طهران وتل أبيب.. تهديدات وتحذيرات.. هل باتت المنطقة على شفا حرب؟

بينما تتجه أنظار العالم نحب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وتحالفات دول الغرب في اللعب على الساحة الأوكرانية، والعقوبات الأمريكية والتهديدات الروسية، تدور حرب مماثلة في الشرق الأوسط بين الأعداء التاريخين طهران وتل وأبيب. بدءًا من اغتيال الاحتلال للضابطين الإيرانيين، كربلائي ونجاد، في دمشق، وهو الحدث الأبرز في هذه المواجهة الراهنة، وصولاً إلى الهجوم الإيراني الصريح على قاعدة أربيل الأمنية الإسرائيلية السرية. والرد بهجوم إيراني سيبراني على مواقع مكاتب حكومة الاحتلال، واختراق حاسوب رئيس الموساد.

4 هجمات في شهر

شهد شهر مارس المنصرم 4 هجمات متبادلة بين الجانبين، كانت آخرها في محطة فوردو النووية الإيرانية، وكالعادة، وجّهت طهران أصابع الاتهام إلى إسرائيل.

وتعد محطة فوردو هي ثاني أهم منشأة نووية في إيران بعد منشأة نطنز، وتقع في الجبال جنوب مدينة قم في إيران، تحولت المحطة إلى مركز للأبحاث بموجب الاتفاق النووي الإيراني عام 2015. لكن بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق في 2018، تراجعت طهران هي الأخرى عن التزاماتها وعززت تخصيب اليورانيوم لنسبة 20% في ديسمبر الماضي.

عقب ذلك أعلنت حكومة الاحتلال تعرض عدد من المؤسسات الحكومية لهجوم سيبراني، أحدث عطل في الوصول لعدد من المواقع الحكومية، لتعلن بعدها المديرية الوطنية للأمن السيبراني، استئناف العمل في جميع المؤسسات، لكن أكدت منظمة نتبلوكس “المتخصصة في مراقبة حركة الإنترنت عبر العالم”، أنه رغم استعادة الوصول للمواقع الحكومية الإسرائيلية، لا يمكن الوصول إليها دوليا.

وأعلنت إيران مسؤوليتها عن الهجوم الإلكتروني، حيث أعلنت مجموعة القرصنة “بلاك شادو”، التابعة للحرس الثوري الإيراني، أنها وراء الهجوم. مؤكدة أن عشرات المواقع الحكومية الإسرائيلية أصبحت تحت سيطرة المجموعة.

وذكرت وكالة أنباء “فارس” التابعة للحرس الثوري الإيراني، أن عدة مواقع أبرزها موقع الموساد خرجت عن الخدمة بفضل “هجوم إلكتروني إيراني”.

وفي مطلع مارس المنصرم، نقلت وكالة تسنيم الإيرانية غير الرسمية، تصريحات على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، أكد فيها أن إيران ستنتقم على الفور من قتل إسرائيل لأي من جنودها. وذلك في خضم تهديدات متبادلة ومستمرة بين تل أبيب وطهران.

جاءت هذه التحذيرات في خضم الجدل القائم بسبب تداعيات الهجوم الإيراني بصواريخ على بعض المواقع في اربيل عاصمة اقليم كردستان. حيث تشير طهران بان المواقع المستهدفة تابعة للموساد الإسرائيلي. ردًا على مقتل ضابطين من الحرس الثوري في قصف إسرائيلي استهدفهم في العاصمة السورية دمشق.

وقال سلامي موجهًا حديثه لإسرائيل “لن نشارك فقط في جنازة شهدائنا، بل سننتقم لهم على الفور”.

في سياق متصل.. بعد أن قامت قوات الاحتلال في مارس المنصرم بضربة جوية على سوريا، أسفرت عن مقتل العديد من بينهم أربعة أشخاص، منهم اثنان من «الحرس الثوري» الإيراني.

رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، إن محاسبة إسرائيل على مثل هذه الهجمات «من الأهداف الرئيسية لقوات المقاومة في المنطقة».مضيفاً أن إسرائيل «ستدفع ثمن هذه الجريمة».

وعليه رفع جيش الاحتلال الإسرائيلي حالة التأهب والاستعداد لدى الوحدات المشغلة لمنظومات «القبة الحديدية» للدفاعات الجوية، على طول الحدود مع سوريا، وذكر أن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال شن هجوم صاروخي من سوريا على مواقع إسرائيلية.

وكانت المرة الأخيرة التي تعترف فيها إيران بسقوط ضحايا من قواتها في هجوم إسرائيلي على مواقع في سوريا، كانت أبريل (نيسان) 2018، حين قُتل سبعة من «الحرس» في هجوم على مطار «T4» شرق مدينة حمص.

