الحرب على أوكرانيا “دفن في قبور مؤقتة”.. شهادات صادمة عن “بطش” الروس بسكان تشرنيغوف

متطوعون يغطون جثة مدني على أطراف تشرنيغوف المحتلة من قبل الروس

دفن المسؤولون في تشرنيغوف، على بعد 90 ميلا شمال كييف، مئات المدنيين فيقبور مؤقتة وحفروا خنادق على عجل، وأقامت العائلات جنازات جماعية خشية أن يقتلوا إذا مكثوا في المقبرة.

وعاش سكان المدينة أشهرا بدون مياه وكهرباء بالكامل تقريبا، ولم تتمكن أي مساعدات من الدخول، بحسب صحيفة واشنطن بوست التي قالت إن  أكثر  من نصف سكان المدينة قبل الحرب البالغ عددهم 300,000 نسمة فروا منها.

وأمضى أولئك الذين بقوا معظم الأسابيع الخمسة الماضية في التجمع تحت الأرض بينما قصفت القوات الروسية الأحياء السكنية بالصواريخ وقذائف الهاون.

ولا يزال عدد القتلى المدنيين غير واضح، لكن رئيس البلدية، فلاديسلاف أتروشينكو، قال إن المدينة دفنت في بعض الأحيان ما يصل إلى 100 شخص في يوم واحد.

قصف الروس المدينة بشراسة

قصف الروس المدينة بشراسة

وقال لصحيفة واشنطن بوست في مقابلة من مكتبه الذي تضرر عندما سقط صاروخان في مكان قريب في 27 فبراير “لم يكن الروس يقاتلون الجيش هنا، لقد كانوا يقصفون المدنيين”.

وتشرنيغوف هي أكبر مدينة أوكرانية تحاصرها القوات الروسية وتعود تحت السيطرة الأوكرانية الكاملة رغم أن السكان يستعدون لما يخشون أن يكون عودة روسية في الأيام المقبلة.

ونقلت الصحيفة عدة شهادات عن عدد من سكان المدينة رووا فظائع شهدتها مدن أخرى امتدت على مساحات واسعة من شرق البلاد وجنوبها التي لا تزال تحت السيطرة الروسية.

ووصلت القوات الروسية إلى خارج تشرنيغوف بعد وقت قصير من بدء الحرب، حيث أن المدينة لا تبعد سوى 45 ميلا برا عن الحدود مع بيلاروسيا، حيث كانت متمركزة، لكن الجيش الأوكراني تمكن من إبقائهم خارج المدينة، على الرغم من أنها كانت محاصرة بالكامل.

قاوم المدافعون بشراسة عن المدينة

قاوم المدافعون بشراسة عن المدينة

وأصبحت القرى التي تطوق تشرنيغوف الخط الأمامي للقتال.

وقال سكان محليون إن القوات الروسية استخدمت الذخائر العنقودية بشكل متكرر وعشوائي.

وتظهر بقايا تلك الأسلحة في حقول خارج المدينة، إلى جانب عشرات الدبابات الروسية والأوكرانية المحترقة ومركبات النقل العسكرية.

وقال سكان إحدى القرى القريبة من تشرنيغوف إنهم دفنوا يومي الأحد والاثنين 12 مدنيا وإن العاملين في المجال الإنساني نقلوا أكثر من 100 جثة معظمها لجنود روس وأوكرانيين.

“طرق الحياة”

وخلافا لما حدث في بلدات خارج كييف مثل إيربين وبوتشا، حيث يسود الشعور بأن القوات الروسية تخلت عن تقدمها على العاصمة، يخشى المسؤولون في تشرنيغوف من أن القوات الروسية تعيد تجميع صفوفها ببساطة وقد تعود قريبا إلى حافة المدينة.

وغادر آخر الروس المنطقة المجاورة للمدينة قبل بضعة أيام فقط، حسبما قال فياتشيسلاف تشاوس، رئيس الإدارة العسكرية في تشرنيغوف للصحيفة.

وأضاف أن الجيش يحاول بسرعة إنشاء وتأمين ممرات للمساعدات والإجلاء يسميها “طرق الحياة” تحسبا لعودة روسيا.

ويقول عمدة المدينة للصحيفة “ليس لدينا هذا الشعور بالسلام أو الهدوء هنا لأن الروس يمكنهم العودة بالسرعة التي غادروا بها”.

