الرياضيات يكشف كذب الإسرائيليين حول خسائرهم من صواريخ صدام

إيهاب مقبل

أطلق العراق «43 صاروخ بالستي» على الكيان الإسرائيلي خلال حرب الخليج الثانية العام 1991. وبحسب الرواية الإسرائيلية آنذاك، فإن الرئيس العراقي صدام حسين قصف إسرائيل بـ«39 صاروخ سكود»، مما تسبب بمقتل «ثلاثة أشخاص فقط» وإصابة العشرات. عللت السلطات الإسرائيلية إنخفاض أعداد القتلى إلى نجاح منظومة الدفاع الجوي الأمريكي باتريوت «باك-2» في التصدي للصواريخ العراقية.

وبعد 30 عامًا، كشفت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لأول مرة عن «مقتل 14 شخص» وإصابة عشرات الجرحى بصواريخ صدام. وفي الإجمال، اعترفت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأنه تم إطلاق «43 صاروخ سكود» باتجاه إسرائيل من العراق؛ 26 منها إلى منطقة تل أبيب، و8 إلى منطقة حيفا، و5 إلى منطقة ديمونة، و4 إلى منطقة الضفة الغربية.

عدد الصواريخ التي أطلقها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين باتجاه إسرائيل حسب الرواية الإسرائيلية الأخيرة يوافق تمامًا الرواية العراقية. ومع ذلك، يبدو جليًا أن أعداد القتلى والإصابات الخطيرة الناجمة عن كل صاروخ بالستي أقل بكثير مما كان متوقع بناءً على نتائج هجمات الصواريخ الباليستية العراقية السابقة.

صواريخ الحُسين ليست سكود

مدى صواريخ «سكود أ» العراقية نحو 180 كم، ومدى صواريخ «سكود ب» العراقية نحو 300 كم، بينما أقصر مسافة بين تل أبيب والأنبار حيث أطلقت الصواريخ العراقية تصل إلى نحو 500 كم. وبذلك، لا يُمكن إستخدام هذه الصواريخ في ضرب الأهداف الإسرائيلية.

الحُسين، صاروخ بالستي عراقي يبلغ مداه نحو 650 كم، وهو تحديث لصواريخ سكود السوفيتية بهدف إصابة العمق الإيراني خلال حرب الخليج الأولى. أنتجَ العراق صاروخ الحُسين في العام 1987 بهدف إصابة مدينة طهران والمدن الإيرانية البعيدة عن مرمى صواريخ «سكود ب» العراقية، وكانَ هذا الصاروخ قادرًا على حمل الرؤوس الكيميائية أو البيولوجية أو النووية.

متوسط قتلى الإيرانيين بصاروخ الحُسين

أطلقَ العراق في السابع عشر من نيسان أبريل العام 1988 نحو 125 صاروخ بالستي من نوع الحُسين على منطقة طهران خلال معركة تحرير شبه جزيرة الفاو العراقية. وأفادت تقارير الحكومة الإيرانية آنذاك بمقتل 1150 شخص وإصابة 4000 آخرين من جراء الهجمات الصاروخية العراقية.

وبالتأكد، لا توجد غاية للحكومة الإيرانية في زيادة حجم خسائرها. بل على العكس، توقعَ الخبراء العسكريين آنذاك بإن الحكومة الإيرانية قللت من حجم خسائرها لتقليل الذعر بين المدنيين، وقدروا مقتل نحو 2000 شخص في هذه الهجمات الصاروخية.

وبذلك، يكون أعداد القتلى بصاروخ الحُسين لا يقل عن 1150/125 ≈ 9 أشخاص، أو لا يقل عن 2000/125 = 16 شخص. إما أعداد الإصابات لكل صاروخ حُسين فهي لا تقل عن 4000/125 = 32 إصابة.

وما يؤكد صحة الحسابات أعلاه، مقتل 28 جنديًا أمريكيًا وإصابة 100 آخرين جراء قصف ثكنتهم العسكرية في مدينة الظهران بصاروخ بالستي من نوع الحُسين، وذلك في الخامس والعشرين من فبراير شباط العام 1991، إذ يقع عدد القتلى الـ28 والإصابات المائة ضمن مجال التقدير.

العدد الحقيقي للقتلى الإسرائيليين بصواريخ الحُسين العراقية

أمر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في السابع عشر من يناير كانون الثاني العام 1991، قائد سلاح الصواريخ العراقية آنذاك العميد الركن «حازم عبدالرزاق الأيوبي التكريتي الشافعي» بقصف إسرائيل بـ«صواريخ الحُسين البالستية ذات المدى 650 كم»، وقصف مفاعل ديمونة الإسرائيلي في مدينة النقب بـ«صواريخ الحجارة البالستية» ذات المدى 700 كم. وكانت هناك نية عراقية لقصف الجانب الغربي من مدينة القدس الشريف مع ضمان الدقة والأمان، ولكن بحسب الفريق الركن «حازم عبد الرزاق» في مذكراته، فقد وردت معلومات عن سقوط حطام باتريوت الأمريكي عليها، فأمر حينها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بتأجيل قصفها للخشية من إتهام العراق بضرب الأماكن المُقدسة فيها.

