من الذي يحكم العراق؟

عبد الستار رمضان  

الاصل ان يقود الدستور والقانون السياسة ويرسم طريق الحلول المطلوبة لكل موضوع، ويلتزم السياسيون بالتطبيق الكامل لأحكامهما لانهم أساساً هم الذين وضعوا الدستور وشرعوا القوانين، لكن الامر في العراق يختلف حيث ان السياسة هي التي تقود الدستور وهي التي تطبق ما تراه من احكامه وبما يتوافق مع مصالحها.

لذلك فان تقديم رؤية قانونية للواقع والوضع الحالي في العراق لابد ان يتأثر بالواقع السياسي وبما تُبينه قوة هذا الطرف او ذاك وما يمتلكه من وسائل القوة والتأثير، بحيث ينسحب ويتراجع الدستور والقانون ويقف منتظراً اتفاق وتوافق الساسة قبل انفاذ المواد والاحكام.

عليه فان التوصيف الصحيح للوضع الموجود في العراق هو جمود سياسي وعجز الطبقة السياسية عن ايجاد الحل وسلوك الطرق القانونية والدستورية للوصول اليه، لان العناد السياسي لبعض السياسيين او اغلبهم والسعي وراء المكاسب هو ما اوصل العراق الى ما هو عليه، فنحن لسنا في فراغ دستوري او قانوني لان التعريف او التوصيف القانوني لهذين المصطلحين يفترض ان القانون والدستور غير موجود او عاجز في تقديم الحل لحالات قد ظهرت ولا يستطيع معالجتها.

ان القاضي سواء في القضاء ( العادي او الدستوري او الاداري) عندما تُعرض عليه دعوى او واقعة يجب ان يطبق الدستور والقانون ولا يستطيع ان يمتنع عن اصدار الحكم بحجة انه لا يوجد نص قانوني لأنه يكون مقترفاً لجريمة عدم احقاق الحق، حسب أحكام قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل في المادة (29) (تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الاشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة وتختص بالفصل في كافة المنازعات الا ما استثنى بنص خاص) والمادة (30 ) (لا يجوز لأي محكمة ان تمتنع عن الحكم بحجة غموض القانون او فقدان النص او نقصه والا عد القاضي ممتنعا عن احقاق الحق، ويعد ايضا التأخر غير المشروع عن اصدار الحكم امتناعا عن احقاق الحق).

عليه فالواقع الموجود هو جمود وعجز سياسي للطبقة السياسية منذ عام 2003 حتى يومنا هذا، والذي اوجد لدينا حكومة تصريف اعمال يومية بصلاحيات تنفيذية محدودة لكنها بالواقع حكومة كاملة!،  ومجلس نواب بصلاحيات كاملة لكنها مُعطلة!، ورئيس جمهورية منتهية ولايته لكنها مُمدة !

ان الواقع في العراق لا ينطبق عليه أي دستور او قانون لأنه ببساطة (الدولة القانونية تتطلب ان يكون كل شئ يسير فيها حسب الدستور والقانون لكن الواقع في العراق يبين أنه أبعد ما يكون عن أي دستور وقانون).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here