سفرائنا واجهة وطننا

سفرائنا واجهة وطننا
علاء كرم الله

يعتبر منصب السفير من أهم وأرقى المناصب وأخطرها بنفس الوقت لأن السفير يمثل دولته بكل تفاصيلها وعناوينها السياسية وغير السياسية ، لذا فالسفير يكون محط أنظار الدولة التي يكون ويعمل فيها ، وتكون كل تصرفاته تحت المراقبة والمشاهدة! . وللعمل الدبلوماسي أعراف وأتكيت وبروتكول معمول به دوليا وعالميا في كل دول العالم ، وعلى السفير أن يلتزم بكل تلك الأعراف والبروتكولات . وتكون مهمة السفير أصعب وأدق وتتركز عليه الأضواء أذا كانت دولته تمر بأحداث سياسية أو أزمة اقتصادية أو تخوض حرب أقليمية أو تجري فيها حرب أهلية أو حدث فيها زلزال أو فيضان أو تعرضت لكارثة بيئية أو وبائية ، فعندها تتجه الأنظار صوب السفير بل صوب البعثة الدبلوماسية ويتزاحم امام مقر السفارة عشرات الصحفيين والأعلاميين والفضائيات يوميا! ، وخاصة عندما تكون هناك مؤتمرات وندوات وأجتماعات ولقاءات ، عندها يكون السفير وكل طاقم سفارته وبعثته الدبلوماسة تحت أضواء وكاميرات الفضائيات وبقية الوسائل الأعلامية . لذا تحرص كل دول العالم على اختيار بعثتها الدبلوماسية بكل طاقمها بدأ من السفير وصولا الى موظف أستعلامات السفارة! ، اختيارا دقيقا ومهنيا بعيدا عن أية واسطات ومحسوبيات وحزبيات!. فموظفوا السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية لا يتم قبولهم وتعينهم في الوزارة ألا أذا كانوا من حملة شهادة البكلوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه في أختصاص القانون أو العلوم السياسية أو التاريخ أو العلوم الأنسانية وأية علوم أخرى قريبة من هذا المجال والتخصص ، وكذلك على موظف السلك الدبلوماسي أن يكون حسن الشكل والشخصية والأهم في ذلك يجب عليه ان يجيد التكلم باللغة الأنكليزية لغة التخاطب العالمية ولغة اخرى معها ، هذا أضافة الى أنحداره الأجتماعي والبيئي ، كما ويجب ان يكون ذو سمعة طيبة هو وعائلته وليس عليهم أي مؤشر سيء وغير حسن ، هذه الشروط وغيرها يخضع لها المتقدم للعمل بوزارة الخارجية والذي يريد أن يعمل بالسلك الدبلوماسي . وبعد أن ينجح ويجتاز المقابلة ويتم تعينه تبدأ مرحلة أخرى وهي الأصعب حيث يتم أدخاله في دورات متعددة سياسية وثقافية وأعلامية ويخضع لدورات تعلم فن الأتكيت في المأكل والملبس والمشرب وفن الذوق العام ، ومن ثم يتعلم أصول البروتكولات السياسية وعندما يجتاز كل ذلك تبدأ رحلته في العمل في وزارة الخارجية في السلك الدبلوماسي ، والمسألة الأهم انه في كل ترقية وظيفية عليه أن يقدم بحثا يخص عمله ويخضع بذلك الى أمتحان ولجنة مقابلة! حتى يتم منحه الدرجة الوظيفية الجديدة في عمله كموظف بالسلك الدبلوماسي! ، ولذا يمضي سنوات طوال بالتدرج الوظيفي حتى يصل الى منصب سفير أو قنصل!. هذا ما هو معروف ومعمول به في كل دول العالم تقريبا ، وهذا ما كان يعمل به لكل من يتقدم للعمل في وزارة الخارجية العراقية ( السلك الدبلوماسي) قبل سقوط النظام السابق! وأحتلاله الغاشم من قبل الأمريكان. ونسأل هنا : هل خضع سفرائنا وموظفي بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج من بعد سقوط النظام السابق الى هذه الشروط أو حتى لجزء منها؟. لأن ما نسمعه وما تتناقله مواقع التواصل الأجتماعي بين الحين والآخر من تصرفات تصدر من موظف في هذه البعثة وموظف في تلك البعثة ممن يعملون في بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج تؤكد بأنهم لم يخضعوا لأية شروط من التي ذكرناها ولن يخضعوا لها مستقبلا ! ، حيث تم تقاسم وزارة الخارجية كما في بقية الوزارات الأخرى على آلية المحاصصة السياسية المعمول بها بين الأحزاب السياسية الحاكمة والنافذة ، ويتم القبول والتعيين على أساس ذلك وعلى أساس القرابة والمحسوبية والمنسوبية والعشائرية وهذا لم يعد خافيا!؟ ، ولذا صار طبيعيا أن تنناقل مواقع التواصل الأجتماعي او نسمع أخبار بين الحين والآخر عن تصرفات مخجلة ومعيبة صدرت من هذا السفير وذلك القنصل والموظف! ، حتى ذكرت ( أذاعة الببيسي) البريطانية في أحد المرات وفي في أحدى نشراتها الأخبارية والتي جاءت على خلفية تصرفات معيبة لأحدى سفاراتنا بالخارج ! ((قبل سقوط النظام السابق بالعراق كانت دول العالم تحسب للسفارات العراقية وبعثتها الدبلوماسية ألف حساب ، أما بعد سقوط النظام فأن الأمر تبدل تماما!)) . أقول شيء طبيعي أن لا يحسب لبعثاتنا الدبلوماسية الان أية حساب لأن موظقيها يعينون لا من أجل أن يمثلوا العراق بما يستحق ولا من أجل أن يطالبوا بحقوقه المنهوبة ومحاسبة من تسبب بتدمير بلدهم الذي يمتد عممقه الحضاري الى آلاف السنين ، بل هم يعينون من أجل الراحة والأستجمام والبذخ والونسة!! ، لا سيما أن وزارة الخارجية العراقية وبعثاتها الدبلوماسية لم تكن بعيدة عن الفساد الذي ضرب كل مفاصل الدولة العراقية!. وهنا لابد من أن نعرج على ما قام به سفيرنا في لبنان (حيدر البراك) قبل أقل من شهر من تصرف مخزي ومخجل ومعيب والذي تناقلته الكثير من الأوساط الأعلامية والفضائيات والمحلية والعربية وحتى الدولية! عندما قاطع مراسلة الفضائية العراقية في بيروت ( ريما حمدان) وتدخل بشكل غير مهذب ومنعها من أجراء المقابلة مع رئيس الوفد العراقي ( علاء الساعدي) داخل مقر وزارة الطاقة اللبنانية! ، والذي كان يجري مباحثات مع الجانب اللبناني لمساعدته في الأزمة التي تمر بها لبنان وتقديم الدعم له ، عندما قام بسحب رئيس الوفد العراقي من يده بالقوة! ذلك التصرف ، الذي كان مثار سخرية وأستهجان كل وسائل الأعلام التي حضرت لتغطية اللقاء في مقر وزارة الطاقة في لبنان . وعلى أثر هذه الحادثة المخزية التي لم تألفها الأعراف الدبلوماسية من قبل ! طالب عدد من نواب البرلمان العراقي بضرورة أستدعاء السفير ومحاسبته ، بسبب سوء تصرفه الذي فيه أنتهاك ليس لأبسط الأعراف الدبلوماسية فحسب ، بل فيه أهانة وأساءة واضحة وكبيرة للعراق ، كما طالبت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة بالعراق بأقامة دعوى قضائية ضد السفير وفتح تحقيق بالموضوع من قبل وزارة الخارجية . ولا ندري ماذا فعلت وزارة الخارجية؟ فهل أستدعت السفير؟ وهل حاسبته فعلا ؟ . لا أعتقد ذلك ! وحتى أن تم استدعاء وزير الخارجية له فقد جاء من باب أحتواء الموقف لا اكثر، وكل شيء أنتهى الى لا شيء! ، وكما في كل كل مرة أخذ الحدث وقته وحيزه الأعلامي وانتهى الموضوع!. فغالبية مسؤولي الدولة العراقية وسياسييها قد أمنو العقاب فأساؤا وخربوا ودمروا ونهبوا وسرقوا وأفسدوا ، ثم ماذا يعني هذا التصرف غير المهذب والمؤدب من قبل السفير؟ ، وماذا يعني بالنسبة للعراق؟ ، فهذا أمر بسيط!! ، لأن صورة العراق ومع الأسف أصبحت مخزية ومعيبة في نظر العالم ولم يعد للعراق وأسمه ومكانته أي أحترام بين دول العالم بعد الأحتلال الأمريكي الغاشم له . أخيرا نسأل : ماهي شهادة هذا السفير؟ وما هي أمكانياته الفكرية والثقافية والسياسية؟ وكم يجيد من اللغات ، وهل تعلم فن الأتكيت والبروتكولات السياسية والثقافية؟ وهل خضع لدورات بذلك؟ والأهم من كل ذلك هل كان حريصا على العراق وسمعته؟ ، وبالتالي هل يستحق هذا السفير وأمثاله أن يكونوا واجهة العراق؟ . الجواب متروك لوزارة الخارجية العراقية!؟.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here