وادي الارواح / رواية / الفصل الرابع عشر (الاخير)

وادي الارواح /رواية / الفصل الرابع عشر (الاخير )

ذياب فهد الطائي

حين بدأت افكر وأنا أقود سيارتي الى مقر عملي ، بالمقارنة بين حياتين عشتهما ، الأولى امتدت ملايين السنين وأخرى لم تتجاوز بعد السنة والنصف، أدركت إن هذا بداية مشاعر مضطربة قد تقود الى الندم ،الضجر الذي اشعر به الان مررت به في ملكوت الرب أيضا ،هل إن الحياة بأي شكل أو مكان يدفع امتدادها الى الضجر؟، ولكن هل إن البديل هو حياة قصيرة مفعمة بالحركة والتنوع والسعادة …..كيف ستكون ؟ في مملكة الرب عالم غير مرئي بعيد عن المعرفة ولكن في الكون المرئي العالم مرئيا والمعرفة بلا حدود والفضول بلا نهاية ،

حين حييت السيدة كوميت وأنا أمر أمام بابها المفتوح

قالت –جاكوب …ضع حقيبتك في مكتبك وتفضل عندي

لم أرد عليها توقعت إن لديها افكارا جديدة تتعلق بالتصاميم أو الإنتاج ترغب في مناقشتها معي، تركت حقيبة يدي على المكتب وأغلقت باب مكتبي .

على الأريكة الجانبية كان يجلس شخصان بملابس أنيقة وهيأة رسمية ، لفت نظري حذائيهما اللامعين ..

قالت كوميت تفضل وهي تومئ الى الكرسي المجاور لمكتبها

تابعت –السيدان جاءا لمقابلتك ، ولخصوصية الموضوع سأتركك معهما،

لم تقم بتعريفي بهما وفهمت إن الموضوع لا علاقة له بالعمل ولهذا فضّلت أن يبقى في نطاق السرية وأن يبقى الحديث داخل إطار تبادل معلومات غير مسموح الإعلان عنها، شعرت بشيء من الإرتباك لضبابية ما أواجهه ،

كانا يجلسان باسترخاء ، أحدهما تجاوز الخمسين بقليل ممتلئ ،في المتبقي من شعره على الصدغين شعرات بيضاء ،عيناه الضيقتان بنظرة مرواغة تكشف عن طبيعة لئيمة أكسبتها خبرته في التعامل مع الاخرين تأصيلا ، أما الثاني فقد كان طويل القامة يمتلك جسما رياضيا من الواضح انه حافظ على لياقته العالية الظاهرة بالتدريب المتواصل ، نظرته لامبالية ولكنها تكشف عن ميل للعنف

-تفضل بالجلوس سيد جاكوب ، قال الأصلع

حين جلست نظرا نحوي بتدقيق

-سأدخل بالموضوع مباشرة ، سأقدم لك مقترحا فإذا وافقت من حيث المبدأ نلتقي في مكتبي لبحث التفاصيل ،أما إذا رفضته فكأنك لم تقابلنا

– لابأس ، ولكن ألا يجب أن أتعرف عليكما ؟

-بالتأكيد …نحن من قسم العلاقات الخارجية في وكالة المخابرات المركزية ، ولكن لاحاجة للأسماء في هذه المرحلة

– أه…فهمت

-حسنا ، المقترح هو دعوتك للإنضمام الى الوكالة لأن الدراسة المتعلقة بشخصك تتوافق وحاجتنا الى شخص بمثل مواصفاتك

– وهل تعلم إدارة الشركة هنا بذلك

تردد الأصلع في الرد برهة ثم قال- حسنا ….نعم … والمدير التنفيذي العام للشركة كان أحد رؤساء الأقسام الفنية في الوكالة قبل أن يتقاعد ويعمل في الشركة

-فهمت …أنا بحاجة لدراسة الموضوع

-كم يستغرق هذا ؟

– يومين

– اذا بانتظار ردك على هذا الرقم

ناولني ورقة صغيرة ملونة مطوية بعناية ، نهضا مودعين

– سأكون سعيدا ان تعمل معي ، قال الرجل الرياضي وهو يشد على يدي ويغمزني

– ليرشدنا( القدير) الى مافيه الخير

خرجا ، عدت الى الكرسي ثانية موزعا بين الإستغراب والتوتر ..دخلت السيدة كوميت ولكنها لم تشر الى اللقاء المفاجئ

