إرتكاب الخطأ وتبريره ، إلى أين ؟

إرتكاب الخطأ وتبريره ، إلى أين ؟
يقال الإعتراف بالخطأ فضيلة ،أو من إعترف بذنبه فلا ذنب عليه ، أو التراجع عن الخطأ قمة العقل ، ولكن لماذا نرتكب الأخطاء وكلنا راضِ عن عقله ؟ إرتكاب الأخطاء له اسبابه الكثيرة والمتشعبة مدفوعة لإشباع غرائزنا ،او التسرع للوصول إلى مقاصدنا واهدافنا ونطمح لتحقيق اكبر المكاسب بأقصر الطرق واقل مدة ممكنة ، او لتحقيق (الأنا ) اي تحقيق الذات وهذا طبيعي جداً ، فمن منا لا يريد ذلك ؟ لكن إرتكاب الأخطاء والإصرار عليها ، هو خطأ فادح قد تكون نتائجه كارثية احياناً ،عندما يكون مرتكب الخطأ في قمة السلطة ، فيكون تأثيره
ماساً للجميع سلباً او إيجاباً ، ولنضرب بعض الأمثلة من التاريخ المعاصر منها صدام حسين
الذي إستفاد منه جاهاً وسلطة حاشيته وأقرباءه ، ودفع العراقيون ضريبة الدم لجنون عظمته ،
فالحرب العراقية الإيرانية حصدت أرواح ما يقارب مليون شخص من الجانبين ، ألم يكن
هناك طريقة اخرى لتفادي الكارثة ؟ تلتها إحتلال الكويت ، ونتائجها معروفة للقاصي والداني
وكم رئيس ومسؤول طلب من صدام الإنسحاب من الكويت ، ولكنه تمادى واصر على الخطأ
والشعب العراقي دفع ثمناً باهضاً بالأرواح والممتلكات ، وما نتج من مخلفات الحرب معروفة
لكل من إشتمّ رائحة العقل والمنطق .
ولنأخذ نوري المالكي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة سابقاً، كيف دفع المجاميع الإرهابية لإحتلال ثلث العراق بتماديه على الخطأ وعنصريته ضد السنة ، وشعورهم بالظلم مما دفعهم لمساعدة الإرهابيين او الإنخراط في صفوفهم والنتائج معروفة ايضاً للجميع .
كما أن بشار الأسد – الرئيس السوري ، عندما حدث ما يسمى بالربيع العربي فإنتفض
الشعب التونسي ضد زين العابدين بن علي ، والشعب المصري ضد حسني مبارك ،فتبجح
بشار السد وإنتقدهم ، ولما تظاهر اهل درعا السوري ، تعاملت السلطة معهم بقسوة ، مما
ادى إلى تمرد قسماً من الجيش لينظم إلى المعارضة ، وتفاقم الوضع ودخل الإرهابيين على
الخط ، والنتائج معروفة والخسارة فادحة بالأرواح والممتلكات والمهاجرين في الداخل والخارج ، ولا تزال الأوضاع غير مستقرة ،ولا زال بشار الأسد رئيساً ومبرراً اخطاءه .
ولنأتي للسيد بوتين ، الرئيس الروسي ، له طموحاته ليكون الموحد للإتحاد السوفيتي السابق

فضمّ جزيرة القرم ، واسقط نظام جورجيا ونصب حكاماً موالين له ، والآن يحاول إحتلال
أوكرانيا وهو يعلم علم اليقين مدى كره الأوكرانيين لروسيا نظراً للعداء التاريخي بينهما ،
وهذا ما دفع الإتحاد الأوروبي مع أميركا وكندا وغيرها من دول العالم لمساعدة أوكرانيا ،
فهل يجنح بوتين لنداء العقل ويسحب جيشه من المستنقع الأوكراني الذي تورط به ؟
في الحقيقة كلنا ترتكب الأخطاء ، وهي طريقة مهمة للتعلم ، او نتعلم من اخطاء الاخرين
ولكن ، هل نتراجع عن أخطائنا ونعترف بها ؟ أم نجد لها المبررات او الأعذار ؟ كم نبذل من
جهود لإظهار الباطل حقاً أو الحق باطلاً لتبرير اخطائنا ، وكم من مشاكل يمكن حلها عند الإعتراف بها وعدم التمادي والإستمرار على إرتكابها ، حقاً إنها معضلة كبيرة ، إذا لم تكن
لنا القدرة على تشخيص الخطا والإعتراف به ، وتوخي الحذر مستقبلاً .
زبدة الكلام : عظيم هو من إعترف بالخطأ وإعتذر لمن سبب له الضرر والألم ، وقبيح من
يرتكب الخطأ ويتمادى بل ويبرره بشتى التبريرات ليجد لنفسه عذراً ، ولكن لا يمكن حجب
نور الشمس بالغربال كما يقال ، فهل نعترف بالخطأ ونعالجه ولا نجد له المبررات ؟ هذا هو
المطلوب لكل من يكن الإحترام لنفسه وللآخرين ولا يصح إلا الصحيح وهذا من وراء القصد .
منصور سناطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close