الإسم والمكتوب!!

الإسم والمكتوب!!
قال لي بأنه كان يكتب بإسم مستعار لا يشير إلى أي حالة , فهو خامل وواضح , وكان ما ينشره يُقرأ بآلاف المرات , بل أن أحد مقالاته تجاوزت قراءتها عشرات الآلاف , وكانت نصوصه تنشر في معظم الصحف والمواقع.
وأضاف وقد إرتكبت خطيئة جسيمة عندما تنازلت عن ذلك الإسم وكتبت بإسمي الصريح , فتبين الفارق الشاسع , فما عادوا يقرأون نصوصي ولا ينشرونها في الصحف والمواقع , ولا يذيعونها في محطات التلفزة كما كانوا يفعلون.
قلت: إنها البرمجة النفسية والعقلية المفعمة بالاحكام المسبقة , فهم يقرأون لمن يتصورون بأنه يوافق هواهم , ولكل إسم قدحة ما في الوعي الجمعي المبرمج.
قال: لقد إرتكبت إثما كبيرا!!
قلت: مادمت تسير على ذات السكة وتتمسك بمواقفك ومبادئكً , فأن الحقيقة ستسطع , وسيبقى ما ينفع الناس , ويحي عقولهم ويحفزها على العمل.
قال: كانوا يتفاعلون مع ما أنشره بحيوية وإهتمام , أما اليوم فأن الإسم قد أبعدهم , وما عادوا ينظرون لما أكتبه , ومنه ينفرون!!
وأضاف: والعجيب في الأمر أن المقال الذي كانوا يتلهفون لقراءته بإسمي المستعار , لا يقتربون منه بإسمي الجديد!!
قلت: لا تيأس وواصل الكتابة والنشر , فإنهم سيميلون إلى المكتوب لا للكاتب!!
قال: لا أوافقك في هذا , فقد سبق السيف العذل , وأنا يائس من الأمر.
تعجبتُ من أمر صاحبي , ورأيت أننا مجتمعات لا تزال بعيدة عن طلب الحقيقة , وتنأى عن الصدق والموضوعية , وتتسابق نحو الإفتراءات والأضاليل , ما دامت من نسج فلان لا علان , وعلان إذا قال الصدق وأوضح الحقيقة يكون من الكاذبين.
وهذا يشير إلى سلوك التبعية المقيت الفاعل في مجتمعاتنا , فلا نلومن إلا أنفسنا , لأننا نستريح للمسير خلف الآخر , ما دام يجلس على كرسي السلطة أو عنده بعض قوة , فما أسهل أن نركع ونرتع تحت قوائم الكراسي الفاعلة فينا , والمصادرة لقيمتنا وحقوقنا الإنسانية , ونحن نسبّح لها ونرتل آيات الولاء لأصحابها الجائرين.
فاكتب يا صاحبي , فلا بد لليل أن ينجلي!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close