–التصميم النهائي لماكنة مساعدة المرأة في المطبخ متعددة الاستعمالات ستكون عندك في الثانية عشر ، ارجو ان تجري إختبارا عمليا لخمس مرات، كما تحدد الألوان المقترحة

-نعم ….قلتها بالية وانا مأ أزال تحت ضغط الافكار الملتبسة

تجاوزت ما أعانيه رغم إني كنت متأكدا إنها تعرف ذلك ،غادرت الى مكتبي فيما انشغلت السيدة كوميت بتصفح بعض الاوراق،

في مملكة الرب لم يكن عندنا اجهزة استخبارات أو تجسس فقد كان (القدير)على علم بكل شيء ، قفز الى ذهني تساؤل غريب ، هل كان (القدير) يعرف ما سيحصل معي في الكون الأرضي ؟ استبعدت ذلك ولكن ظلال الشك كانت تتكاثف في مخيلتي مخلفة تشويشا في افكاري .

في صالة الشقة مساء كان ابليس يجلس مستغرقا في تفكير عميق ،لم ينتبه الى دخولي الحذر أو ربما خيّل لي ذلك

-إني أشفق عليك فستتعب كثيرا

-ليس هذا مما يعنيك

-بل هو هو يعنيني فعلا

– ولكن بم كنت مشغولا قبل مجيئي ؟

اعتدل في جلسته وأبتسم – أمر غاية في الغرابة ، كنت أفكر إن الانسان قبل بضعة الاف من السنين كان يصنع الهته ولكنه اليوم يصنع شياطينه ،الأمر لا يعنيك …والان ستكون أحد حماة الامن القومي الامريكي!!

-لم أعط موافقتي بعد

– ستعطيها …ستكون أول ملاك يعمل في المخابرات الدولية

– لاتسخر وأنت في بيتي

-حسنا …هل تحتاج الى معلومات عن مقابلتك

-كلا …

– لا أسعى الى أن أضمن لك النجاح ، على الاقل تاخذ فكرة

-كلا ايضا …سيكون عملا غير مشروع

-هل انت جاد ….الم يعلّم (القدير) ادم الاسماء كلها حين قدّمنا للمناظرة معه

-لا أناقش افعال(القدير)

– ابداء الرأي يعني ممارسة الحرية

-أنت تتمتع بحرية مطلقة في حين إن مالحظته في الكون الأرضي إنهم محاصرون بأشكال القيود الظاهرة ، والخفية فيما يدعونه باللاوعي

-أرجو أن تنتبه ففي محاولتك أن تجرب قد تندفع نحو أخطاء غير محسوبة نتائجها

-شكرا ….سأحتفظ بنصيحتك

– أمر اخر ، هل تظن إن القدير قد وافق على أن تنزل للكون الأرضي لأنك رغبت في ذلك ، من معرفتي به وأنا ألازم عرشه ملايين السنين لا أظن ذلك

صمت وهو يتطلع الى المدينة المضاءة بالاف المصابيح الكهربائية والتي تبدو كأنها في كرنفال ونحن معلقون فوقها في الطابق الثامن والعشرين

تابع دون أن يلتفت نحوي

–لقد أراد أن يجرب كيف ستكون حياة الملائكة إذا ما سمح لهم بالنزول للعيش مثل البشر ، وكنت أنت اكثر الجميع مناسبا لهذه التجربة ، والكون الأرضي سيشهد تحولا هائلا في مجريات الحياة فيه، والتقدم التكنولوجي سيتضاعف عشرات المرات بحكم إن الملائكة يملكون مخيلة لا حدود لها وقدرات فكرية تكون معها التكنولوجيا الحديثة السائدة مجر لعب اطفال للتسلية.