وكانَ مجموع الصواريخ التي أطلقها العراق بإتجاه إسرائيل في الفترة الممتدة من الثامن عشر يناير كانون الثاني حتى الخامس والعشرين من فبراير شباط العام 1991، 43 صاروخ في 19 ضربة من القاذفات الأصلية: «38 صاروخ بالستي من نوع الحُسين، و5 صواريخ بالستية من نوع الحجارة». وبذلك، سأستبعد صواريخ الحجارة من الحسابات، وسأعتمد فقط صواريخ الحُسين الـ38.

وبحسب التقارير الرسمية الصادرة عن الجيش الأمريكي، فإن منظومة الدفاع الجوي الأمريكي باتريوت «باك-2» في إسرائيل والمملكة العربية السعودية كانت ناجحة بنسبة 40% فقط في التصدي للصواريخ العراقية. وبذلك، فإن عدد صواريخ الحُسين التي أسقطها الجيش الأمريكي في إسرائيل 38 x 0.40 ≈ 15 صاروخ. وهذا يعني أن 38 – 15 = 23 صاروخ أصابَ أهدافه في تل ابيب وحيفا والضفة الغربية.

والنتيجة، فإن أعداد القتلى الإسرائيليين في تل أبيب وحيفا والضفة الغربية بصواريخ الحُسين الـ23 لا تقل عن 23 x 9 = 207 قتيل أو لا تقل عن 23 x 16 = 368 قتيل. إما أعداد الإصابات فهي لا تقل عن 23 x 32 = 736 إصابة.

وفي حال استبعدت الصواريخ الأربعة التي سقطت على الأهداف الإسرائيلية في الضفة الغربية بسبب «الإختلاف في الكثافة السكانية وطبيعة المباني والهياكل»، فيكون العراق قدْ أطلقَ 38 – 4 = 34 صاروخ بالستي من نوع الحُسين بإتجاه تل أبيب وحيفا. وبذلك، فإن عدد صواريخ الحُسين التي أصابت أهدافها في تل ابيب وحيفا 34 x 0.60≈ 20 صاروخ.

والنتيجة، فإن أعداد القتلى في تل أبيب وحيفا بصواريخ الحُسين الـ20 لا تقل عن 20 x 9 = 180 قتيل أو لا تقل عن 20 x 16 = 320 قتيل. إما أعداد الإصابات فهي لا تقل عن 20 x 32 = 640 إصابة.

وحسب الرواية الحكومية الإسرائيلية، فإن 14 صاروخ عراقي فقط سقطَ في مناطق سكنية مكتظة بالسكان في تل أبيب وحيفا. وتحجج الإسرائيليون على أن ما تبقى من الصواريخ كانت إما ذخائر فاشلة، أو سقطت في البرية، أو في البحر الأبيض المتوسط، أو تم اعتراضها بواسطة صواريخ باتريوت الأمريكية.

والنتيجة، لابد أن تكون أعداد القتلى في تل أبيب وحيفا بصواريخ الحُسين الـ14 لا تقل عن 14 x 9 = 126 قتيل أو لا تقل عن 14 x 16 = 244 قتيل. إما أعداد الإصابات فهي لا تقل عن 14 x 32 = 448 إصابة.

ومع ذلك، فالرواية العراقية تؤكد بأن منظومة الدفاع الجوي الأمريكي باتريوت «باك-2» في إسرائيل والمملكة العربية السعودية لم تصب أيًا من صواريخ الحُسين، وأن جميع الصواريخ أصابت أهدافها بنجاح، سوى صاروخ واحد لم ينفلق سقط كاملًا قرب هدفه في المملكة العربية السعودية، ولم يكن بفعل باتريوت. وهذا ما يؤكده بعض الخبراء العسكريين الغربيين، وذلك لإن منظومة باتريوت الأمريكية «باك-2» صُممت خصيصًا للتصدي للطائرات وليس الصواريخ. يُذكر أن العراق أطلقَ 50 صاروخ بالستي بإتجاه الجزيرة العربية «بإستثناء مكة المكرمة والمدينة المنورة» خلال حرب الخليج الثانية.

والنتيجة، فإن أعداد القتلى الإسرائيليين في تل أبيب وحيفا بصواريخ الحُسين الـ34 لا تقل عن 34 x 9 = 306 قتيل أو لا تقل عن 34 x 16 = 544 قتيل. إما أعداد الإصابات فهي لا تقل عن 34 x 32 = 1088 إصابة.

لا تختلف الهياكل والمباني في طهران وتل أبيب وحيفا عن بعضهم البعض، وذلك لإن المباني في طهران مبنية بالخرسانة المسلحة، كحال المباني في تل أبيب وحيفا، ولذلك أستبعدت طبيعة الهياكل والمباني في الحسابات.