وأضاف “لا أفهم حتى مستقبل الحرب – سواء كانت هذه هي نهاية الحرب بالنسبة لنا أو إذا كنا بحاجة فقط إلى إصلاح المياه والكهرباء قبل هجوم آخر”.

وعندما انتخب رئيسا للبلدية لأول مرة في عام 2015، لم يتخيل العمدة أبدا أن واجباته ستشمل العثور على شاحنات مبردة للمشارح للحفاظ على القتلى المجهولين.

وفي مواجهة مقاومة شديدة، لم تتمكن القوات الروسية إلا من تطويق تشرنيغوف.

جثة جندي روسي على أطراف المدينة إلى جانب مدرعة روسية محترقة

جثة جندي روسي على أطراف المدينة إلى جانب مدرعة روسية محترقة

لوكاشيفكا

وهذا يعني أن القرى التي كانت ذات يوم في محيط المدينة، مثل لوكاشيفكا الصغيرة، لم تكن ملاذا آمنا، وبدلا من ذلك، تحمل السكان أسابيع من المعارك المدفعية الشرسة التي تخللها قصف عنقودي روسي.

وتنتشر ناقلات الذخائر العنقودية التي تحمل كل واحدة منها عشرات القنابل المحظورة بموجب اتفاقية للأمم المتحدة، على مساحة كبيرة من أراضي القرية لدرجة أنه في الأيام التي تلت انسحاب الروس، قام السكان بتكديسها في أكوام.

وبحلول التاسع من مارس كانت القرية التي يبلغ عدد سكانها 288 نسمة تحت سيطرة كتيبة روسية يقودها رجل يعرف باسم تيتان، قال السكان إنه أرهبهم بالضرب المبرح والإعدام الوهمي.

ووصف أحد سكان القرية للصحيفة حادثة اقتحم فيها تيتان وجنديان آخران منزله وجروه وصديقا له إلى الفناء الخلفي وعلقوهما من ذراعيهما بحبل من غصن شجرة وجردوهما من ملابسهما.

“كان الجو تحت التجمد، لكنني لم ألاحظ حتى”، قال الشاهد، “كنت أقول وداعا للحياة”.

وقال إن الجنود تركاهم معلقين بينما كانوا ويسرقون كل شيء ذي قيمة.

قام الروس بفظائع في القرية وفقا لشهادات السكان

قام الروس بفظائع في القرية وفقا لشهادات السكان

وقال السكان إنهم اصطفوا في طوابير وصودرت هواتفهم وجوازات سفرهم، وقال آخرون إن الجنود الروس سرقوا حتى سجادهم ووسائدهم.

وفي مزرعة للماشية على حافة القرية التي استولت عليها القوات الروسية من الأوكرانيين الذين كانوا يستخدمونها كموقع دفاعي، أعدم رجال تيتان عشرات الأبقار والعجول.

وداخل المدينة، ومع استمرار الحصار، خاطر المتطوعون بحياتهم لتوصيل المياه. وباستخدام مولد كهربائي محمول، استطاع السكان اليائسون شحن هواتفهم للاتصال بالعائلة للتأكد من أنهم ما زالوا على قيد الحياة.

على الرغم من جهود المتطوعين، توفي العديد من السكان ليس فقط بسبب القصف، ولكن لأنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى الأدوية الأساسية، على حد قول موظفي المستشفى.

ولا يزال العديد من الجرحى في الهجمات الروسية داخل المدينة داخل مستشفى مدينة تشرنيغوف.

ونقلت الصحيفة شهادات الكادر الطبي الذين وصفوا الشهر الماضي بأنه “الأصعب في حياتهم”.

وروى الكادر الطبي شهادات عن سكان تمزقت أعضائهم من القصف، من ضمنهم العشرات أصيبوا في قصف استهدف متجر المدينة الرئيسي.

وقال أحد المتطوعين “رأيت الدماء في كل مكان، اثنا عشر شخصا قتلوا على الفور”.

وفي اليوم التالي، أصاب القصف الروسي وقذائف الهاون المستشفى، مما أدى إلى تحطيم النوافذ والأبواب، وملأ الممرات بالدخان وإصابة بعض المرضى والموظفين.

وأصدرت السفارة الأميركية في أوكرانيا وقتها بيانا شجبت فيه هجوم 16 مارس متهمة القوات الروسية بقتل 10 مدنيين على الأقل.

وفي المشرحة خلف المستشفى، ظلت 13 جثة من دون مطالبة بها في شاحنة تبريد ولا يزال الضحايا يرتدون الملابس التي قتلوا بها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here