بدأ مطر كثيف يضرب شباك الشقة، وفي الشارع كان المارة يشكلون بمظلاتهم الملونة وهم يسرعون الخطى لوحة بالغة الغرابة ،لوحة تتغير كل لحظة بتغير سرعة المارة ، كان بعضهم يسرع في خطاه متجاوزا الاخرين ولكن فرادى كانوا يسيرون غير متعجلين وكأنهم يستمتعون ، السيارات التي تقترب من حافة الرصيف تتسبب عجلاتها برشق السائرين على الرصيف بدفقات من الماء الذي كان يجري بسرعة في موازات الرصيف الى فتحات المجاري ,

قال ابليس ،هكذا ستكون الحياة الجديدة في إطارها ثابتة ، وداخله متحركة، تتغير كل لحظة ، هذا هو نتاج وجود الملائكة والبشر في الكون الأرضي، وسيظل القدير يراقبهم أو …أقول(أو…) ينتقل الى مجرات أخرى ويترك الكون الأرضي لمصير غامض ، لم أعلق على كلامه فقد بدأت أشعر بالخوف ، وانتبهت الى إني أفكر كإنسان في الكون الأرضي يرعبه المجهول .

في الشركة قالت السيدة كوميت وأنا ألقي عليها تحية الصباح

-هل من أخبار ؟

-عن ماذا ؟

-زوّارك أمس.

– سأتصل بهم بعد أن أطلع على البريد

لم تعلق ، ذهبت الى مكتبي ، التصاميم كانت تفتقر الى لمسة جمالية أكثر وضوحا ، أجريت تعديلات على الألوان المقترحة وراجعت الإعلان الذي يرافق عرض الصور ،حين رفعت سماعة الهاتف كنت قد قررت الموافقة.

في المجمع المحاط بسور يخضع لحراسة مشددة ،والمكوّن من مجموعة من البنايات التي يرتفع بعضها الى أكثر من ثلاثين طابقا، سألني الجندي عند البوابة الحديدية العملاقة عن وجهتي ،حين أخبرته إن لدي موعدا طلب أن ادخل غرفة صغيرة تجلس فيها فتاة في الثلاثين بملامح مبتسمة ومرحة ،كانت تشد شعرها الأشقر الطويل على هيئة ذيل الحصان وكان يتأرجح وهي تسألني عن الجهة التي حددت لي الموعد ، اخبرتها العلاقات الخارجية ، تناولت دفترا مستطيلا ، التفتت نحوي وقالت نعم جميل إنك على الموعد تماما ، طلبت من جندي كان يجلس مستندا الى الحائط أن يرافقني الى البناية رقم 22 الطابق السابع غرفة رقم 11 ،حينما كان يسير أمامي بدى وكأنه رجلا اليا ، لم يلتفت، متصلبا في انتصابه ويتقدم بخطى عسكرية لجندي في مسيرة استعراضية، أخذنا مصعدا الى الطابق السابع ،تنحى جانبا عندالغرفة 11 واشار أن انقر على الباب ،فتحت الباب امرأة ملونة خشنة الملامح قالت تفضل ، أشارت الى كنبة بنية من قماش صوفي خشن ، جلست …السكون يسود على نحو وكأنه يسكن المكان ، لم تسألني شيئا ، بعد أقل من دقيقتين أطل من باب في أخر الغرفة الشاب الرياضي الذي حضر الى الشركة تسبقه ابتسامة غامضة، حين تبعته شعرت إني أمارس طقوسا لمجموعة سرية تستخدم السحر في نشاطها اليومي ،عبرنا ممرا بجدران عالية ثم دخلنا صالة مستطيلة جدرانها عارية تماما مصبوغة بلون رمادي قاتم ، منضدة وراؤها اربعة كراسي بمساند مرتفعة وعلى مبعدة اكثر من خمسة امتار كرسي من الخشب عليه مقعدا من القماش القطني بلون الجدران ،

قال الشاب الرياضي –يمكنك ان تستريح على الكرسي وتراجع الملف الذي على المقعد لمدة خمس دقائق يحضر بعدها أعضاء لجنة المقابلة ،

