جواز الوقف (ج) وتطبيقات من آيات سورة النمل

جواز الوقف (ج) وتطبيقات من آيات سورة النمل

الدكتور فاضل حسن شريف

أنّ طول القراءة لا يعتبر عذراً للوقف قبل تمام الكلام عندما يكون القارئ قادرا على الاستمرار بنفسه بل ينبغي للقارئ أن يقف حيث يضيق نفسه، ثم يبتدئ من أول الكلام ويصل بعضه ببعض حتّى يقف على موضع يسوغ الوقف عليه. والنحويون يكرهون الوقف الناقص مع إمكان التامّ. لذلك وجود علامة جواز الوقف يجعل القارئ يقدر وقوفه في المكان المناسب ويتحكم على نفسه استنادا إلى ذلك كما في الآيات المباركة التالية من سورة النمل: “طس (ج: جواز الوقف) تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ” (النمل 1).

والعلامة (ج) فوق نهاية الكلمة يعني جواز الوقف والوصل. ولكن الوقف افضل وخاصة في الآيات الطويلة، لأسباب منها تدبر القرآن أي يتفكر القارئ بما قرأ، وتقسيم الآية إلى جمل وعبارات بعد اكتمال المعنى. وتدبر القرآن له مفاهيم منها استنباط الادلة الشرعية، والحلال والحرام، والأمر والنهي، ودرجة الفهم. الآيات التالية من سورة الحج توضح مواقع جواز الوقف “وَأَلْقِ عَصَاكَ (ج: جواز الوقف) فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ (ج: جواز الوقف) يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ” (النمل 10).

ان علامات الوقف علامات اجتهادية لأن المصاحف السابقة كانت خالية من هذه العلامات. ولو ان المصاحف الحالية لا تختلف فيها وضع العلامات كثيرا الا ان بعضها فيها اختلاف قليل. ومن الآيات الشريفة من سورة النمل التي فيها علامة جواز الوقف (ج) “وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (صلى: الوصل أولى مع جواز الوقف) فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ (ج: جواز الوقف) إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ” (النمل 12)، و “وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (ج: جواز الوقف) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ” (النمل 14).

الوقف الاختياري يسمى أيضا الوقف الحسن لأنه يؤدي المعنى الذي يحسن الوقف عنده، وقيل (من لم يعرف الوقف لم يعرف القرآن) كما في الآيات المباركة من سورة النمل: “قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (ج: جواز الوقف) فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ (صلى: الوصل أولى مع جواز الوقف) وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ (صلى: الوصل أولى مع جواز الوقف) وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ” (النمل 40).

و يوجد تعريف حديث للوقف: الوقف هو قطع الصوت عند آخر الكلمة القرآنية زمناً يسيراً يتنفس فيه عادة مع قصد الرجوع إلى القراءة أمّا بما يلي الحرف الموقوف عليه إن صلح الابتداء به أو بالحرف الموقوف عليه أو بما قبله ممّا يصلح الابتداء به ولا بدّ في الوقف من التنفس معه. قال الله جل جلاله في سورة النمل “فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ (صلى: الوصل أولى مع جواز الوقف) قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ (ج: جواز الوقف) وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ” (النمل 42)، و “قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ (صلى: الوصل أولى مع جواز الوقف) فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا (ج: جواز الوقف) قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ (قلى: الوقف أولى) قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” (النمل 44)، و “قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ (ج: جواز الوقف) قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ (صلى: الوصل أولى مع جواز الوقف) بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ” (النمل 47).

قال الله سبحانه “وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (طه 114) أي عند القراءة عليك بعدم التعجل بل المطلوب التمهل والوقف المناسب وخاصة عندما توجد مجموعة مستمعة. ومن الوقف المناسب عند علامة جواز الوقف (ج) كما في الآيات التالية من سورة النمل “أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ (ج: جواز الوقف) بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ” (النمل 55)، و “أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا (قلى: الوقف أولى) أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ” (النمل 60)، و “أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا (قلى: الوقف أولى) أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ” (النمل 61).

قال الله تعالى “وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً” (الإسراء 106)، المكث يعني التأني حتى يحصل الفهم والتدبر. لذلك الوقف عند علامة جواز الوقف (ج) يساعد على التأني والتدبر في القراءة كما في الآيات التالية من سورة النمل “أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ (قلى: الوقف أولى) أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ” (النمل 62)، و “أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ (قلى: الوقف أولى) أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ” (النمل 63)، و “أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (قلى: الوقف أولى) أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ” (النمل 64).

قال الله عز من قائل “قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ (ج: جواز الوقف) وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ” (النمل 65)، و “بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ (ج: جواز الوقف) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ” (النمل 66)، و “أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا (ج: جواز الوقف) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” (النمل 86)، و “وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ (ج: جواز الوقف) وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ” (النمل 87)، و “وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ (ج: جواز الوقف) صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ” (النمل 88).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here