الأنبار..وبنات آوى ..وكارثة (غياب) زعامات المكون السني!!

الأنبار..وبنات آوى ..وكارثة (غياب) زعامات المكون السني!!

حامد شهاب

منذ أن بزغ فجر الأنبار ، بل منذ أن كانت تسمى ( لواء الدليم) ، كانت تلك البقعة الطاهرة من أرض العراق الشماء، هي مرتكز الزعامات الأساسية للمكون (السني) عموما ، وهم أعلامها الصيد الميامين، تتقاسم هذا الدور مع محافظة نينوى وشقيقاتها من المحافظات (السنية) الأخرى ، ولم يكن هواها سوى عراقيا عربيا إسلاميا متمدنا ، لم يضمروا الا الحب للآخرين وهم يمدون أياديهم لمن يحتاج الى المعونة أو تصيبه نوائب الدهر، ورجالاتها وشيوخها هم أعلام شامخة ، ليس بمقدور كائن من كان أن يمسهم بسوء، أو يكون بمقدور بنات آوى أو (الحصينية) أن تقترب من قلاعهم، وهم الأسود الميامين الذين إغترفوا من نبع العروبة، من منابع أصلهم الطيب وكرمهم ونخوة رجالهم وملاحم بطولاتهم في ساحات الوغى ، وهم رجالات الدولة ورموزها الكبيرة ، مايشكل مفخرة لكل عراقي وعربي أينما وجد !!

لكن حظهم الأغبر وزمنهم اللعين ، تدهورت أقداره منذ أن وطأت العملية السياسية وعملاؤها الصغار أرض العراق ، وتم أقصاء دور محافظاتهم، وبقيت خارج الدور والمكانة، و(إستفرد) بها كل ذي ماض سحيق أو كان جائعا عريانا ، ممن كانوا يتسولون في بقاع الغربة ، ويتعاونون مع أعداء العراق ضد رغبة شعبه في ان يكون قويا منيعا تهابه الأمم، وقد كان هؤلاء الأقزام يتخذون من ساحات تلك الدول منطلقا للإجرام والتآمرالخبيث ، للإيقاع بحال العراق الشامخ الأبي، وإذا به يهوى خارج التاريخ، وشنت ضد شعبه ومكوناته حملات حروب ظالمة لا تبقي ولا تذر!!

ومع هذا حاولت (زعامات) من الانبار ونينوى ومحافظات أخرى ، ممن دخلوا دهاليز السياسة ، أن يستردوا الدور والمكانة ، وحاولوا بذل المستحيل، لكتهم إصطدموا مرة أخرى بصغار الساسة ومن جاؤوها في غفلة من الزمان، ومن عقدوا إتفاقات خارج رغبة مكونهم، وعلى حساب أهلهم، لمجرد ان تظهر ( زعامات صغيرة مصطنعة) حاولت القفز فوق أدوار الكبار من رموزهم ومكونهم، بقدرة قادر، ولم تحترم دور (الكبار) ولم تضع ( إعتبارا) لتلك الرموز التي كان يعول عليها أن تضع حدا للتطاول على أهل الانبار وباقي محافظات المكون السني، وعانت الانبار من (غياب) دور الزعامة الحقيقية ، وراح شيوخ وواجهات لم يكن لها دور لسلب أدوار الرموز التي تحظى بالاحترام والتقدير ومن وحاولوا الوقوف بوجه الغزو المغولي الهمجي الاصفر اللعين ، لتحل محلها (واجهات) تحت مسميات مختلفة، وهي صغيرة في عمرها ودورها ، ظنا منها أن بمقدورها أن تشكل (زعامة) ، لكنها فقدت القدرة على ممارسة الدور ، كونها بلا تاريخ أصلا، ولم يكن بمقدورها الا (مسايرة) المتربصين بمستقبل المحافظة، ومن يريدون لها أن تبقى بلا هوية أو دور أو مكانة، وكانت خسارات المحافظات الاخرى مدمرة وكارثية، بعد أن لم تستطع تلك الوجوه التي اخترعت لها مواقع وأحزابا هامشية، لتنهي دور كبار الرموز الشامخة من أهل الانبار ومحافظات اخرى ، التي كان بإمكانها أن تقف وبوجه أخطبوط المد الطائفي المذهبي الذي يحاول إستباحة محافظة الانبار وكل المحافظات السنية الأخرى، وانحدرت من مسعى لأن (تتقدم) في مكانتها ودورها الى ان ( تتراجع) على أكثر من صعيد، أما ( سيادة) البلد فهي آخر عنوان لم يبق له وجود على ارض الواقع!!

حتى نحن نخب الانبار ومثقفوها ، ومن كنا عناوين شامخة للكبرياء والعز والمكانة ، وما أكثرهم من أهل الأنبار، واذا ببعض (الأقزام) من متطفلي السياسة يصطفون مع الأغراب ، ضد تلك الزعامات والنخب والكفاءات ، لمجرد البحث عن موقع هنا او هناك (يعلي) شانهم، وهم (الصغار) الذين لادور لهم ولا مكانة، سوى أن الاقدار اللعينة، جاءت بهم في عفلة من الزمان، ويتسيدوا المشهد السياسي ، وهم يعلمون أنهم (نكرات) لكن من إصطفوا مع من ساعدوهم على بلوغ أهدافهم ومراميهم غير الشرعية، في إستباحة محافظاتهم!!

