ما جدوى مراوحة الخوض مجددا في المستنقع السياسي العراقي ؟

ما جدوى مراوحة الخوض مجددا في المستنقع السياسي العراقي ؟

بقلم مهدي قاسم ــ جريدة صوت العراق

في الشهور الماضية ، و بعدما قررت عدم الكتابة في الشأن العام السياسي العراقي ، تلقيت عددا من رسائل ومناشدات حريصة وبنوايا كريمة و نبيلة من قراء أعزاء ووطنيين شرفاء فعلا ، طالبوني بالعودة للكتابة عن الشأن السياسي المحلي العراقي بعدما وصلت الأمور إلى نفق مسدود بسبب الصراع القائم و المحتدم بين نفس القوى و الأحزاب و دكاكين دول الجوار على طبيعة و نسب تقسيم جديد لحصص المغانم و المناصب فيما بينها ، و ذلك على ضوء ميزان القوى الجديد ــ القديم ـــ في مجلس النهّاب العراقي ..
ففي المحصلة النهائية لم يحدث تغيير كبير جدا على ميزان القوى الفاسدة والمتحكمة إلا تغييرا طفيفا بدخول عدد من نواب مستقلين و ” تشرينيين” مبعثرين و على نحو ليس لهذا التغيير الطفيف من تأثيرا كبيرا في حسم الأمور لصالح القوى الوطنية الحقة والشريفة ، إذا ( ومثلما تنبئت في مقالة لي قبل الانتخابات) بأنه قد يفوز هذا الحزب أو ذاك التيار بمقاعد أكثر بقليل أو تخسر فئة أخرى بعدد أقل من المقاعد ولكن واقع الحال المُزري والرديء سيبقى كما هو من خلال بقاء هذه القوى السياسية متنفذة ومهيمنة على الساحة السياسية العراقية سيما بأذرعها الميليشاوية المسلحة وبأغلبيتها الموالية للنظام الإيراني ..
نعم .. لن يحدث تغيير جذري و كبير مأمول أومنشود ..
نقصد على نحو تشكيل حكومة وطنية و مستقلة عراقية قحة ، تأخذ على عاتقها صون مصالح العراق الأساسية و تعطي لها الأولوية دفاعا و حماية و في نفس الوقت وتشمر على ساعدها في الوقت نفسه للقيام بعمليات تعمير و إنشاء وتطوير و تحديث في كل النواحي والمجالات الضرورية وبتركيز مكثف على تطوير قطاعات الزراعة والصناعة و الصحة والتربية و خلق فرص عمل من خلال تشجيع الاستثمار و تنمية الثروات المائية الأخذة بالشحة الخطيرة يوما بعد يوما مهددة حياة الملايين من أهل الأرياف والقرى بالهجرة والرحيل .
ففي النهاية إن هذه الأحزاب والقوى السياسية اللصوصية لا تختلف فيما بينها على تقديم أحسن برامج و خطط تنموية لتحسين مستوى معيشة المواطنين أو على صعيد تقديم أفضل خدمات نوعية و عصرية مستدامة لهم ، أنما الصراع المحتدم فيما بينها قائم أساسا على المطالبة بالمشاركة في تقسيم السلطة و نسبة توزيع المناصب الحكومية فيما بينها فحسب ..
أما حكاية الحكومة الأغلبية فهي لا تعدو أن تكون سوى لعبة الفاظ وتعابير مضللة ،إذ إن إبعاد عميد الفاسدين نوري المالكي ــ مثلا ــ في السلطة أو تشكيل الحكومة لا يعني قطعا أن الحكومة القادمة و المشكّلة أصلا من أحزاب طائفية أ قومية ذاتها لا تعني أنها ليست محاصصتية ..
علما أن التيار الصدري الذي اشترك في كل الحكومات السابقة لم يكن ليقل فسادا عن غيره من الأحزاب والفئات الأخرى القابعة في المنطقة الخضراء طيلة 18 عاما و حتى الآن ..
إلى جانب هذا فهو تيار طائفي بحت و واسع يمثل ” الشيعة ” فقط ..
فعن أي إبعاد مكوناتي يتحدث عنه الإطار المزنجر بقيادة المالكي ؟..
إذن و عموما فلا جديد في الوضع السياسي العراقي إنما تكرار ومراوحة في نفس المستنقع الآسن ذهابا وإيابا و حتى هذه اللحظة ..
طبعا كل هذا بفضل الجماهير ” العريضة الشيعية و ـــ السنية على حد سواء” التي ــ بالرغم من علمها الجيد بفساد هذه الأحزاب و دكاكين دول الجوار فأنها تصّر على أن تتحول إلى قاعدة تصويت لها لتبقى هذه الأحزاب و الدكاكين السياسية قوى ذات هيمنة و نفوذ و سلطة وأذرع مسلحة ضاربة و إجرامية ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here