كما استبعدت الكثافة السكانية في الحسابات، وذلك لإن الصواريخ العراقية سقطت في مناطق سكنية مكتظة بالسكان في تل أبيب وحيفا كحال طهران. وحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية نفسها فإن 2797 شقة تضررت من الصواريخ العراقية قبل تشغيل صواريخ باتريوت و9029 شقة تضررت بعد تشغيله.

العدد الحقيقي للقتلى الإسرائيليين في الليلة الأولى

قدْ يتحجج الإسرائيليون بصواريخ باتريوت الأمريكية أو أنهم كانوا يختبئون في الملاجيء عند القصف العراقي، وبذلك تكون خسائرهم طفيفة. ولكن الليلة الأولى كانت فريدة من نوعها، وهي بمفردها كافية لإكتشاف أكاذيبهم.

أطلقَ العراق أول صواريخه بإتجاه حيفا في تمام الساعة الثالثة وعشر دقائق من فجر يوم الجمعة الثامن عشر من يناير كانون الأول العام 1991، وتلاه بثواني خمسة صواريخ أخرى باتجاه حيفا و8 صواريخ باتجاه تل أبيب. كانَ مجموع صواريخ الضربة الأولى 14 صاروخ من القاذفات الأصلية، وكانَ الهدف الأساسي كذلك إخفاء قواعد الإطلاق من التهديد الجوي الأمريكي والغربي المعادي حسب الرواية العراقية.

كان الإسرائيليون غارقون في النوم في منازلهم عندما سقطت الصواريخ العراقية الـ14. وكانت هذه الصواريخ خارج مجال منظومة باتريوت الأمريكية «باك-2»، ولذلك فهي لم تدخل العمل في هذه الليلة تحديدًا. لقدْ كانَ أول هجوم عربي مفاجئ في العمق الإسرائيلي منذ العام 1948.

والنتيجة، فإن أعداد القتلى الإسرائيليين في تل أبيب وحيفا في الليلة الأولى فقط، بصواريخ الحُسين الـ14 لا تقل عن 14 x 9 = 126 قتيل أو لا تقل عن 14 x 16 = 244 قتيل. إما أعداد الإصابات فهي لا تقل عن 14 x 32 = 448 إصابة.

ولكن جاءَ الخبر آنذاك على شبكة «بي بي سي» البريطانية باللغة الإنجليزية بطريقة «أظهار وأخفاء المعلومات بما يناسب السياسة الإسرائيلية والغربية»، على النحو التالي: « أصيبت تل أبيب، كبرى مدن إسرائيل وميناءها الرئيسي حيفا، في الهجمات التي بدأت الساعة الثالثة صباحًا بالتوقيت المحلي، الواحدة صباحًا بتوقيت غرينتش، عندما كان معظم السكان نائمين. التقارير الواردة من تل أبيب تُشير إلى أن الجو امتلأ باصوات صافرات الإنذار، وبعد دقائق سقط نحو ثمانية صواريخ في تل أبيب، وانفجرت مُخلفةً كرات من اللهب. تدافع السكان نحو الملابس والأقنعة الواقية من الغازات، والتي حصلوا عليها قبل بدء النزاع. يُعتقد أن الخسائر كانت طفيفة، لم يُقتل أحد، وأصيبَ عدد قليل فقط».

والنتيجة بعد شطب الصواريخ التي سقطت على حيفا، فإن أعداد القتلى الإسرائيليين في تل أبيب، في الليلة الأولى فقط، بصواريخ الحُسين الـ8 لا تقل عن 8 x 9 = 72 قتيل أو لا تقل عن 8 x 16 = 128 قتيل. إما أعداد الإصابات فهي لا تقل عن 8 x 32 = 256 إصابة.

هذه الأرقام الأخيرة بمفردها تكشف كذب الرواية الإسرائيلية الحكومية الأخيرة بأن «صواريخ صدام خلال حرب العام 1991 تسببت فقط بمقتل 14 شخص، وإصابة عشرات الجرحى». والصحيح إنها قتلت ما لا يقل عن 72 إسرائيلي أو ما لا يقل عن 128 إسرائيلي، وأصابت مئات الجرحى، فقط في الليلة الأولى.

جانب من اثار القصف العراقي على إسرائيل عام 1991

https://www14.0zz0.com/2022/05/13/03/291247322.jpg

https://www14.0zz0.com/2022/05/13/03/906625488.jpg

https://www14.0zz0.com/2022/05/13/03/732657199.jpg

https://www14.0zz0.com/2022/05/13/03/177660348.jpg

https://www14.0zz0.com/2022/05/13/03/961351932.jpg

https://www14.0zz0.com/2022/05/13/03/644431339.jpg

https://www4.0zz0.com/2022/05/13/03/493356518.jpg

https://www4.0zz0.com/2022/05/13/03/582909822.jpg

https://www4.0zz0.com/2022/05/13/03/327108911.jpg

https://www5.0zz0.com/2022/05/13/03/251831557.jpg

https://www5.0zz0.com/2022/05/13/03/286017604.jpg

انتهى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here