كلا للحوم السويد والدنمارك.. نعم للحوم تركيا وليتوانيا

إيهاب مقبل

هل يتوجس قلبك عند شراء اللحوم الغربية المستوردة؟ وإذا كنت تعيش في بلاد غربية، كيف ستختار اللحوم غير «المخنوقة» وغير «المصروعة» بسهولة؟

أساس المُشكلة الحالية في اللحوم الغربية بإن «الحيوان يُخدر عند قتله». قدْ تعتقد بأن التخدير جيد أو غير مؤلم أو حتى حلال، ولكن هذا ليس هو الحال.

يُستخدم مسدس الترباس الكهربائي في المسالخ بالبلدان الغربية لصعق الخراف والأبقار والعجول بحجة تخديرها عند قتلها. ويحتوي هذا المسدس عادةً على مسمار غليظ مدبب يخترق جمجمة هذه الذبائح عند الضغط على الزناد، ومن ثم يعود لمكانه، مما يؤدي إلى تدمير أنسجة المخ، ويحدث بعده مُباشرة نزفًا داخليًا، يصاحبه عدم وصول الأكسجين إلى الدماغ، وصداع وإضطراب في حاشتي الشم والتذوق، وعدم القدرة على التوازن، وتعب جسدي شديد، ومن ثم فقدان الوعي، والموت التدريجي لمعظمها قبل الوصول إلى السكين. وتُعد هذه الأداة تطويرًا لفكرة قتل الحيوان بالمطرقة، ليس أكثر.

إما الدجاج، الطائر المسكين فحاله أسوء عندهم، فهو يفقد الوعي ويموت إما بإستخدام «غاز ثنائي أكسيد الكربون» الرخيص الثمن أو بطريقة التغريق في «الأحواض المائية المُكهربة». يتعرض الدجاج في المرحلة الأولى لغاز ثاني أكسيد الكربون بتركيز يصل إلى 40٪ لفترة طويلة تكفي لجعله يفقد الوعي. ومن ثم تستمر العملية في المرحلة الثانية، إذ يتجاوز تركيز ثاني أكسيد الكربون 40٪ لقتله خنقًا قبل الوصول إلى السكين.

يبدأ الدجاج بإكتشاف وجود غاز ثاني أكسيد الكربون عند تركيز 7%، ليعلوا صوت صراخه وصيحات الألم عند تركيز 25%، ومن ثم يفقد وعيه عند تركيز 30 – 39%، ويموت خنقًا بسبب النقص بالأكسجين عند تركيز 40 – 70%.

وبالنسبة للدجاج، فيتم تدويخه كذلك داخل أحواض مائية مكهربة، الأمر الذي يؤدي إلى موت بعضها في الأحواض المكهربة، فيموت بعض الدجاج قبل الوصول إلى السكين، والبعض الآخر الذي لا يموت غرقًا ولا صعقًا، أي المصروع المدوّخ، حكمه عند أهل العِلم حكم الميتة منفوذة المقاتل، لأنها لا تعيش بعد الصعق الكهربائي، فهي جيفة لا يجوز أكلها في الإسلام.

والدول التي يُشترط فيها التخدير عبر ممارسة الطرق البشعة أعلاه عند ذبح الحيوان، هي كالتالي: «السويد والدنمارك وآيسلندا والنرويج وفنلندا وليختنشتاين وبلجيكا وسويسرا والنمسا ولاتفيا وإستونيا واليونان وسلوفاكيا وأستراليا وسلوفينيا ونيوزيلاندا والهند».

والدول التي لا يُشترط فيها التخدير هي كالتالي: «تركيا والبوسنة والهرسك وليتوانيا والتشيك وهولندا وألمانيا وفرنسا وهنغاريا وأيرلندا وبولندا وإيطاليا ولوكسمبورغ ومالطا وكرواتيا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا وبلغاريا وبريطانيا ومقدونيا الشمالية وكندا والولايات المتحدة وأوروغواي وقبرص، والبلدان العربية والإسلامية». ومع ذلك، أظهرت أرقام معايير الغذاء لعام 2012 أن «أكثر من 80% من الحيوانات صُعقت قبل ذبح اللحوم الحلال في بريطانيا». كما صعقت معظم ما يسمى «الذبائح الحلال» في ألمانيا، بطريقة مُشابهة تمامًا للذبائح «المصعوقة غير الحلال» في البلاد، مما يُعد ذلك خداع للمُسلمين والمؤمنين حسب السيد الرحماني، الباحث في الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر. بينما يُحظر الذبح الإسلامي كليًا في بولندا وأيرلندا وهولندا وبعض المقاطعات الفرنسية.

