بمثابة المكان الذي قد يؤدي بالأشخاص إلى حالات مختلفة ، مثل الهم ، و الغم ، و الحزن ، و القلق ، و كل ذلك يكون مسكنه القلب ، و القلب أيضاً هو الجزء الذي يدفع بالإنسان إما إلى التقوى ، و عدم الاقتراب من المعاصي ، أو فعل المعصية ومن ثم يكون آثم.

وهناك من الآيات التي دلت على أن القلب هو ” الصدر ” ، وهناك آيات قد دلت على أن القلب هو ” الروح ” ، وهناك بعض الآيات التي دلت على ان القلب هو ” النفس ” ، وكل هذه المعاني ذكرها القرآن الكريم ، من أجل توصيل معنى أعمق ، وحقائق إعجازية للقارئ في متن هذه الآيات الكريمة.

وقد ذكرت كلمة القلب في القرآن الكريم للدلالة على نوعه في مواضع كثيرة في الآيات ، حيث حصر الفقهاء عدد أنواع القلب التي ذكرت في القرآن الكريم ، وأكدوا على أنها عشرون نوعاً منها ، القلب السليم ، و القلب المنيب ، و القلب المخبت ، و القلب الوجل ، و القلب التقي ، و القلب المهدي ، و القلب المطمئن ، و القلب الحي ، و القلب المريض ، و القلب الأعمى ، و القلب اللاهي ، و القلب الآثم ، و القلب المتكبر ، والقلب الغليظ ، و القلب المختوم ، و القلب القاسي ، و القلب الغافل ، و القلب الأعلف ، والقلب الزائغ ، والقلب المريض . كما في الآيات الجليلة مثل ” وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴿٨٨ البقرة﴾ ، فضلاً عن توضيح علامات هذه القلوب ، و علامات القلب السليم.

ويؤكد الفقهاء ، بأن ذكر كلمة القلب في كتاب الله الكريم جاء من خلال عدد من الصياغات المختلفة ، مثل المفرد والجمع ، و أيضا احتواء بعض آيات القرآن الكريم على ذكر كلمة قلب من خلال تغيير الكلمة لتعبر عن صيغة الضمير ، و قد تم ذكر كلمة قلب في الآيات من خلال هذه الأنواع المختلفة من الصياغات في 132 مرة.

من هذا يتأكد لنا ان القلب هو مركز المشاعر والأحاسيس والرؤى والتوجهات والانفعالات بمختلف أشكالها ، وهو ينسق مع الدماع في ترابط عضوي من أجل إيصال تلك المشاعر والأحاسيس الى إدارك البشر عموما والأفراد خصوصا، وليس كما يحاول البعض من العلماء من يشير هذه الايام الى أن الدماغ هو مركز التفكير والمشاعر وينكر البعض منهم دور القلب في بث تلك الاحاسيس والمشاعر والانفعالات!!

والمعروف أن القلب له قيمة عليا في أن تكون توجهات أغلب البشر نحو الله سبحانه وتعالى لكي يؤمنوا به ويخشوا عقابه، وتكون الجنة مثواهم عندما يتجنبون ما يغضب الله ، وكيف يعامل رب السموات عباده المخلصين منهم ومن ذوي التوجهات الطيبة الحسنة، حيث جنات الخلد في إنتظارهم.. أما من أساءوا إستخدام قلوبهم فإن النار مصيرهم، وجهنم في إنتظارهم ، بكل تأكيد..أبعدنا الله وأياكم عن كل ما يبغض رب السموات، علنا نفوز بجنات الخلد ، في دار القرار !!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here