تركني وحيدا ، شعرت إني في طقس ديني سري يتعمد الرهبة للتهيئة التي تسبق قيام الضحية بالاستسلام تماما وهو تحت تأثير شكل من التنويم المغناطيسي،كان الملف المطروح على المقعد بلونه الاصفر الميّت يذكر بلفافات الوصفات عند العطارين في أسواق بابل كما قال هاروت ، تذكرت مسلسلا امريكيا عن الوكالة والذي يكشف فيه المخرج إن الجميع يخضعون للمراقبة عبر مئات الكاميرات المزروعة في كل زاوية ، وربما يخضع موظفوا الوكالة داخل مقرات مكاتبهم الى المراقبة أكثر من أي مواطن امريكي ، كان في الملف ورقة واحدة مطبوعة تحتوي علي عشرين سطرا في كل منها معلومة عن شخصيتي ….الاسم …الميلاد ….اسم الابوين …. الدراسة …التنقلات …زياراتي لنادي بوسا نوفا …علاقتي بماري …..باختصار كل ما فعلته منذ دخلت نيويورك واستخرجت الأوراق الرسمية التي تعرّفني،

دخل رجل تجاوز السبعين نظراته حادة وأنفه معقوف وشعره الأبيض قصّ قصيرا،رفع يده محييا وكأنه يمارس عادة درج عليها ،دخل وراءه شخصان أحدهما بملابس مدنية زرقاء والاخر يحمل رتبة رفيعة في قوات المارينز، كان طويلا محلوق الرأس ولا يضع عليه شيئا فيما كان على صدره مجموعة من النياشين تشير الى إنه خاض معارك عديدة ،جلس الثلاثة فيما لم يحضر الرابع وبقي الكرسي فارغا،

قال الرجل الكبير – حسنا سيد جاكوب هل قرأت الملف

-نعم سيدي

-في الملف مجموعة من الثغرات التي سيطلب منك لاحقا ان تقدم اجابات واضحة بشأنها،

صمت وتطلع الي بتمعن

-إذا أنت توافق على الالتحاق بالوكالة

-نعم

-لماذا ؟

وجدت إن في هذا الاستفسار شيئا من التغابي المتعمد

-لأنكم طلبتم ذلك ، فأنا لم يخطر ببالي أن أنضم الى الوكالة ،وحينما فاتحني رجالكم دهشت أولا وطلبت فترة لدراسة الطلب ، لهذا أقترح أن تسألهم عن سبب اختياري .

-اه…..قالها ممطوطة وفرك يديه وهو يتطلع نحو الرجل المدني الطويل

تهامس الثلاثة بشيء ما ثم قرروا المغادرة ، دخل الشاب الرياضي

وقال-حسنا هل تسمح بمرافقتي ؟

تركت الملف الأصفر على الكرسي وتبعته ، نقر على باب خشبي بمقابض ذهبية ثم فتحه ، في الداخل كان الرجل الأصلع الذي قابلته في الشركة ، أشار أن أجلس ثم رفع سماعة الهاتف ، انفرجت أساريره وأعاد السماعة مكانها

-ماذا تود أن تشرب ….او اذا وافقت نحتفل في الكافتريا بانضمام عنصر جديد الى الوكالة !!!

وقف الشاب الرياضي واحتضنني بحماس ،

-اسمح لي أن أكون أول المرحبين بك ….إسمي ستيوارت فان دير

ترك الرجل الاصلع كرسيه وتقدم يصافحني – أنا وليم راؤول ،معاون رئيس قسم العلاقات الخارجية

في الكافتريا الواسعة والمضاءة على نحو مدهش كانت الكراسي الوثيرة والمناضد الملونة تشعرك بالبهجة فيما يسمح الجدار الزجاجي الذي يدور حولها بالاستمتاع بمنظر المطر الذي تدفع به غيوم داكنة الى الأرض ،كان ابليس يجلس مسترخيا يشرب عصيرا طازجا باسترخاء وكأنه ينتظرني

-حسنا …أنت تعمل الان في الوكالة …ما رأيك بأن نتعاون في عمل مشترك؟

-قطعا لا

– هل العمل معي أسوء من العمل في الوكالة !!

-الوكالة مؤسسة حكومية أما العمل معك فهو ضد رغبات الرب

ابتسم بمكر – والوكالة تعمل وفقا للوصايا العشر!! ….ألا تعتقد إنك في بدايات طريق النفاق ؟

-لماذا لا تتركني …أمامك الكون ألأرضي فما يدعوك الى تركه وملاحقتي ؟

-ربما الجائزة الاولى التي تنهي الرهان مع ( القدير )

في الكافتريا كان أكثر من خمسين موظفا ، وقف راؤول ورفع يده طالبا من الجميع الاستماع له .

