تأملات للمناقشة (2)

بقلم :يوسف ابو الفوز

ترند.. الشاعر الكبير!

عرفنا وسمعنا، وقرأنا كثيرا عن الطرق والأساليب الإعلامية الملتوية والمتوارثة والمتبعة في هوليود، التي اصبحت تقليدا، حتى لو تم اللجوء فيها لاختلاق قصص حب وخيانة وهمية وفضائح مفبركة، لتلقي وسائل الاعلام الضوء الكافي على فيلم ما وابطاله كطريقة لتسويقه وانتشاره وبالتالي تضمن نجاحه عند شباك التذاكر. وأتابع، مثل غيري، ما يفعله البعض من كتاب وفنانين في بلادنا العربية، بالتعاون مع صحف (التابليود) وقنوات النفط التلفزيونية، حيث جهل بعض من الاعلاميين الذي كثيرا ما يفضح غباء الضيف وتناقضاته. فلأجل خلق هالة ما حول أسمائهم، يلجأ البعض من المثقفين العرب ــ ومنهم عراقيين ـ لأن يكون كرماء مع الإعلاميين لاستضافتهم على برامجهم ليحدثونا عن آخر فساتينهم وقمصانهم وابراجهم وطبخاتهم و.. (خذ هذه ألف دولار فلوس قهوة)، البعض يستعيد تراث جده حاتم الطائي، فيعتمد أسلوب الولائم وما يرافقها من أجواء مسلية !، والبعض الاخر يتبع أسلوب خالف تعرف، لأجل ان يبقى اسمه (ترند) حسب تعابير ومفاهيم عالم وسائل التواصل الاجتماعي. هناك فئة من المثقفين، كتاب وفنانين، تلجأ الى أساليب أقل تكلفة ماديا، لا تكلفهم سوى خط كلمات وتعابير ما امام اسمهم: الكاتب والإعلامي، الناقد، الفنان التشكيلي، الفنان الشامل، و.. كأن الناس ليس لديها قدرة على التمييز بين كاتب وطبيب عيون أو .. ، مع ذلك فأن هؤلاء أهون بكثير من الذين يطلقون على إنفسهم، بإنفسهم ، القابا مثل : المبدع، الكاتب الكبير، المثقف الـ .. ، …

قبل فترة، من شهور، كتبت على الخاص في برنامج المحادثة (الماسنجر) لكاتبة عربية، من أصدقاء مقهى فيس بوك: (انت امرأة جميلة، ولديك موهبة واضحة، فأرجوك لا تكتبين امام اسمك “الكاتبة الكبيرة “، انت لست امرأة عجوز، ما زلت شابة مثل زهرة ربيعية.). لا أعتقد انها فهمت ما اقصد، وربما فهمت واصرت على إغاظتي، اذ بعدها بيومين نشرت صورتها مع تعليق: الكاتبة الكبيرة فلانة بنت فلان تطبخ الـ…!

لطالما اغاظني إطلاق الصفات المجانية بدون ترو على كتاب وشعراء وفنانين، والمؤلم هنا ان البعض من هؤلاء المثقفين يرضى بذلك، ويصدق حين يقال له انه “كبير”، دون ان يدري بكون هذا اللقب منقصة له وإساءة، وان الكبار الحقيقين دائما ما امتازوا بالتواضع. وكان لي يوما، في دمشق، دردشة حول هذا الامر مع الشاعر العراقي سعدي يوسف، وأرتضى الرجل استخدام كلمة (المبدع) ان أطلقه الاخرين على المثقف، فهو يرى ان الشعراء الحقيقيين يستحقونها.

في الأيام الأخيرة، لاحظت ان ثمة شاعر، لست معنيا هنا بعلامات الاستفهام عن تأريخه في زمن الطاغية صدام حسين، ولست معنيا ايضا بمحتوى نصوصه سواء التي كتبها للحرب الصدامية العدوانية أو “أغانيه المدنية” التي كتبها لاحقا، لكن أثار انتباهي لقب (الشاعر الكبير) امام أسمه، فخطر في بالي سؤال: يا ترى ماذا أبقوا للجواهري والسياب؟ .. وسنلتقي!

Image preview

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here