فاصل فكاهي مع مقتدى

فاصل فكاهي مع مقتدى
كان خطاب مقتدى الصدر الأخير ذو الدقائق الأربع فكاهياً بامتياز ، ففيه لغة الجسد المتشنجة والمهددة التي بعثت على الضحك وفيه مغالطات وأكاذيب دفعت مستمعيه إلى القهقهة فضلا عن أخطائه البيانية و النحوية التي تحفل بها كل خطاباته منذ أن ابتلي العراقيون بإطلالته عليهم عبر شاشة قناة العربية في أيار 2003 عندما اعتبر جنود الإحتلال الأميركي ضيوفاً على العراق ، و قد أثار مقتدى آخر غباره بسبب فشله و حلفائه في الإنفراد بالقرار العراقي و بالتالي اقتسام السلطة و الثروة في بلدنا المنكوب بهم منذ حوالي ربع قرن . فبداية هدد مقتدى جماعة الإطار التنسيقي – وهم في النهاية جميعا من طينة واحدة – بالويل و الثبور في حال إصرارهم على الحيلولة بينه و بين غنيمة السلطة التي طال انتظاره للإستحواذ عليها مما يمهد له الوصول إلى موقع الولي الفقيه في العراق ، وفي واقع الأمر لا يملك مقتدى من مفاتيح القوة لتنفيذ تهديده هذا إلا إشعال وإشهار الحرب عليهم ، و تثور شكوك جدية حول موافقة حلفائه الأكراد و العرب على التورط معه في هكذا مغامرة فهم في نهاية الأمر يصبون إلى أكل العنب و غير معنيين بقتل الناطور.
وقد برر مقتدى هجومه على خصومه بأنه يحارب الفساد ، وهنا يجب أن نسأله ألم يكن هو و تياره جزءاً من الفساد الذي بات مضرب المثل في العالم أجمع ؟ من الذي نكب العراق بفاسدين قلّ نظيرهم في عالم السرقة و الرشوة و الإغتيالات و الإبتزاز أمثال بهاء الأعرجي و حاكم الزاملي و أبو درع اللامي ومئات غيرهم ؟ بل هل يمكن للعراقيين أن ينسوا أن مذكرة إلقاء قبض قانونية أصدرها القاضي الشجاع رائد جوحي بحق مقتدى الصدر بتهمة ارتكابه جريمة قتل عمد مكتملة الأركان لعبد المجيد الخوئي و مرافقيه في قلب المسجد العلوي في النجف ، ولعل تلك المذكرة هي سبب عداء مقتدى للقضاء وتهجمه عليه في كلمته الأخيرة ، ولنا أن نسأل مقتدى – عدو الفاسدين – وهو ليس مرجعاً يُجبى إليه الخُمس وليس ذا راتب أو دخل معروف ، فمن أين له أسباب معيشته ومن أين له ثمن موكبه السيار المؤلف مما يزيد عن ثلاثين سيارة رباعية الدفع مصفحة ومن أين له ثمن طائرة خاصة و من أين له ثمن بناية ذات أربع طوابق اشتراها قبل أعوام في ضاحية بيروت الجنوبية ومن أين كدّس رصيداً مصرفياً ضخماً في بيروت و دبي فضلا عن النجف في حين يعلم كل مطّلع على الشأن العراقي أن والده لم يترك له ثروة تبرر مستواه المعيشي الذي يحاكي مستوى كبار الأثرياء و اللصوص ، فهو حتى عشية احتلال العراق 2003 كان يتلقى دعما مالياً و عينياً من رئاسة الجمهورية يحمله إليه في كل موسم ضابط المخابرات المنسّب لديوان الرئاسة السيد همام أسعد ! وإنصافاً له فقد أمر قبل ثلاث سنوات باعتقال الفاسد الأشهر في جماعته بهاء الأعرجي في أحد بيوته بالحنّانة ثم أطلق سراحه بعد ثلاثة أشهر عقب اقتسامه مناصفة ما سرقه بهاء من ثروة شعب العراق ، وكذلك فعل مع كل من جمع مالاً حراماً من كبار لصوص تياره .

كان أهل النجف في تسعينات القرن الماضي يتداولون نادرة تتعلق بمحمد الصدر – رحمه الله – إذ كان يردد على مسامع ابنه مقتدى وكان قد تجاوز سن المراهقة ما معناه أنه لو يبقى ملتزماً الصمت في مجالسه مع الناس و ينشغل بما أمامه من أطباق الدهين و الساهون وحلاوة الجزر ولا يتدخل في الأحاديث و المواضيع الجادة محل النقاش في المجلس لهو أكرم له و أحفظ لهيبة عمامته ، وليت مقتدى حفظ تلك النصيحة المخلصة ففي كل خطاب له هفوات و أخطاء آخرها ما نطقه بالأمس لا فُضّ فوه ، فقد قال لخصومه أن فسادهم بات مثلا يُحتذى و قد قصرت بلاغته عن إدراك أن المثل الطيب هو الذي يُحتذى أي يتمثل به الناس وأن السوء يُضرب به المثل ، رحم الله أبا الأسود الدؤلي في إنشاده :
لا تنه عن خلق و تأتي مثله عار عليك إن فعلت عظيم
علي الحسن

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here