الهند تنكث بوعدها وتحظر تصدير القمح للعالم وتُبرّر خطوتها وأمريكا تُناشدها التراجع…

الهند تنكث بوعدها وتحظر تصدير القمح للعالم وتُبرّر خطوتها وأمريكا تُناشدها التراجع.. هل تنهش الدول بعضها لتأمين الغذاء ومن الأكثر تضرّرًا وماذا عن الثريّة منها؟.. أين البدائل وكيف تستفيد روسيا ولماذا لا يزرع العرب قمحهم وكيف تخلّوا عن أمان السودان الزراعي؟

عمان- – خالد الجيوسي:

لعلّ العالم سيكون أمام مخاوف جديدة بشأن أمنه الغذائي، فها هي الهند ثاني أكبر مُصدّري القمح بعد الصين، تُعلن حظر صادراتها منه، وهو القرار الذي اتّخذته الهند بعد موجة جفاف، وحر، وحالة من التضخّم، رفعت الأسعار المحليّة، ولعلّ الهند ستُقدّم أمنها الغذائي على اقتصاد تجّارها، الذين لم تقل صدمتهم وخسائرهم عن صدمة دول العالم بعد حظر 1.8 مليون طن بقيت عالقة في الموانئ الهنديّة، والتي باتت تعتمد الدول على القمح الهندي كبديل، بعد حظر التعامل مع القمح الروسي وتوقّف الأوكراني، بسبب تداعيات وعُقوبات الحرب الروسيّة على أوكرانيا.

لم يَمضِ ساعات على قرار الحظر الهندي، حتى قفزت أسعار القمح إلى مُستويات قياسيّة، حيث ارتفع سعر السلعة الغذائيّة الرئيسيّة إلى (453 دولارًا) للطن، ومع هذا الارتفاع، برّرت الهند قرارها حظر تصدير القمح، بأنها تُريد ضمان أمن غذاء سكّانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، وهو القرار الذي بالتأكيد سيفتح باب أزمة إمدادات الحبوب على مُستوى الدول، وهو ما حذّرت منه مجموعة السبع.

ومن غير المعلوم إذا كان الغرب يمتلك بدائل عن القمح الهندي، أو يستطيع مُمارسة ضُعوط على نيودلهي لثنيها عن قرارها، ولكن سارعت من جهتها الولايات المتحدة إلى التمنّي على الهند العودة عن قرارها، وتعتبر الهند ثاني دولة مُنتجة للقمح، وأصبح قرار السّماح بتصدير القمح يحتاج لإذن خاص من الحكومة الهنديّة.

الدول الغنيّة ربّما ستكون أمام أزمة قمح على المدى المُتوسّط والبعيد لكن لثرائها وقلّة عدد السكّان فيها مثل قطر والإمارات كأبرز مُستوردين للقمح الهندي يُمكن إيجاد بدائل وحتى سلطنة عُمان، ولكن الدول الفقيرة، والتي تُعاني من الحروب مثل اليمن، ستكون أمام مجاعة حقيقيّة نتيجة قرار الهند، وإن توفّر القمح فإنه سيكون بأسعار عالية، لا تتناسب مع القوّة الشرائيّة للمواطن اليمني المُحاصر، وفي ذلك الصّدد حذّرت مجموعة “هائل سعيد أنعم” المُستورد الرئيسي للقمح في اليمن “من مجاعة كارثيّة مُحتملة في جميع أنحاء اليمن”، كما أن مصر كذلك والعديد من الدول النامية تعتمد على القمح الهندي، لكن ثمّة أمل في مصر يتمثّل في موسم حصد القمح الجاري، والذي سيُخفّف من الأزمة.

ثمّة بدائل للقمح الهندي، في كازاخستان وأستراليا، وفرنسا، لكن هذه البدائل غير دائمة في حالة اندفاع كل الدول لها، وهو ما سيُشعل مُنافسة، وربّما صراع على القمح، لتأمين الدول مخزونها الغذائي.

روسيا في ظل تلك الأزمة التي تتشارك بنحو 30 بالمئة من صادرات القمح العالميّة مع أوكرانيا (ثالث أكبر مُصدّر للقمح)، ستكون مُستفيدة اقتصاديّاً، لأن الدول ورغم العُقوبات الغربيّة على صادراتها، ستضطر لشراء المزيد من القمح الروسي.

ورغم إعلانها حظر تصدير قمحها، تعهّدت الهند بتزويد الدول الفقيرة التي تخشى على أمنها الغذائي، لكن شُكوكاً تدور حول هذه التعهّدات، فالهند كانت أساساً قد تعهّدت للرئيس الأمريكي جو بايدن بأن تكون البديل عن القمح الأوكراني، لكنّها اليوم نكثت بهذا الوعد.

ورغم خُصوبة الأراضي الصّالحة لإنتاج القمح في الدول العربيّة، إلا أن سياسات تهميش المنتج الزراعي وتدمير الأراضي الخصبة لصالح المشاريع الاقتصاديّة كلها عوامل ساهمت في تدهور الإنتاج الزراعي في العالم العربي، فيما كان يُمكن للسودان أن يكون سلّة العرب الغذائيّة، والاكتفاء الذاتي لهم، لكن التهميش العربي لهذا المشروع المُتكامل، أوصل حال المُزارعين في السودان إلى البحث في كيفيّة تأمين أمنهم الغذائي، والاضطرار لبيع أراضيهم، والهجرة.

وفي العربيّة السعوديّة التي تعتمد في غذائها على المخزون القمحي المُستورد، تعالت أصوات للتنبّه لحظر القمح الهندي، ومُواصلة مشروعات الاكتفاء الذاتي المحلّي، وإلا ستكون المملكة ورغم ثرائها ضمن صراع دولي لتأمين القمح.

وستكون دول العالم أمام مُراقبة يوميّة لأسعار القمح، حيث قفزت الأسعار إلى مُستوى قياسي عقب قرار الهند حظر تصدير القمح، وذلك بسبب تراجع إنتاجها جرّاء موجات الحر الشديد التي ضربت البلاد، وارتفعت أسعار القمح مُنذ أشهر إلى مُستويات غير مسبوقة في الأسواق العالميّة، وزاد سعره بنسبة 40 في المائة خلال ثلاثة أشهر والسوق “متوترة جدًّا” بسبب مخاطر الجفاف في جنوب الولايات المتحدة وغرب أوروبا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here