اختيار رئيس للعراق.. خلافات تعقد المهمة وترقب لما سيحدث الأربعاء

بقليل من الأمل ينتظر العراقيون جلسة البرلمان، الأربعاء، التي يفترض أن يختار فيها ممثلوهم رئيسا جديدا للجمهورية ينهي حالة “الانسداد” السياسي في البلاد، بعد ستة أشهر تقريبا من الانتخابات.

ولم ينجح النواب في جلسة السبت، التي أدت مقاطعة الكثير منهم للإخلال بنصابها القانوني، بتجاوز الخلافات واختيار رئيس كان يعتقد على نطاق واسع إنه سيكون “ريبر أحمد” مرشح التحالف الجديد “انقاذ الوطن” المشكل من كتل التيار الصدري والتحالف الكردستاني وتقدم وعزم.

ويوجد 40 مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.

ويقول الصحفي العراقي، أحمد حسين، إن من المرجح أن تنتهي جلسة الأربعاء بنفس الطريقة التي انتهت بها جلسة السبت، مما يزيد “حالة عدم اليقين” والشكوك بشأن مستقبل المشهد في البلاد.

ويضيف حسين لموقع “الحرة” أن “خيارات (مقتدى) الصدر تضيق بوصفه الجهة التي يفترض الجمهور أنها مسؤولة عن تشكيل حكومة وعن الانسداد السياسي الحالي، وقد وصل إلى نقطة قد تجعله يعيد حساباته بشكل كامل”.

لكن عودة الصدر إلى مشروع الحكومة التوافقية التي يقترحها الإطار التنسيقي الجامع للقوى الشيعية الأخرى ليست أمرا سهلا بحسب محللين آخرين.

الدستور العراقي ينص على وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما من انتخاب رئيس البرلمان

الدستور العراقي ينص على وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما من انتخاب رئيس البرلمان

ثلاثة أسباب

وكان التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، يدفع إلى عقد الجلسة.

وشكل هذا التيار تحالفا برلمانيا من 155 نائبا مع الحزب الديموقراطي الكردستاني وتكتل سني كبير من مجموعة أحزاب، أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

ويؤكد الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تشكيل “حكومة أغلبية وطنية”، ويأمل فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يتيح لمختلف القوى السياسية النافذة المشاركة في السلطة. وبذلك، يضع الصدر خارج حساباته قوى وازنة على الساحة السياسية، خصوصا الإطار التنسيقي.

في المقابل، دعا الإطار التنسيقي الذي يملك تحالفا بأكثر من مئة نائب، إلى المقاطعة.

وأعلن الأربعاء تحالف “إنقاذ وطن” الذي يقوده الصدر دعمه الواضح للمرشح ريبر أحمد للرئاسة، ولجعفر الصدر، سفير العراق لدى لندن وقريب زعيم التيار الصدري، لرئاسة الحكومة.

ويهدد هذا الوضع بإطالة أمد الأزمة، وقد يؤدي إلى حل البرلمان وانتخابات تشريعية جديدة، وفق فرانس برس.

ويقول المحلل السياسي العراقي، محمد نعناع، إن “هناك ثلاثة أسباب تمنع مقتدى الصدر من العودة إلى الوراء والنكوص عن مشروع الأغلبية الوطنية والتفاوض مع الإطار، أولاها أن هذا يعني تخليه عن مشروع حكومة الأغلبية وهذا سيخلق ضغطا عليه أشبه بالانتحار السياسي لأن تغيير أفكاره مرة أخرى سيجعله عرضة للاتهام بالتقلب، وهذا لا يريده الصدر خصوصا مع وصوله إلى أرقام جيدة” في الانتخابات السابقة.

وحضر 202 نائبا جلسة السبت، بفارق 18 نائبا عن نصاب الثلثين الذي تحتاجه الجلسة، وبسبب التحشيد الكبير للجانبين، المشارك في الجلسة بقيادة التيار الصدري والمقاطع لها بقيادة الإطار، يعتبر هؤلاء كلهم بحسب المحللين مؤيدين لتشكيل حكومة بدون مشاركة الإطار بغض النظر عن اتجاهات تصويتهم.

ويقول نعناع إن السبب الثاني الذي يمنع الصدر من الاتفاق هو أن اتفاقا مع الإطار يعني قبوله بالإملاءات الخارجية التي طالما انتقد الإطار بسببها. أما السبب الثالث هو أن الاتفاق يعني “خذلان الأطراف الوطنية وبعض رموز التظاهرات من الكتل البرلمانية الجديدة”.

صورة

ويقول نعناع إن من الممكن إعادة النظر بترشيح ريبر أحمد، لرئاسة الجمهورية، في حال قبل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني بهذا، معتبرا أن “أعداد الإطار لا تتجاوز 83 نائبا، والباقون لديهم أفكار وتوجهات أخرى بحيث يمكن أن يسهم ترشيح كردي مستقل بتوفير مخرج للأزمة”.

بيضة القبان

وتمثل الأحزاب العراقية والحركات الجديدة بيضة القبان بحسابات “المقعد والمقعدين” كما يقول الناشط السياسي زايد العصاد لموقع “الحرة”.

وهؤلاء “غامروا” بدعم الصدر ضد الإطار بشكل أغضب الكثير من جماهيرهم المنقسمة أصلا.

ويضيف العصاد أن “هناك مجموعة كبيرة من الناشطين والأحزاب المنبثقة عن التظاهرات قاطعت الانتخابات، وهي ترى في الانقسام الحالي وموقف نواب الكتل الجديدة مصداقا لشكوكهم بأن العملية السياسية العراقية معيبة بشكل عميق يستعصي على الإصلاح”.

وهناك، كما يقول العصاد، مجموعة أخرى “شاركت في الانتخابات لمحاسبة قتلة المتظاهرين والمعتدين عليهم، وهم يتهمون مرشحيهم الآن بأنهم نسوا هذا الهدف”.

ويقول زايد “لا أعتقد شخصيا بأن الأمور ستمضي باتجاه الأغلبية كما يشاع بل إن التعقيدات الحاصلة الآن ستدفع بالأقطاب المتنافرة للتجاذب خصوصا مع انغلاق الأفق وتماشيا مع سلوكيات هذا النظام وما بني عليه من توافق، فلا أحد يريد المغامرة بتبني المسؤولية وحيدا منفردا ولا أحد يريد ترك مميزات السلطة ومغانمها وما توفره من حصانة قانونية”.

بعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في تشرين الأول/أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.

مقر البرلمان العراقي في العاصمة بغداد. أرشيف

يعقد البرلمان العراقي الأربعاء جلسة لاختيار رئيس الجمهورية في حال اكتمل النصاب القانوني

مسار معقد

ويضفي ذلك مزيدا من التعقيد على المسار السياسي في البلاد، إذ على رئيس الجمهورية أن يسمي، خلال 15 يوما من انتخابه، رئيسا للوزراء وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان. ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة المكلف مهلة شهر لتأليفها.

ويهدد الإرجاء المتكرر للانتخابات الرئاسية بإطالة أمد الأزمة في بلد يواجه أزمةً اقتصادية واجتماعية ونسبة بطالة تبلغ 40 بالمئة بين الشباب وثلث سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة يعانون من الفقر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here