أکثر من نار تحت الرماد

منى سالم الجبوري

صار واضحا جدا بأن الشعب الايراني ونظامه الحاکم، يعرفان بعضهما جيدا ويعرفان بأن کل خيوط المودة والتقارب قد إنقطعت بينهما ولذلك فإن التصور بأن الامور والاوضاع في إيران تسير کما کانت في الاعوام الماضية، خطأ کبير، إذ أن صعوبة الاوضاع وإستحالة الحياة في إيران ولاسيما لغير المتمکنين والفقراء الذي يشکلون حاليا أکثر من 70% من الشعب الايراني، لم تعد قابلة للتحمل وإن الصبر الشعبي بدأ ينفذ مع عدم تمکن تمکن ابراهيم رئيسي بالإيفاء بوعود الخمسين التي قطعها للشعب الايراني مع ملاحظة إن رئيسي قد جاء بمبادرة ودعم نوعي من جانب خامنئي نفسه، هذا رغم إن خامنئي لايزال يمضي قدما في رهانه على رئيسي عندما سعى في الآونة الاخيرة تبرير عدم إيفائه بوعوده ودعوته مجددا الشعب للصبر على الاوضاع الصعبة والذي يبدو إنه لانهاية له في ظل هذا النظام.

عندما نقول بأن صبر الشعب الايراني بدأ ينفذ، فإن هذا الکلام ليس مجرد تخمين أو فرضية وإنما هو تجسيد لما هو يجري على أرض الواقع في إيران وبشکل خاص بعد التبريرات التي سعى خامنئي من خلالها للتغطية على عجز وفشل رئيسي عن حل ومعالجة المساکل والازمات الحادة التي تواجه حکومته وسير الاوضاع نحد المزيد من السوء، حيث شهدت مختلف المدن الإيرانية، يوم الأحد الماضي، تظاهرات وتجمعات شارك فيها عمال وطلاب ومتقاعدون احتجاجا على الوضع المعيشي وممارسات الأجهزة الأمنية، حيث خرج في إقليم الأهواز جنوب غربي البلاد، عمال صناعة الصلب والحديد في مسيرة احتجاجية طالبوا فيها بتلبية مطالبهم بتحسين وضعهم المعيشي من خلال زيادة الرواتب لمواجهة الغلاء والتضخم.

وتزامنا مع ذلك، فقد خرج في العاصمة الإيرانية طهران طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا في مسيرة احتجاجية رافضين تدخل الأجهزة الأمنية والعسكرية في شؤون الجامعة. کما إنه وعلى صعيد متصل، شارك المتقاعدون في عدد من المدن الإيرانية في مسيرات وتجمعات احتجاجية بسبب عدم تلبية السلطات لمطالبهم التي سبق وأن أكدوها مرارا وتكرارا من خلال وقفاتهم الاحتجاجية. الى جانب إنه قد مدن تبريز وكرمانشاه وأراك وعيلام وشيراز وأصفهان ومشهد تجمعات للمتقاعدين. والعديد من الحالات الاخرى التي لايسعها هذا المجال الضيق والتي تدل بحق إن الشعب الايراني قد سأم من دعوة ممجوجة ومستمرة من جانب النظام الى صبر وشد أحزمة على البطون لانهاية لها، ومايجري حاليا أشبه بتلك المقدمات التي جرت من نشاطات وتحرکات إحتجاجية في أواخر العام2016 وإستمرت بصورة ملفتة للنظر في العام 2017 حتى تطورت في أواخره الى إنتفاضة 28 ديسمنبر2017، التي هزت النظام الايراني بعنف، لکن من الواضح إن النظام يعلم جيدا بأنه إذا ماإندلعت إنتفاضة کبيرة هذه المرة وفي هذه الظروف الحساسة فإنها لن تتوقف أبدا کما حدث من الانتفاضات السابقة وإنما ستستمر حتى حسم أمر النظام نفسه!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here