-نحن نحتفل الان بمنتسب جديد …منتسب فريد ومتميز فهو يجيد عشرين لغة ولديه القدرة على تعلم أية لغة خلال أيام إذا ما اختلط بمن يتكلموها ،كما إنه يملك القدرة على ابتكار عدد كبير من السيناريهات لأية قضية يمكن أن تواجهنا ، رحبوا معي بالسيد جاكوب فشرمان ….

صفق الجميع ثم رفعوا كؤوسهم ، شعرت بشيء من الإحراج فيما نهض ابليس وهو يبتسم واختفى خلف ستار المطر الذي كان يلف نيويورك.

حين عدت الى شقتي لم أفتح الضوء ،استلقيت على أريكتي وسط الصاله، كنت افكر بما قاله ابليس …ثم لماذا قبلت بهذه السرعة ؟

وما هي المهام التي سأكلف بها ؟

شعرت بشيء من الإرتباك …تناولت زجاجة مشروب مكسيكي حاد وافرغت كأسين صغيرين بالتتابع ، فتحت الشباك …كان المطر قد توقف وبدت السماء تضج بنجوم تتلألأ بحبور …لم يظهر القمر فيما هواء بارد يعبر الشارع 28 ويتمدد في مانهاتن ثم في المدينة ويعبر نحو البجر الذي تحرسه على مدار الساعة سيدة الحرية بشموخها معلنة إن من يحمي امريكا هي أوربا .

حين استلقيت على فراشي لم أستطع النوم ، في مملكة الرب لم نكن ننام وحتى إنّا لا نعرف ما يعنيه، وبالنسبة لي كنت أعمل لمئات السنين دون ان أشعر بالنعاس أو يخطر في بالي أن أنام ، الان النعاس يمسك بعيني ولكن دوران الافكار في عقلي يجبرني على الإستيقاظ، شعرت إن رأسي بدأ يغشاه الصداع …وعلى الجانبين خدر ممض

كيف اتخلص من موافقتي العمل في الوكالة ؟ ماذا لو اعتبروا تراجعي تحديا لهم ؟

خرجت الى الشارع الفارغ تقريبا من المارة ، توقف عندي سائق تاكسي قال هل يرغب السيد بالذهاب الى مكان ما ، قلت شكرا أود أن اتجول في الجوار، قال بان لديه مكان لقضاء باقي الليلة لن أنساه …فتيات جامعيات مثل حضرتك، قلت شكرا قال بشيء من الحدة هل أنت مثلي ، يمكن تدبير ذلك أيضا ، انتقلت الى الجانب الاخر من الشارع ، سمعته يطلق شتيمة بذيئة

حين عدت الى شقتي اتخذت قرارا بأن اتواصل مع (صديق الانبياء ) فقد كنت تحت ضغط مشاعر ملتبسة وحيرة عمياء تجعل من الصعب التركيز لاتخاذ قرار مناسب ،

لم يردعلي مما زاد وضعي سوءا ،حين بدأ الفجر يتقدم ببطء فوق نيويورك ويسمح للمباني التي كانت تبدو أشباحا تتزاحم في شوارع ضيقة ، أن تبدو هياكل دقيقة التصميم ومبان تتمتع بأشكال متباينة تسترخي في مساحاتها ،كنت أقف الى الشباك المفتوح أشرب برد الصباح وأتطلع نحو السماءالتي بدأ الفجر يغادرها الى الكون الأرضي بثقة تدفعه شمس شتائية كسلى ،

سمعت (صديق الانبياء) يقول – أنت مخير ان تعود أو أن تبقى ؟

-أعود ،

قلتها بتسرع جازم

– لقد كان القدير يرقب تجربتك وكنا جميعا نتطلع الى ما سيحصل معك

– لقد حصل الكثير وأشهد إن الحياة الانسانية ليس ما خلقنا له ،وهي أكثر تعقيدا مما كنت اتصوره.

– هذا النهار سترفع ثانية ، هل لديك متعلقات مع الاخرين ؟

– لا

سنلتقي مساء تحت عرش (القدير)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here