مقارنة نحن بحاجة اليها

مقارنة نحن بحاجة اليها :
قلم (كامل سلمان)
انت تعيش في بلاد ، الحرمان فيها فاق التصور ، حتى من الهواء الصحي ، في هذه البلاد انت ولدت ونشأة وترعرعت ، ارتبطت بالناس وبالأرض ، ولكن الفاقة والحرمان جعلتك تعيش الفقر والمرض والخوف والالم ، فكل شيء حولك يوحي للحزن وفقدان الامان وسيطرة الاوباش على الحياة ، في خضم هذه الاوضاع وهذه المآسي وإذا بفرصة ذهبية تعرض عليك وكأنها فرصة من عالم الاحلام ، فرصة ان تعيش في جزيرة تعداد نفوسها بالاف ، يعرضون عليك عمل مغري وبيت واسع وسيارة حديثة وكل مستلزمات العيش الرغيد والحياة الجميلة والامان والكرامة والعزة ، فتقبلتها انت دون تردد ، الحياة تغييرت عندك وانقلبت رأسا على عقب ، فكل سيء حل محله الشيء الجميل المفرح المبهج وسط مجتمع رائع خالي من العقد ودود في العلاقة والمحبة ، وسط هذه السعادة والتكامل الصحي الاجتماعي المادي الاخلاقي وكذلك المستقبل المضمون لأولادك عشت احلى سنين العمر ، وبعد سنين تفاجأت بوجود اقوام بربرية تحاول الهجوم على الجزيرة واحتلالها وتدمير اهلها ، فهل سيكون لك دور المتفرج او دور المتخاذل او دور المتعاون مع الاعداء ام سيكون موقفك الدفاع عن الناس الطيبين الذين جاورتهم بإحسان واثبتوا وفاءهم واخلاصهم وحبهم لك ولعائلتك والدفاع عن الارض التي احتضنتك واعطتك جمالية الحياة والدفاع عن نفسك ومكتسباتها ، كل الدلائل العقلية والمنطقية والاخلاقية تشير الى انك ستتعاون مع اهل هذه الجزيرة للدفاع عنها وعن سكانها ودفاعك عنها قد يصل حد التضحية بالنفس .
ثم يأتيك من يسألك لماذا لم يكن عندك هذا الاستعداد من قبل للدفاع عن ارضك ووطنك الذي ولدت ونشأت وترعرعت فيه ، ولماذا سمحت لهذا التردي الذي اصاب مجتمعك ولماذا لم تحارب الخونة الذين مدوا ايديهم للعدو بالخيانة ، ولماذا الآن عندك هذا الاستعداد في الدفاع والتضحية عن ارضك ونفسك ومالك ومجتمعك الجديد؟
الجواب بكل بساطة هنا في الجزيرة انت تدافع عن الوطن وعن الدين وعن المبادىء وعن القيم والاخلاق وعن النفس وعن المال . هذا هو معنى الوطن اجتمعت فيه كل اسباب الاستعداد للتضحية ، فمن المخجل ان تتردد في الدفاع عنها . وهذا يدل على ان مفردة الوطن هي ليست حفنة تراب بل هو ارتباط متبادل من اجل ان تكون او لا تكون مع الارض والناس والحياة ، نعم الروح المعنوية للدفاع عن الوطن في بلد المنشأ غير موجودة بتاتا فقط لعق على الالسن ، فقد سلب الاراذل منا حب الوطن منذ نعومة الاظافر ولم يتركوا لنا واحدة نتفاخر بها ونصونها فطفح الزبد بدل ان يذهب جفاء وصارت الارض لمن هو اسوأ ، والسبب هو البداية ، البداية من الاباء والاجداد الذين تعودوا السكوت وقبول الواقع السيء المفروض عليهم وقد فعلوا ذلك لإنهم لم يكونوا متوحدين بل كانوا مشتتين فتقبلوا السوء والظلم لأخوتهم الذين جاوروهم الاف السنين ، أفلم يقبل العراقيون السوء لليهود الذين عاشوا معهم سنين العمر وضحوا بهم ارضاءا للمبادىء القومية الخادعة ، أفلم يقبل العراقيون السوء لأخوتهم الكورد الذين سبقوهم بالعيش في هذه الارض وكذلك الكورد الفيلية ارضاءا للعنصرية المقيتة ، أفلم يقبل العراقيون السوء لأخوتهم المسلمون السنة ارضاءا لدعاة المذهب الشيعي ومن قبله السوء لأخوتهم الشيعة ارضاءا لدعاة المذهب السني ، فالكل تعرض للسوء من قبل اخوتهم في الارض وعندما يدور الزمان يبدأ الانتقام ، إذا اين الوطن ؟ اين المبادىء ؟ اين الاخلاق ؟ الدفاع عن ماذا ولماذا ؟
فلا تستغرب ان ترى بلد مثل العراق مباح للأجنبي الفارسي او التركي او السعودي او غيرهم لإن أهلها هم من فعل ذلك بها ، فالوطن ارض ومجتمع ومصالح وكرامة عندما تكتمل فإن التضحية من أجلها لا تنتظر النداء .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here