وفي ذلك الحين، ردت إيران بعد شهر بوابل من الصواريخ التي أطلقت عبر الميليشيات المسلحة الموالية لها في سوريا، على مواقع إسرائيلية.

وذكرت قناة إيرانية غير رسمية آنذاك، أن “رد طهران حينها تمثل في قصف قاعدة إسرائيلية في الجولان المحتل بخمسين صاروخاً”. مضيفة أن الإسرائيليين طوقوا القاعدة بأكملها بعد هجوم (فيلق القدس) الصاروخي، وقاموا بحجب الأخبار من أجل التستر على الأضرار التي تعرضوا لها. مشيرة إلى أن خبراء إسرائيليين اعترفوا في ذلك الوقت بأن إطلاق 50 صاروخاً من سوريا على قواعد إسرائيلية كان أمراً غير مسبوق أثار دهشة المتابعين.

وفي 7 مارس الماضي، هدد وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، بتدمير تل أبيب وحيفا، في حال تعرض بلاده لقصف إسرائيلي محتمل. قائلا: “لا أحد في المنطقة يريد الكيان الصهيوني، لذلك كان عليهم بناء جدار حولهم، كما أنهم أحيانا يهددون إيران بسبب اليأس. وإذا ارتبكوا خطأ فادحا، فسوف نسوي تل أبيب وحيفا بالأرض”.

مؤكدًا أن إيران تمتلك القدرة العسكرية اللازمة لحماية أمن واستقرار البلاد. قائلا، أن “فصائل المقاومة” المدعومة من قبل بلاده في لبنان وسوريا والعراق واليمن، تمثل “القوة الناعمة” لإيران ضد إسرائيل.

وذكر التلفزيون الإيراني الرسمي في ذلك الوقت، أن حاتمي رد على نظيره الإسرائيلي بيني غانتس الذي قال في وقت سابق إن بلاده تقوم بتحديث خططها لضرب المواقع النووية الإيرانية.

تدمير الكيان الصهيوني

لا تنتهي التصريحات المليئة بالوعيد والتهديد بين طهران وتل أبيب، ففي نوفمبر الماضي قال قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني، العميد أمير علي حاجي زادة، إن “بلاده ستدمر الكيان الصهيوني “إسرائيل” حال بادر في شن الحرب”.

وأضاف زادة، في كلمة ألقاها بمراسم إحياء ذكرى استشهاد المؤسس الرئيسي لصناعة الصواريخ الإيرانية “حسن طهراني”، “إذا ما ارتكب الكيان الصهيوني أي حماقة وأعطانا العُذر، فلن يروا النور بعدها، وسيتم استعجال هلاكهم تاريخياً بالتأكيد”.

مؤكدًا أن الكيان الذي يتحدث باستمرار عن بقائه ووجوده محكومٌ عليه بالفناء، قائلا، الكيان الصهيوني يعتبر الوحيد في العالم، الذي يُعاني من أزمة وجودية، ويبحث هذه الأزمة ومشاكلها باستمرار”.

وتابع، إن “مسؤولي الكيان الصهيوني يعرفون أنه يمكن أن يكونوا المبادرين في الحرب، إلا أن النهاية تكون بيدنا، والنهاية الحتمية هي تدمير هذا الكيان”.

على الجانب الآخر رد مسؤولون من حكومة الاحتلال، بأن إسرائيل لديها قوات عسكرية تفوق الخيال وقد تستعملها بدون إذن واشنطن -بحسب تعبير وزير الخارجية الإسرائيلي-.

أضاف، إسرائيل ستقوم بكل شيء مطلوب من أجل الدفاع عن أمنها ولسنا بحاجة لموافقة أحد، إسرائيل لديها القدرات وبعض هذه القدرات لا يمكن للعالم ولا أكبر الأجهزة تخيلها، مشددًا، إسرائيل ستدافع عن نفسها ضد الخطر الإيراني.

نصرالله: قد نضرب إسرائيل مباشرة

كان آخر هذه التصريحات، ما ورد على لسان حسن نصر الله، زعيم حزب الله، قائلاً: إيران قد تقدم على ضرب إسرائيل مباشرةً، ومقدمات هذا الأمر تكبر. -على حد تعبيره-.

وأضاف في كلمة مصورة ألقاها يوم 29 أبريل المنصرم، بمناسبة يوم القدس، أن “تضحيات الشعب الفلسطيني يجب أن يُخاطَب بها الضمير الإنساني وضمير كل مسلم وحُر في هذا العالم”. مشددًا، أن “الشعب الفلسطيني هو اليوم أكثر أملاً وأشدّ يقيناً بالتحرير الآتي”.