وعند مراجعة أحكام الذبح في الشريعة الإسلامية، ومقارنتها مع طُرق الذبح في البلدان الغربية ستكتشف بإنهم لم يحققوا ولا مطلب واحد من أحكام الشريعة الإسلامية، فالذابح يكون في الغالب ملحدًا أو لاأدريًا وليس من أهل الكتاب، وبذلك لا يذكر أسم الله عند الذبح: «وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ»، الأنعام: 121.

وهناك شروط أخرى للذبح في الشريعة الإسلامية، أهمها أن تكون الذبيحة على قيد الحياة عند ذبحها بأداة محددة كالسكين والسيف وغير ذلك، وأن تموت بِفعل الذبح لا بغيره، لقوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَــــــةُ وَالْمَوْقُـــــــوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ»، المائدة: 3.

كما يتوجب على الذابح «قطع مريء وحلقوم الذبيحة» بأداة حادة كالسكين، وأن يتجنب قطع نخاعها لما فيه من ألم شديد على الذبيحة، والنخاع هو خيط أبيض داخل عظم الرقبة. وأن لا ترى الذبيحة أداة الذبح، وكذلك فإنه يستحب أن لا يذبح ذبيحة بحضرة أخرى لكي لا تخاف وتموت موتات. ويوجد المزيد من أحكام الذبح في الشريعة الإسلامية.

والنتيجة، إذا كنت تعيش في بلد مُسلم، ينبغي أن تتجنب اللحوم المستوردة من البلدان الغربية، حتى إذا كانت تحمل «العلامة حلال»، والإكتفاء باللحوم المحلية أو اللحوم المستوردة من البلدان الإسلامية بديلًا عنها.

والخطأ الذي يقع فيه معظم المسلمين القاطنين في البلدان الغربية إنهم يشترون السلع الغربية ذات «العلامة حلال»، وهذه العلامة تباع وتشترى، وتوضع على هذه المنتجات دون ضوابط شرعية.

والأولى، أن ينظر المسلمين في البلدان الغربية إلى «العلامة حلال»، وكذلك البلد الذي قُتل أو ذبح فيه الحيوان. فلا ينبغي الإعتقاد مثلا أن شركة سين الإسلامية في السويد أو الدنمارك تذبح حلالًا إذا كانَ قانون كِلا البلدين في الأساس يحظر الذبح بالسكين قبل التخدير والصعق، ناهيكم عن هيئات الرقابة والتفتيش التي تعمل ليلًا ونهارًا لمنع الذبح الإسلامي في مسالخ هذه البلدان. كما ينيغي التأكد من البلدان التي لا تشترط التخدير أو الصعق عند الذبح، ولكنها تحظر الذبح الإسلامي أو تضع قيود عليه.

وبذلك، بمقدور المسلمين في البلدان الغربية مثلًا، «في حالة عدم توفر اللحوم المؤكد ذبحها بالطرق الخاصة وفقًا للشريعة الإسلامية»، أن يشتروا اللحوم المستوردة من تركيا لكونها بلاد إسلامية وقانونها لا يُلزم تخدير الحيوان عند الذبح، أو على أقل تقدير شراء اللحوم الحلال المستوردة من ليتوانيا لكون هذه البلاد لا تلزم التخدير عند الذبح، كما أن لحومها ذات «العلامة حلال» تُصدر إلى العراق وسوريا ومصر وفلسطين وتركيا والدنمارك والسويد ضمن حرب تجارية للحوم الحلال ضد بولندا وروسيا، إذ سمحت ليتوانيا بالفعل بتشريع قانوني رسمي بالذبح وفقًا للشريعة الإسلامية منذ عام 2015.

وأخيرًا، كان نبات الخشخاش معروفًا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو نبات يحتوي على مادة الأفيون، وكانَ يُستخدم على نطاق واسع لتخدير المرضى عن طريق استنشاق أبخرته في مصر والعراق والهند واليونان ورومانيا وبلاد فارس، ومع ذلك لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإستخدامه عند ذبح الحيوان، لا باب من الوجوب ولا من باب الإستحباب.

فيديو يوضح طرق التخدير في السويد بإستخدام مسدس الترباس وغاز ثنائي أكسيد الكربون وأحواض الماء المكهربة:

انتهى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here