بعد محاولات مستميتة لتفكيكه.. ‹إنقاذ الوطن› يرص الصفوف في مواجهة ضغوط إيران

ما فتئت إيران تمارس ضغوطاً كبيرة على تحالف ‹إنقاذ الوطن› بهدف تفكيكه، بما يسمح لحلفائها في قوى الإطار التنسيقي تشكيل حكومة محاصصة طائفية وحزبية، فضلاً عن وأد مشروع «حكومة الأغلبية» في مهده.

والتحالف بين الأطراف الثلاثة، يمثل التجربة الأولى منذ عام 2003، في عمل سياسي مشترك خارج البيوتات الطائفية والعرقية.

ويرفض الصدر تأليف حكومة توافقية بالتعاون مع قوى الإطار التنسيقي التي تضم الأجنحة السياسية للحشد الشعبي وحزب الاتحاد الوطني الكوردي برئاسة (آل طالباني) وبعض الأحزاب الصغيرة الأخرى، مثل تحالف ‹عزم› (سني 12 مقعدًا)، وكتلة ‹بابليون› (مسيحية 5 مقاعد).

غير أن عدم توصل الطرفين إلى حلول توافقية ورفض قوى الإطار التنسيقي تهميشها وإقصائها وعدم القدرة على انتخاب رئيس الجمهورية رغم عقد ثلاث جلسات مخصصة لذلك، يجعل الأزمة في البلاد مستعصية.

وفي انتظار انتهاء المهلة التي منحها الصدر لخصومه لتشكيل الحكومة، فإنها مارست ضغوطاً قصوى على حلفاء الصدر، الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكذلك تحالف ‹السيادة› بهدف إقناعهم بالتخلي عن حليفهم.

وقال المحلل السياسي عماد محمد، إن «الضغوط اشتدت على تحالف (السيادة) وكذلك الحزب الديمقراطي الكوردستاني، حيث يحاول الإيرانيون وحلفاؤهم العراقيون عزل الصدر وإجباره على تغيير موقفه، مما يمهد الطريق لاتفاق من شأنه أن يشهد تشكيل حكومة تضم جميع الأطراف البارزة».

ويضيف محمد ، أن «لجوء إيران إلى حلفاء الصدر، تكتيك يعتقد بعدم قدرتها على التأثير في موقف الصدر، وضرورة تجنبه وعدم استفزازه مباشرة، لكنه اصطدم برسوخ تحالفه، والقوة التي يمتلكها (السيادة والديمقراطي الكوردستاني)، حيث لم يرضخا لأي ضغوط أو استفزازات، أو يحوّلا موقفهما».

ضغوط على ‹السيادة›

ولم تحقق إعادة شخصيات سياسية وزعامات قبلية مثيرة للجدل إلى العاصمة العراقية بغداد، مثل علي حاتم السليمان، الأهداف التي افترضتها القوى التابعة لإيران، والتي كان أولها الضغط على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الشريك السنّي في تحالف ‹إنقاذ الوطن›.

واستغرقت الفصائل الموالية لإيران ثلاثة أيام لتنفي نفياً خجولاً ثم متصاعداً، صلتها بعودة السليمان، كما ظهر أثر غياب قاسم سليماني جلياً على السلوك السياسي والإعلامي للفصائل، فالجنرال كان يشد من عزيمة مسلحيه، ويقنعهم بأن لإيران الوصاية على شيعة العراق، والحقّ بإعداد قوائم «الجيدين والسيئين وقبول التائبين» ويشجعهم على الدفاع عن أي قرار، وإن كان مناقضاً لمتبنياتهم السابقة.

لكن خلفاء سليماني، سواء إسماعيل قاآني أم السفير إيرج مسجدي، أم حتى السفير الجديد محمد كاظم آل صادق، يفتقرون إلى تلك المهارات، ولذا سارعت أوساط الإطار للانتقال من التباهي بمدى حذاقة زعمائهم في مناورة الصدر عبر استدعاء خصوم الحلبوسي إلى التبرؤ الكامل من الملف.

كما اضطربت تصريحات رئيس ائتلاف ‹دولة القانون› نوري المالكي، ففي الوقت الذي نفى فيه بادئ الأمر صلته بعودة الزعيم القبلي السليمان، ألمح إلى تدخله في الأمر عبر ترتيب موعد لمحاكمته، واصطحابه من المطار إلى المنزل.

وليس جديداً استخدام حلفاء إيران ورقة الشخصيات المثيرة للجدل أو المتطرفة للاستفادة من تغذية الاستقطابات المجتمعية، كما تظهر حوادث سابقة.

وواجهت حكومة المالكي اتهامات بالتغاضي عن تهريب أخطر المتهمين بالإرهاب، كما في تهريب نزلاء سجني (أبو غريب) و(التاجي) صيف عام 2013، إذ ساهم «الهاربون» بشد أزر تنظيم داعش الذي سيطر بعد 11 شهراً على نحو ثلث مساحة العراق.

الشخصيات المثيرة للجدل.. تكتيك إيراني

ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن الحلبوسي لا يستشعر حتى الآن أي مخاطر من إعادة مثل تلك الشخصيات، وقد نجح سابقاً في إبرام شراكة لا تزال متماسكة مع منافسه الأكبر خميس الخنجر، وتمكن الطرفان من إنهاء فصل من التراشق، وإطلاق تحالف ‹السيادة› الذي انضم إلى تحالف ‹إنقاذ الوطن›.

ويرى نائب ضمن حزب ‹تقدم› الذي يترأسه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أن «عودة الزعيم القبلي علي حاتم سليمان لا تمثل صراعاً بين الطرفين، خاصة وأنه شخصية عشائرية وليست سياسية، ولا يمكنها لعب دور وازن، بل سيكون تأثيرها داخل المجتمع القبلي فحسب، وسيُضاف السليمان إلى غيره من الزعامات القبلية الموجودة في المدينة، والتي يكاد تأثيرها يغيب عن الواقع السياسي في العاصمة بغداد».

ويضيف النائب الذي فضل إخفاء اسمه  أن «ترتيب وضع محافظة الأنبار سيصب في صالح العملية السياسية، ونحن نرحب فعلاً بعودة كل المطلوبين، لكن الأمر الأهم أن تكون عودتهم دون نوايا سياسية، أو بتأثير طرف على حساب آخر، أو استغلالهم ضمن التصفيات السياسية وضرب الخصوم».

ولئن كانت حصة الحلبوسي من الضغط الإيراني هي إعادة السليمان، وممارسة تهديدات استفزازية من قبل كتائب حزب الله التي تبنت مؤخراً شخصيات عشائرية مثل سطام أبو ريشة، فإن حصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني من الضغوط الإيرانية بلغت مراتب قصوى، كان آخرها قصف العاصمة أربيل بالصواريخ الباليستية.

وفيما لو فشلت «الخطة» في تفكيك تحالف ‹إنقاذ الوطن›، فإن التيارات الولائية الموالية لإيران كثيراً ما استفادت وساهمت في تمكين المتشددين والشخصيات المثيرة للجدل، وبث الذعر في المجتمع العراق لدفعه إلى الالتفاف من جديد حول الفصائل المسلحة، لكن هذا السيناريو يبقى مستبعداً، نظراً إلى ضآلة تأثير السليمان من جهة، وتغيّر مزاج المجتمع بشكل عام الذي أصبح أقرب إلى تبنّي مشاريع شراكة عراقية عابرة للطائفية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here