موجهًا التحية إلى عشرات الآلاف الذين احتشدوا في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وإلى المرابطين والمرابطات في باحاته”، وإلى “كل من شارك في إحياء هذا اليوم. قائلاً، ونخصّ بالتحية الملايين ومئات آلاف الصائمين الذين خرجوا في المدن الإيرانية واليمنية”.

وتابع في كلمته، أن أمريكا وقادة الغرب والحركة الصهيونية راهنوا على الوقت لينسى الفلسطينيون أرضهم، ولينسى العرب القضية، لكننا اليوم نؤكد أنّ مسار النسيان سقط”. كما عملوا على مسار التيئيس منذ عام 1948، من خلال المجازر الصهيونية بحق شعوب المنطقة”. لكن كل الرصاصات والبنادق ودماء الشهداء تقول للعالم إنّ مسار التيئيس سقط أيضًا.

مشيدًا بمسار العمليات الجهادية في داخل الأراضي المحتلة، وخاصة العمليات المنفردة، قائلاً أنها أحدثت هزة عنيفة لدى الكيان”، مضيفاً أنّ “العمليات المنفردة تمثّل تصاعداً نوعياً جداً في مسار المقاومة في فلسطين”.

هل أوشكت الحرب؟

يبدو أن أجواء الحرب في أوكرانيا وأثرها في مباحثات الاتفاق النووي؛ قد فتحت شهية كلاً من طهران وتل أبيب على تصعيد المواجهة ونقلها من السر إلى العلانية، فبعد أن كانت الهجمات وحرب التصريحات بين الجانبين تظهر على وسائل الإعلام من آن لآخر، باتت شبه يومية بين الطرفين، مع الكشف عن أحداث ومواجهات كانت في السابق يتم التعتيم عليها من قبل الطرفين. والتي وصفها الباحث الإيراني، مهدي شكيبائي، بالصراع السري المستمر ليلاً ونهاراً وفي كل الجبهات. وأرجع خروج بعضها إلى العلن بسبب ارتفاع وتيرة العمليات، “لكن ما خفي منها أعظم وأكبر”، بحسب وصفه.

كما صرح إيهود أولمرت، الرئيس السابق لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، بانزعاجه من تطور الصراع مع طهران، وطرح الموضوع الإيراني بصورة علنية، ما يعكس طبيعة المأزق الإسرائيلي الراهن. خاصة في تأكيده أن إيران تُدخل لسوريا أسلحة تهدّد كيان “دولته”! وذلك بسماح من روسيا.

هذا الانزعاج من علنية المجابهة مع طهران من جانب مسؤول إسرائيلي سابق يؤكد طبيعة المواجهة السرية بين الطرفين طيلة سنوات، وبأن خروجها للعلن وحرب التصريحات المتوعدة تنذر بتطور الأمر نحو انفجار وشيك ومحتمل. كذلك عندما تسرب إيران معلومات خاصة عن أرفع مسؤول أمني إسرائيلي، رئيس الموساد، فإن ذلك يعني درجة إضافية في علنية المجابهة وحدتها.

وأخيرًا فإذا كانت التصريحات الإسرائيلية حول ضرب المنشآت النووية الإيرانية لمنعها من تصنيع أولى قنابلها الذرية، والتصريحات الإيرانية بضرب الداخل الإسرائيلي، على محمل من الجد، فأن هذا يعني أن جحيمًا بانتظار المنطقة وحرب لا يعلم مداها إلا الله.

وفقًا لبعض التحليلات، قال الكاتب محمد عصمت، بحسب صحيفة الشروق المصرية، أنه إذا نفذت إسرائيل تهديداتها وبدأت بقصف جوي لإيران بطائرات إف 35 الأحدث والأقوى فى العالم، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة التى تتحدث تقارير أنها مخزنة بالمئات فى دولة جارة لإيران وترتبط مع إسرائيل بعلاقات عسكرية ومخابراتية واقتصادية وثيقة.

ففى المقابل سترد إيران بقصف إسرائيل بالصواريخ البالستية ــ وقد نشرت طهران خريطة بهذه المواقع الإسرائيلية المستهدفة نشرتها وسائل إعلام عديدة ــ فى نفس الوقت الذى ستغلق فيه مضيق هرمز لمنع وصول إمدادات البترول إلى أوروبا، أما حزب الله فسوف يشارك بالتأكيد بصواريخه فى هذه الحرب الفوضوية. وربما ستضطر سوريا لمساندة إيران أيضا سواء بشكل مباشر، أو السماح لميليشيات فيلق القدس الإيرانى بشن هجمات صاروخية على إسرائيل.

وهو وضع قد يجر دول عديدة للتدخل حفاظا على أمنها القومى المرتبط بالخليج ، أو حفاظا على إمدادت البترول عصب الاقتصاد العالمى سوف تكون على رأسها بالتأكيد أمريكا وأوروبا الغربية.

أماني مبارك

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here