روسيا توظف القضية الفلسطينية في خلافها مع إسرائيل

روسيا توظف القضية الفلسطينية في خلافها مع إسرائيل
فاضل المناصفة
سلطت الأضواء على الزيارة التي أجرها وفد من حركة حماس الى موسكو في مطلع الشهر الجاري، اذ انها تأتي في سياق زمني متصل بما يجري في أوكرانيا، وما تلاها من توتر في العلاقات بين موسكو وتل أبيب، الأمر الذي جعلها تبدوا كزيارة على غير العادة، ومرتبطة بأجندة روسيا في منطقة الشرق الأوسط ورغبتها في توظيف القضية الفلسطينية وحماس لاستفزاز لإسرائيل.
ولجعل الزيارة لا تعدوا كونها تمهيدا لما سبقها من دعوة في يونيو الماضي لاستضافة جولة جديدة من جولات المصالحة الفلسطينية، ، جاءت زيارة عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة فتح حسين الشيخ الى موسكو يوم الثلاثاء الماضي لتؤكد ذلك.
في ظل هذا الضغط الشديد الذي تعيشه الديبلوماسية الروسية بسبب ما يجري من تبعات الحرب في أوكرانيا، اختار لافروف إعادة فتح ملف المصالحة الفلسطينية، وتوظيفه للفت الأنظار حول ما يجري في ساحة الحرب، وحتى وان كانت الدعوة قد سبقت العملية العسكرية في أوكرانيا بشهرين ولكنها لم تكن من سلم أولويات الخارجية الروسية، الا أن التطورات الجارية والتوتر الحاصل بين موسكو وتل أبيب، جعلها تأخذ حيزا مميزا في أجندة بوتين والكرملين، بالإضافة الى ربطها بجملة من الرسائل السياسية.
روسيا على دراية بالملف الفلسطيني بأدق تفاصيله وتعلم أن المصالحة الفلسطينية في ظل الظروف الراهنة غير ممكنة مع إصرار حماس على شروط مسبقة قبل التفاوض، ولأن حوار القاهرة قدم كل شيء ولكنه لم يستطع لم شمل الفرقاء وهي تعلم كذلك أن الإرادة السياسية غير متوفرة لدى حماس، ولكن لا مانع للكرملين في توظيف هذه الأخيرة لخلط أوراق إسرائيل وللرد على مساندتها العسكرية لأوكرانيا واشراكها لبعض المرتزقة الإسرائيليين في كتيبة آزوف، وبالطبع لا تمانع حماس بالمشاركة في اللعبة الروسية مادام القاسم المشترك بينهم هو ‘’ إسرائيل “ .
 علاقة “حماس” بروسيا بدأت بشكل رسمي في العام 2005، وتخللها عقد لقاءات عدة على مستويات مختلفة كان أبرزها لقاء خالد مشعل بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سنة 2006 عقب نتائج الانتخابات التشريعية، واستقباله أيضا من طرف رئيس الوزراء الروسي، ديميتري ميدفيدف، في العام 2006، ولقاء ثان أثناء تولي هذا الأخير للرئاسة في العام 2010 في دمشق بحضور الرئيس السوري بشار الأسد، والمعروف أن روسيا كانت تنظر لإشراف حماس على غزة بأنه تغيير استراتيجي في المنطقة لا تمانع فيه، بالرغم من امتعاض الإدارة الأمريكية وقتها، ولم تسعى روسيا لمساعدة حماس لأنها أرادت أن تبقى على مسافة واحدة من متخلف الأطراف ولو أنها كانت أقرب لحماس من السلطة الفلسطينية .
ان الخارجية الروسية في الوضع الراهن حريصة أكثر فأكثر على عودة العلاقات بين دمشق وحماس أكثر تحقيق من المصالحة الفلسطينية، لما سيحققه عودة التقارب بيت دمشق وغزة من قلق لإسرائيل، كما أن تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” موسى أبو مرزوق الأخيرة كشفت بأن الحركة تأمل في عودة العلاقات مع دمشق على الرغم من تعقيداتها، تكشف أن روسيا قد تقود دورا في هذا الصدد لتستفز إسرائيل ليس الا.
روسيا لن تستطيع الذهاب بعيدا في علاقاتها مع حماس ودعمها على حساب علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل ورجال الأعمال اليهود الموالون للدولة العبرية، وهي ترى أن فتور العلاقات الديبلوماسية مع تل أبيب مجرد سحابة صيف لا ينبغي بأي شكل من الأشكال أن تصل الى القطيعة التامة، لما للبلدين من مصالح مشتركة في المنطقة وتنسيق أمني في الملف السوري والملف النووي الإيراني، وحماس تدرك هذا جيدا ولكنها لا تفوت الفرصة للصيد في الماء العكر وفي ظل الخلاف القائم بين روسيا وإسرائيل من جهة وروسيا وأمريكا من جهة أخرى، لعلها تتني أمريكا عن رغبتها في تصفية الأونروا، قطعا للطريق أمام المساومة الروسية للحركة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here