حجة بوتين.. كيف كسرت فنلندا والسويد استراتيجية الغزو الروسي؟

السويد وفنلندا ستطلبان الانضمام للناتو

بعد تاريخ طويل من حيادهما العسكري، أعلنت كل من فنلندا والسويد أنهما سيتقدمان بطلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، في انعطافه تاريخية لهذين البلدين اللذين لم ينضما أبدًا إلى الحلف حتى في ذروة الحرب الباردة، وكان ذلك التحول نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا.

وأعلنت رئيسة الوزراء السويدية، ماغدالينا أندرسن، الاثنين، أن “الحكومة قررت إبلاغ حلف شمال الأطلسي برغبة السويد في أن تصبح عضوا في الحلف”. وأضافت “نخرج من حقبة لندخل حقبة جديدة” وذلك بعد عقدين من الحياد ثم عدم الانحياز العسكري.

وأكدت مجلة “إيكونوميست” أن قرار الدولتين يعد ردا، وتوبيخا شديدا، لاستراتيجية الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي لطالما زعم أن سبب الحرب في أوكرانيا هو “توسع الناتو”، مشيرة إلى أنه جاء كنتيجة مباشرة لهذا الغزو.

وأضافت المجلة البريطانية أن هذا القرار يعتبر ردا أيضا على أولئك الذين يلقون باللوم على الناتو في الحرب الروسية على كييف، وإنها جاءت بسبب “توسع الحلف في وسط وشرق أوروبا بشكل لم تقبله موسكو”.

وقالت إن قرار فنلندا والسويد يقلب هذه الحجة رأسا على عقب، ويؤكد أن الدول تسعى للانضمام إلى الناتو، لأنها مهددة من قبل روسيا، وليس لاستعدائها.

وأشارت إلى أن بوتين يستخدم بشكل متزايد القومية والدين الأرثوذكسي لدعم حكمه، لذلك هو بحاجة إلى أعداء في الخارج لإقناع شعبه بأنهم وحضارتهم تحت التهديد، لهذا يسعى لاستعداء بعض الدول المجاورة.

وأضافت أن روسيا دولة لديها تاريخ طويل كقوة إمبريالية، ومثل معظم الإمبراطوريات المتدهورة، تجد صعوبة في ابتلاع احتمال أن تصبح مجرد دولة أخرى.

وعلى مدار سنوات طويلة، كانت فنلندا والسويد عضوتين في منظمة “الشراكة من أجل السلام”، ومن الواضح أن أيا منهما لم تشعر أن هذا يوفر لهما الحماية الكافية، لأنه إذا تعرضتا للهجوم فلن يكون لدى الناتو أي التزام بالتدخل، كما أن الأسلحة النووية الأميركية والبريطانية لا تغطي أي من البلدين على غرار بقية أعضاء الحلف، بحسب المجلة.

وترى المجلة أن فنلندا والسويد محقتان في استنتاجهما من الحرب المأساوية الدائرة في أوكرانيا أنهما بحاجة إلى مزيد من الأمن، مؤكدة أن بوتين خطير ولا يمكن التنبؤ بأفعاله، وأشارت إلى أن عضويتهما ستساهمان في تأمين السلام الأوروبي.

وسيوفر انضمام الدولتين قدرات مسلحة هائلة للحلف، لا سيما في حرب القطب الشمالي، كما أن فنلندا تمتلك أكبر قوة مدفعية في أوروبا، يمكن دمجها بسرعة في هيكل قيادة الناتو.

كما ستضاعف عضوية الدولتين حدود الحلف مع روسيا، وستعزز أجزائه الشمالية لا سيما في منطقة بحر البلطيق، مما سيسهل عمليات الدفاع عن الأعضاء وإعادة الإمداد.

وأكد الرئيس الروسي، الاثنين، أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) لن يشكل “تهديدا” في ذاته، لكن موسكو سترد على عمليات الانتشار العسكري.

وأفاد بوتين خلال قمة نقلها التلفزيون لـ”منظمة معاهدة الأمن الجماعي” أن توسيع الناتو ليشمل فنلندا والسويد “لا يشكّل تهديدا مباشرا لنا.. لكن توسيع البنى التحتية العسكرية في أراضي هذه الدول سيدفعنا بالتأكيد إلى الرد”.

وقال بوتين: “هذه مشكلة تم اختلاقها بشكل زائف تماما، لأنها تصب في مصلحة السياسة الخارجية للولايات المتحدة”، مضيفا أن الناتو بات “أداة للسياسة الخارجية لبلد واحد”.

وأضاف “كل ذلك يفاقم البيئة الأمنية الدولية الصعبة أساسا”.

وكانت موسكو ردت على إعلان فنلندا رغبتها في الانضمام للناتو بقطع إمدادات الكهرباء عبر الحدود والتهديد بعمل “عسكري تقني”.

ويقول منتقدو توسع الناتو إنه يخالف التعهد الذي أعطاه جيمس بيكر، وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك، لروسيا في فبراير 1990 بأن الناتو لن يتوسع شرقًا. ويضيفون أن ذلك لم يكن “حكيمًا أيضًا”. وأشاروا إلى أن الغرب لديه طرق أخرى غير الناتو لتعزيز أمنه، مثل منظمة الشراكة من أجل السلام، التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الأمنية بين الحلف وغير الأعضاء.

لكن مجلة “إيكونوميست” تقول إن حلف الناتو “له كل الحق في التوسع، إذا كان هذا هو ما يرغب فيه المتقدمون”، مشيرة إلى أن اتفاق هلسنكي، الذي وقعته الدول الغربية والاتحاد السوفيتي في عام 1975، يعطي لكل دولة الحرية في اختيار تحالفاتها.

وأكدت أنه لسنوات عديدة كان الرأي العام في فنلندا والسويد ضد الانضمام إلى الناتو، لكن هذا التوجه تحول الآن بعد غزو أوكرانيا في فبراير، مضيفة أن كل دولة الحق في تقرير مصيرها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here