حزام باباي ……

حزام باباي

 نوئيل يلدا
في بداية القرن العشرين لاحظ الأطباء الأميركان وجود نقص في الحديد عند الأطفال، واستنادا إلى خطأ وقع به صحفي حينما وضع فارزة بدل النقطة وهو يكتب عن القيمة الغذائية للسبانخ فقد ظنّ العالم كله أن الحديد يوجد في السبانخ بنسبة عالية توازي عشرة أضعافها في الخضراوات الأخرى، ولأن مهمة إقناع الأطفال بتناول السبانخ كانت صعبة جداً على الأمهات فقد قام الرسام إلزي كريسلر سيغار بابتكار شخصية باباي التي ظهرت سنة 1929 وهي الشخصية الكارتونية التي حين تأكل السبانخ تمتلك قوة خارقة.
حتى لو أخذ باباي الجنسية العراقية وجاء إلى هنا ليعمل فيلما كارتونيا عن ضرورة ارتداء حزام الأمان عند قيادة السيارة فإنه لن يقدر على إقناع أطفالنا بتبنيه مستقبلا، ذلك لأن العراق بلد لا يعرف من الأحزمة سوى ذلك الذي يشد على البطن.
 يقول عباس وهو سائق تاكسي إنه لا يستطيع ارتداء حزام الأمان لأن سيارته قديمة، وحتى لو تيسر له شراء أخرى حديثة، فإنه لن يستخدمه لأنه يحب أن يكون حراً.
نحن حين نبتكر القوانين ولا نستطيع تطبيقها فهذه كارثة كبرى تؤدي إلى موت كلّ القوانين لاحقاً. قال هذا رجل أخذ شهادة عالية غير مزورة من موسكو وتابع: الشعب ومعه شرطة المرور عليهم قبول التغيير أولاً وبعدها نطبق القانون، وهذا التغيير لا يأتي من فرض غرامات وإنما من الثقافة والتوعية ومكافحة الفساد بين شرطة المرور.
ويقول صاحب الشهادة التي حصل عليها من روسيا وليس من لبنان، إن العراقيين تنقصهم الثقافة السلوكية، فلا عيب في ارتداء حزام الأمان، وعليهم أن يفهموا أن المقعد بجوار السائق هو للحيوانات الأليفة وأن المقعد الخلفي يمين السائق هو المكان الشرفي دائماً.
سمير وهو شاب خريج فلسفة، ويعمل غسّال سيارات على الرصيف، يقول إن المشكلة تكمن في وعي المواطن وثقافته وتركيبته العشائرية، والدولة لابد لها من السعي لاحترام الثقافة وزيادة وعي الشعب حتى يحترم القانون ويلتزم به.
الصباح
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here