إن غياب (زعامات) مثل السيد أسامة النجيفي وصالح المطلك ورافع العيساوي وآخرين كثيرين من زعامات المكون السني، وعدم منحهم الدور الذي يستحقون، والذين يشيد بهم حتى أعداء المكون ومن يتربصون بمكونهم لتنحدر مكانته، ويقرون بأدوارهم في أنهم كانوا زعامات (ملأت) نفسها ودورها ومكانتها وحظيت بالاحترام والتقدير، واذا بساسة طارئين وقد قفزوا بسرعة الى الواجهة، وهم بلا تاريخ أو دور ، ليزيحوا تلك (الزعامات الحقيقية)، ويوقعوا بها بمختلف اساليب التآمر والخسة ، ليكون لهؤلاء الطارئين دور في الواجهة، لكنهم سرعان ما أخفقوا في أن يرتقوا الى مستوى الزعامات الحقيقية ، لأن قاعهم المنحط لن يسمح لهم بأن يرتقوا الى الدور والمكانة الذي كانوا يحلمون، وهرول وراءهم بعض شيوخ الزمن الرديء، وأمدوهم في طغيانهم يعمهون ، واذا بمصير أهل الانبار وحال سنة العراق يهوى الى القاع، والى المصير الذي لايحسد عليه ، وها هم قد إستفرد بهم الآخرون وراحوا يطلقون عليهم مختلف الأوصاف المنحطة والتي تحقر من شأنهم ومن مكانتهم ، لأنه ليس بمقدورهم مواجهة غول قوى وجهات ترتبط بمحور الشر ، تريد أن تبقى تلك المحافظات خارج التاريخ، وليس بمقدورها إستعادة دور أهلهم ومستقبلهم وتاريخهم الضارب في أعماق التاريخ العراقي والعربي المشرف ، وساهم بعض العرب ، للأسف الشديد، في اللهاث وراء زعامات (مصطنعة) ، ظنا منهم أنهم عندما يقفزون الى الواجهة، بإمكانهم أن يحصلوا منهم على مغانم ومكاسب ترفع من طمعهم في أرض العراق، وبعضهم كان مشاركا في العدوان الثلاثيني عليه، ولا يريدون للعراق أن يرفع رأسه مرة اخرى!!

وما نسمعه عن الأنبار ، ومن قناتها ، من أناشيد وصرخات إستغاثة في بيانات صاخبة،هذه الايام، ومن قيام بعض وجهائها في العبث بمقدرات أهلها والاستقواء بقوى خارجية، ممن تريد إذلالهم وإستباحتهم، تعكس حالة القلق على مستقبل تلك المحافظة ، وتردي أحوالها ، وهو يؤكد ما ذهبنا اليه من أن الطارئين ومن جاءوا في غفلة من الزمان، لن يكون بمقدورهم، أن يكونوا عنوان نخوة او دور يمكن أن يعيد لمكونهم الإعتبار، وراح البعض من ساستهم ، بعد أن إنهالت عليهم مختلف الاتهامات الوضيعة، أن يشحذوا الهمم ، عله يكون بمقدورهم الوقوف بوجه (الحصينية والجرذان وبنات آوى) التي تتربص بمحافظتهم، ويريدون إستباحة أهلها ، واخضاعهم لمشيئتهم، تحت عناوين ومسميات، ما أنزل الله بها من سلطان، وحال الأنبار الآن هو في أتعس حال، إن لم يكن يرثى له، ولم يعد للاعمار من قيمة ، بعد إن راح كل من هب ودب يتحكم بأقدارهم، لتفترسهم وحوش الغدر، بل أن الكثيرين من أهلها يمارسون الطغيان على أقرب مقربيهم ، ولم تعد في قلوبهم رحمة ولا شفقة، وتعدى البعض منهم حدود الله في الطمع والجشع في إكتناز الأموال ، حتى وإن كانت من السحت الحرام، بالاضافة الى مايشار الى عمليات الرشوة والفساد الواسعة التي تغزو المحافظة وانتشار آفة المخدرات والجريمة ، ما يشكل كارثة، بل فاجعة حقيقية، وهو ما لايتمناه أهل الانبار، أن يكون حالهم ، على هذه الحال، التي ربما تبكي عليها كثير من نساء الانبار، ويعتصر شبابها وشيوخها الأصلاء ألمأ ومرارة، لأن محافظتهم ذهب ريحها، ولم يعد بمن تصدوا للمسؤولية أن يوقفوا زحف المتجاوزين على كرامة أهلها ، ومن جرعوهم في سنوات التهجير ومن هدموا مدنهم على رؤوسهم، مرارة العلقم!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here