مشاريع مُعطّلة وحلول مؤجلة

حسين النجار

لم يتمكن التحالف الثلاثي من استمالة العدد الكافي من النواب المستقلين لتحقيق النصاب اللازم في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ولم تأتِ اتفاقات اللحظة الأخيرة حاسمة لتمرير مرشحه، فيما استطاع الثلث المُعطِل ان يجذب الى جانبه عددا من النواب، رغم اعلانهم صراحة التمسك بالنهج ذاته الفاشل والمرفوض من الشعب، ضامنين ولو مؤقتاً بقاء سلطة المحاصصة المدمرة.

ويبدو ان المطالب التي جرت الموافقة عليها في اللحظات الأخيرة من قبل رؤساء الكتل النيابية للتحالف الثلاثي، لم تكن هي الأخرى كافية للرأي العام وللنواب الاخرين، وقد جاءت قبل انعقاد الجلسة بوقت قصير، ولم تتحدث عن آليات تنفيذ المطالب.

وعليه يمكن الحديث عن منافسة بين مشروعين متضادين، لكنهما في نهاية المطاف لا يختلفان الا في التطبيق، فهناك نهج يريد استمرار التوافق ويضمن استمرار المحاصصة وما ينجم عنها من فساد، في مقابل رغبة عارمة لدى الناس في مغادرة هذا الأسلوب في الحكم، يعكسها مشروع “الأغلبية الوطنية” الذي هو قريب من حيث المحتوى للمشروع الأول، لكنه يختلف عنه من حيث الشكل، اذ جرى التفاهم بين قوى من مختلف المكونات لتقديم مرشحيهم لمنصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، من دون الإعلان عن مشروع سياسي يدعم هذا التحالف.

بذلك يكون تشكيل التحالف شكلا آخر من اشكال المحاصصة الطائفية القومية الاثنية، بدليل استمرار حديث قادته بالأسلوب والافكار ذاتها التي تطرحها اطراف الثلث المُعطِّل (التحاصص في توزيع المناصب) ومن بعدها يأتي البرنامج الحكومي، ما يعني انهم لا يعلنون صراحة مسؤوليتهم عن نجاح الحكومة الجديدة او اخفاقها.

وبعد فشل جلسة السبت، طُرحت حلول لا تختلف عن تلك التي تسببت في فشلها.

ويمكن لأزمة القوى السياسية ان تُحل من خلال الإسراع في اعلان مشروع سياسي واضح ومتكامل للأغلبية السياسية، يتحمل الموقعون عليه مسؤولية النجاح والاخفاق، وتكون انتفاضة تشرين ومطالبها جزءا منه ولا تتنصل القوى الموقعة عليه من مسؤولية أي اخفاق في تنفيذه لاحقا.

ان الحلول المعلنة حتى الآن لا تؤشر في اتجاه إعادة الأمور الى نصابها الطبيعي، بل ان هناك تمسكا من كلا الطرفين بالرأي وبالمضي في فرض رؤيتهما، مع تعطيل المواد الدستورية والحلول القانونية وبضمنها اجراء انتخابات مبكرة بعد تعديل قانون الانتخابات. وهنا يقع على القوى الديمقراطية والمدنية والاحتجاجية ان تدفع بمشروعها السياسي الداعي الى التغيير، وان

تتوحد حوله وتذهب في اتجاه المنافسة القوية، وبالتالي المساهمة في الحكم والتصدي لمشروع المحاصصة والفساد.

بعكس ذلك سيتواصل الاستعصاء السياسي، وذلك آخر ما يحتاجه البلد. فمطالبات الناس وحاجتهم الى العيش الكريم باتت أشد من السابق، وستفرض الانتفاضة نفسها على جدول العمل، ويتحمل مسؤولية ذلك الطرفان والنهج الفاشل الذي اتبعاه في الفترة الماضية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here